2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

شـــرق ... وغرب

د. محمد العودات
جو 24 :

أصبح مفهوما لدى الجميع ان الدولة لا تريد قانون انتخابات من شأنه ان يفرز مجلسا نيابيا ذا أغلبية اسلامية حتى لو كان ذلك عين الديموقراطية والشفافية والعدالة. حجة اصحاب ذلك الطرح هو التخوف من التيار الاسلامي "الاخوان المسلمين" صاحب الاغلبية الغرب اردنية، حسب طرحهم، وان ايصال ذلك التيار الى الحكم من خلال حكومة برلمانية مستقبلا سيقود الى تمكين فعلي للاردنيين من اصل فلسطيني من الحكم في الاردن والذي حسب زعمهم ايضا سيكون الاداة في الاخلال بمعادلات الامن الاجتماعي، وتطبيق مآمرة الوطن البديل، وتمكين جهات ودول خارجية من التأثير في القرار الوطني كحماس والجماعة الام في مصر وقطر او تركيا مثلا.


هذا الرأي غير المعلن رسميا والذي يرشح لآذان كثير من الشرق اردنيين بمناسبة وغير مناسبة من قبل دوائر معروفة لاشاعة روح الخوف والتجييش والقلق الرامي الى الارتماء في احضان "الدولة" بتركيبتها الحالية والسابقة لانصاف هذة الشريحة من خطر مستقبلي قادم. وبالتالي تسوّق هذه الجهات الاصلاح للشرق اردنيين على انه تخلي عن موروث سياسي ممتد وطعن في الوطنية الاصيلة كما يتصورونها وتبرع بالوطن بالمجان لفئات وجهات داخلية وخارجية ستوظفه في ما يخدمها ويحقق مصالحها مستغلة شعارات رنانه وآيات قرآنية. أنا ارفض هذا الطرح جملة وتفصيلاً وازعم انه يفتقر للعمق والنزاهة وان من شأنه تقويض مبدأ الوحدة الوطنية، والامن الاجتماعي ويتنافى مع العدالة والمساواة وروح التغيير التي ولدت بعد الربيع العربي بما هو اقرب للمعجزة الالهية.


حتى لو صدقت الاحصائيات والبيانات حول التركيبة البنيوية للتنظيم وحتى لو ثبتت رجاحة التحليلات والتوقعات للاستراتيجيات المحتملة والتوجهات المستقبلية المزعزمة حال تمكن التيار الاسلامي من الحكم فانني لا ارى خطرا محيطا على البلد واهلة ومستقبلة يستدعي تقويض المسيرة الاصلاحية والانكفاء عنها وفبركتها بتوظيف تلك الحجج.


الشعب الاردني، بشقيه ان جاز التعبير، اصبح واعيا ومدركا بشكل قد يفاجئ الكثيرين في الداخل والخارج ولم يعد هو ذاك الشعب الذي يقبل ان تدار شؤونه باساليب بدائية ورؤى واهية لا تستند الا على انحياز ديموغرافي ظاهري، ومنطلقات عشائرية مناطقية ضيقة تفتقد الكفاءة و تنادي اصولي جاهلي يعود بالبلد ومسيرته التنموية والاجتماعية الى ما قبل نصف قرن.


لقد وثب الاردنيون، في قراهم ومحافظاتهم، لنصرة وطنهم ومستقبل اجيالهم عندما احسّوا بان هناك خطر حقيقي قادم على ايدي الديجيتال الفاسدين واسقط الاقنعة عن كل المخططات التي كانت ترسم بليل لهذا البلد وطالب حتى بمحاسبتهم وزجهم في السجون مهما علت بهم المراتب والصلات الاجتماعية الضيقة. كان هذا بعد ممارسات من التجهيل، ومعادات الحزبية، وترسيخ ممنهج للعشائرية الشكلية (الصوت الواحد) وممارسات لشراء الذمم امتدت على عقود طويلة من عمر المجتمع الاردني وفي القرى والمحافظات بالذات.


لماذا كل هذا التخوف من انفراد تيار ما بالسلطة؟ الن يكوم الاردنيون له بالمرصاد؟ اليست الشوارع والميادين هي نفسها التي سيحشد بها الاردنيون جموعهم لتصويب مسار اي متطلع للتفرد بالسلطة كما يحدث الان واكثر؟ وبالذات لمناهظة تيار لا يحظى بربع ما حظي به حالقي الرؤوس من تأييد وتلميع و"هيلمان".


سياسة التخويف والتخوين والفزّاعات سقطت جميعا بالذهنية الجمعية للمجتمعات العربية بعد الربيع العربي. ولم يعد احد يصدق الخطاب الرسمي الداعي الى عدم الابحار خوفا من تداعيات الموج باشارة الى المأساة السورية القائمة. بل ان الانظمة التي اعتمدت اللعب بمثل هكذا اساليب سقطت قبل غيرها ممن اعتمد مبدا المكاشفة واحترام حق الشعب في ان يكون المصدر الحقيقي للسلطات ومواكبة تطورات الواقع لا تحريفها، كالمغرب مثلا، واوصلت سفينتها الى بر الامان.

تابعو الأردن 24 على google news