jo24_banner
jo24_banner

الاصلاح السياسي... الى إشعار آخر!

د. محمد العودات
جو 24 :

القارئ الدقيق لما يجري من احداث على الساحة الداخلية لا يستطيع فصله ابدا عن ما يجري على مستوى المنطقة وعن تطورات الملف السوري على وجة التحديد. كثر الكلام والانتقاد والتساؤل عن اسباب تأخير مشروع قانون الانتخاب من قبل الحكومة وعن النوايا وراء صياغته بالصورة المحبطة لقوى الشارع المختلفة وغيرها من القوى السياسية الاخرى بعد الدخول بحوارات مع الجميع تقريبا مما أتاح لصانع القرار فرصة الاطلاع على مختلف الطروحات والمطالب لدى الجميع. فالحكومة تعلم تماما ما كان يريدة اي طرف في المعادلة ومع ذلك خرجت علينا بمشروع قانون اقل ما قد يوصف به انه محبط ومثير للجدل ومرفوض من الجميع. وكأن قتل الوقت في الجدل والتشاور حول القانون هو غاية بحد ذاته. ويبقى السؤال المنطقي، لماذا؟ ما مصلحة الحكومة في اضاعة الوقت؟

ذهب الكثير من المحللين السياسيين والكتاب وقادة التيارات السياسية الى التنظير عن فكرة رغبة الحكومة باطالة مدة بقائها في السلطة. وهي غاية تبدو مشتركة مع مجلس النواب الذي قذفت الكرة لملعبه الان ليجيز المشروع وهو يبدو اكثر تباطئا من الحكومة عينها في ذلك حيث حول الملف الى لجنة نيابية مختصة ستحتاج مزيدا من الوقت للتداول حولة ثم اعداد تقرير مفصل لعرضه على المجلس ومن ثم مرحلة المداخلات النيابية العلنية التي قد تطول هي ايضاً. هل تستطيع الحكومة تحدي الارادة الملكية التي اعلنت في الاعلام المحلي والعالمي عن رغبة الملك الجادة بعقد الانتخابات النيابية قبل نهاية هذا العام؟ ولما؟ لمجرد الحلم باطالة البقاء بالسلطة لفترة لا تتجاوز حسب افضل التوقعات اشهراً معدوده. لا أوييد ذلك التحليل على الاطلاق وأظن ان المسألة اخطر من ذلك بكثير. حتى المجلس الذي تلقى توجيهات صريحة وعلنية بضرورة الاسراع في سن قوانين الاصلاح خلال المأدبة الشهيرة في الديوان الملكي، لا يستطيع ان يرتجل مثل هذا الابطاء الا اذا ربط بتوجيهات اخرى غير معلنه بذلك وقد عهدنا عنه التداول بمثل هذا الاسلوب منذ حادثة ال 111.


القراءة للمشهد الداخلي لا يمكن فصلها عن تطورات الاحداث على الساحة السورية خصوصا بعد تسرب اخبار عن تدريبات عسكرية مشتركة على حدود المملكة الشمالية مع قوى دولية اخرى والكلام عن ضرورة السيطرة على اسلحة بيولوجية ما مخزنة لدى النظام السوري واهمية منعها من الوصول الى ايادي حزب الله بأي طريقة. المشهد ينم عن صدور قرار تأجيل لملف الاصلاح السياسي جملة وتفصيلا هذا العام بانتظار حدث ما اكبر، من وجهة نظر صانع القرار، من الخوض في خضم مرحلة اصلاحية وتشريعات طويلة الامد قد لا تحتاجها الدولة حال وصول ذلك الحدث الى ارض الواقع. حتى التعامل التعسفي القاسي غير المعهود مع الحراك تارة ومع الاعلام الالكتروني تارة اخرى قد يقرأ في سياق ارسال رسالة لهذه الجهات مفادها ايضا ان الوقت غير مناسب وان الدولة لن تتسامح مع اي جهة لا ترى المرحلة واولوياتها على الصورة التي تراها هي بالاساس.


لا يستطيع احد التنبؤ بما قد يحدث، سياسيا او اجتماعيا، في الايام والاشهر القليلة القادمة. ولا نستطيع ان ندلل على هذه القراءة بما هو خارج دائرة الاسنطباط والتحليل. ولكن ما لا شك فيه، ان لأي حدث عظيم كوقوع حرب او اجتياح وجهان اثنان يمكن رؤيتهما والتحسب لهما ضمن المستطاع. وبرأيي، حلة الذهول الشعبي والتعبئة الاجتماعية والتماهي في احداث المنطقة هي القراءة المستبعدة في اذهان الكثيرين خاصة بعد موجات الربيع العربي. ومن المؤسف ،ان معظم هؤلاء القرّاء الحكماء هم خارج دائرة صنع القرار.

تابعو الأردن 24 على google news