jo24_banner
jo24_banner

ضمير القاضي أم ضمير "الرئيس"

د. محمد العودات
جو 24 :

توسم الشارع الاردني الخير بشخص رئيس الحكومة الحالي عون الخصاونة ليس من منطلق الشعبية الواسعة والمعرفة التراكمية عن الرجل من خلال تاريخ وطني معروف وانما من منطلق الخلفية القضائية التي بوئته لتقلد منصب مرموق على مستوى عالمي مما اشاع روح الامل وتوسّم الخير لدى الجماهير بضمير القاضي الذي يتمركز حول احقاق الحق وارساء العدل كغاية عليا لا تقبل المساس او التلاعب.


لم يتوقع الناس على اختلاف فئاتهم وتوجهاتهم الحزبية والسياسية ان السيد الخصاونة سيقدم ضمير "الرئيس" وهو المنصب السياسي بامتياز وكلنا يعلم ما هي مواصفات ضمير السياسي وقدراته والوانه التي تتغير حسب تغيرات ظروف الحال وموزنات المصالح العامة والخاصة والمناورات السياسية وتكتيكاتها بل ومكائدها. نحن لم نتوقع من الرئيس الحالي ان "يلعب" سياسة فمخزونه السياسي بسيط مقارنة بغيره من القامات السياسية التي تقلدت هذا المنصب خلال السنوات الماضية او ممن كانت اسماؤهم مطروحة على الطاولة ايام البحث عن رئيس وزراء يخلف البخيت ويقود سفينة الوطن الى بر الامان في هذا الظرف الصعب. بل توقعنا قاضيا منصفا ذا حس حقيقي ومرهف حيال مسائل كثيرة اهمها الاموال العامة المنهوبة والشركات المستباحة، حقوق المواطن الدستورية في التعبير والرأي، وآخرها التشريع الشفاف للوصول الى تمثيل حقيقي لمختلف فئات الشعب تحت قبة البرلمان، الامر الذي غاب عن البلد فترة طويلة ماضية.

الذي اراه من خلال التحليل والمتابعة، ان السيد الرئيس قد ركن الى ضميره كرئيس وليس كقاضي دولي خلال مباحثات وصياغة قانون الانتخاب الجديد والذي يلاقي استياء شعبي وحزبي واسع. فالقانون مصاغ، دون الدخول في التفاصيل، للوصول الى مجلس نيابي معروفة مسبقا الوانه وقدراته، وفي بعض المناطق اعضاؤه، سواءا نتفق معها او نختلف. بل ان القاء الكرة في ملعب مجلس النواب الحالي على ما لديه من رصيد ثقة شعبي متواضع، الى حد التلاشي احيانا، يعد مكرا سياسيا وتكتيكا حركيا لا يمت الى ضمير القاضي العادل والساعي الى احقاق الحق بصله.


كيف نبرر هذه الاخفاقات المتوالية من المشي السلحفائي بمكافحة الفساد، والاخراج التآمري المبهم لملف الفوسفات، الى هذا المنتج المشوه بعد مخاض اشهر من المداولات والمشاورات حول قانون انتخاب عصري وعادل؟!


الضغوط، من اي طرف كانت ليس مبررا كافيا، ولا حتى الاستفزاز السياسي من اي جهة. فالقاضي دوما يرزخ تحت ضغط ما وكل قضية لها ملابساتها ومعادلتها المركبة. والبوصلة الاهم دائما هي ضمير القاضي الذي يثقب هذه الاجواء المتلبدة ويخلص الى الحكم العادل غير المنحاز الى جهة دون اخرى.


والسؤال الان، هل اصبح المشهد السياسي، المضطرب اصلاً، اكثر هدوءا بعد خروج مشروع القانون؟ ام ان المشروع دفع الحراك السياسي والشعبي وموجة عدم الرضى العام الى افاق جديدة اكثر سخونة وأشد نقمة من ذي قبل؟


وأهم من ذلك، كيف يغيب ضمير القاضي عن مسأئل بمثل هذه الحساسية والدقة والمفصلية ليس للوضع الراهن فقط بل وللاجيال القادمة من بعد ؟؟!!


د. محمــــــد العودات

تابعو الأردن 24 على google news