jo24_banner
jo24_banner

حكايات العيد المنسية ...!!!!!

حمزة المحيسن
جو 24 :

على وقع ألحان صوت ( البابور ) الهادر وحمام الماء الساخن كان صباحنا السعيد في حضور العيد الباكر ، نلبس ملابسنا الجميلة التي كنا ننام وهي بجانبنا او تحت فراشنا التي ما ان نكتسيها حتى ننهل القبلات على الوجنات من الوالدين ومزيدا من الدعوات لنبقى لهم ذخرا وعزا ، في زماننا كان العيد حلوى ( ملبس ) من نوع ( شاهد) ولعب على الأرجوحة والشعور بعبق البطولة في مسدسات صوتية يسبقها جولة ميدانية باللباس الجديد على الأقارب والجيران طمعا في الحصول على عيدية تبدا بالقرش الأحمر الفاقع وقد تكون بالدرهم اللامع لتمتلئ بها الجيوب وتفرح بها القلوب وتسمع لوقع خضضتها في الجيوب لحنا موسيقيا بارع ، تكفيك لشراء انواع مختلفة من السكاكر والحلويات أو تغريك بان تدخل في تحدي مع بائع البالونات في ( سحبته ) السحرية ولكن هيهات ان تكسب ذاك البالون الكبير ( نمرة عشرة ) ، أو ان تمتطي صهوة حمار او بغل ( أجلكم الله ) بجولة قصيرة إذا كنت سخيا ودفعت قرشا أو طويلة في حال تجرات ودفعت ( شلنا ) لتشعر بالفروسية ولتتخيل نفسك وانت تجول بهذه الأصايل انك تماما مثل أبطال المسلسلات الدرامية ذات اللون الابيض والاسود في حينها كــ ( متعب الشيقاوي ) أو ( هبوب الريح ) ......!


وما ان يحين وقت الظهيرة حتى تعود إلى بيتك منهكا بأرجل متوعكة عليلة بفعل الجولة الطويلة التي أمضيتها في صباحات العيد وقسوة ( البوط الصيني ) ذو الأصابع القوية التي تخوض فيها رمال الطرق في الزقاق والحارات ، ومعدة لها قرعا ووقعا من ذاك الخليط الذي آست وعانت في طحنه من ماكولات ومشروبات شتى ، اختلطت فيها ( الغريبة ) و( معمول الجوز او التمر بالسمن البلدي ) ...!


مهما مضى بي العمر فلن انسى كعك امي وجدتي في العيد ذاك الزمان وكعك جاراتي حينما كن يتجمعن سوية في ليلة العيد وهن يقمن بإعداده وكانهن في عرس أو في ( حفلة حنة ) تسمع لصوت ( قوالب المعمول ) الخشبية وهي تضرب بأيديهن على الأرض ألحانا موسيقية إزدانت طيبا وودا بأياديهن الزكية ، الحارة باكملها في ليلة العيد يتبدل فيها ريح الشيح والقيصون بريح الكعك والمعمول الذي تطيب بطيب قلوب ساكينيها وعاشقيها ...!


قد تبدلت تلك التفاصيل التي عشناها في ذاك العيد السعيد في حاضر اعيادنا فبدلنا طقوسها وطيبها وشجونها فأصبحنا لا نرى فيها في اولادنا سوى إنها لبس جديد ، فالتكنولوجيا الحديثة وإتصالاتها السريعة وبدون قصد ستجد إنها في حاضر العيد أوقعتنا في القطيعة فاكتفينا بتبادل التهاني عبر الهاتف النقال أوبعبارت مكتوبة ننرسلها من خلال ( المسجات ) ، حتى كعك العيد فقدنا ريحه وطيبه فلقد تبدلت أيادي عاجنيه وصانعية ، اما ألعاب العيد فأسماءها تغيرت من ألعاب بريئة وشجية إلى ألعاب نارية فاندثرت أصوات المسدسات الصوتية العفوية إلى مسدسات مصحوبة بطلقات خرزية دموية ، ولم يعد في حاراتنا وزقاقنا ( بغال او حمير ) يمتطتيها أبناءنا علها تشعرهم بالرجولة والفروسية ، فلا ( هبوب الريح ) أو ( متعب الشيقاوي ) فقد أبتلوا بعشق مطربهم المشهور إلى الحد الذي جعلهم يحاولون التأسي به في قده المياس ببنطاله الساحل و ( تسريحة ) شعره الملتفة والمشعة ( بالواكس الطالع والنازل ) ، وصلة الأرحام أصبحت بالنسبة إليهم ضياعا للاوقات وحرمانا لهم عن متعة ( البلاي ستيشن ) و ( الكوفي شوب ) أو ( التشاتينغ على اللابتوب )....


بلا أدنى شك فان حال أفراحنا بالعيد تغير كما تغير كثير من أشياءنا والسبب هو إننا تغيرنا وتنازلنا لمظاهر الحداثة التي اخذت منا فرحة ذلك العيد السعيد ، مع ذلك ليس هنالك ما يمنع ان نقول لكل من حضر العيد ...تقبل الله طاعاتكم وطبتم وطاب الوطن ..

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير