" فاتوا ...جنبنا " ..!!!!
في الجامعة كان صديقي مبتلى في قصص عاطفية من النوع الغريب ، ولكنها تحاكي مغناة عبدالحليم حافظ " فاتت جنبنا " ، فما ان طلبته زميلتي الفاضلة دفتر المحاضرات ذات مرة حتى اعتقد من الوهلة الأولى بانها وقعت في حبه وغرامه ، لتنفتح قريحته الشعرية وليسمعني معه في كل مرة كلمات ليست كالكلمات ، يسهرني برفقته ورغما عني ليخبرني عن البسمة او الضحكة العابرة التي كانت تلقى من هنا وهناك في مرورها بالقرب منه أثناء سيرها مع الزميلات ، مع اني في قرارة نفسي كنت اشك في هذا المسلسل العاطفي جدا الذي كنت أراه بانه من طرف واحد وكثيرا ما حذرته من الوقوع في هذا الفخ الأليم ...لم تجدي نصائحي نفعا إليه بل أنني أصبحت بالنسبة إليه " عزولا " فتركته في هيامه وغرامه يمضي وحيدا لأتفاجأ ذات يوم فيه وقد اتاني هائما شريدا ....مثقل الخطى والزفرات ...فالبنت " الله يستر عليها " كانت مخطوبة .....لتصبح مغناة عبدالحليم حافظ " فاتت جنبنا " أغنيته الوحيدة التي يواسي فيها نفسه ويشكي فيها سوء حظه ....!!!!
كثيرا ما كان يحضرني صديقي في مغامراته وآهاته عندما أطالع في نفسي اولئك الذين مروا في حياتنا العامة ، وحسب أغنية عبدالحليم حافظ – بعد التعديل – " فاتوا جنبنا " فمن هؤلاء من كان كاتبا يصدح قلمه في التغني بالمثل العليا من الحرية والديمقراطية وينصح ويضرب ويطرح في قلمه المسؤولين ليكونوا أكثر عدلا وديمقراطية ومسؤولية وكنا نحسبهم كذلك حتى جاءت الفرص وأصبح إما وزيرا او مسؤولا في الدولة لنجده في النهاية " مخطوبا " لاجندة شخصية تتعلق في الوصول إلى ذلك المنصب ، فقد لحس بمجرد ما حصل على رتبة معالي او عطوفة كل كتاباته او إن صح التعبير شطب كل أغنياته العاطفية الموجهة لنا فيما كان يغني ويصدح فيه ...!!!!
ومن هؤلاء أيضا الذين " فاتوا جنبنا " من كان معارضا حزبيا هماما تجده يسير في المسيرات خطيبا مفوها يثير العواطف ويشحن الجماهير التي كانت تسير إليه بالعناوين العريضة كالحرية والعدالة والنزاهة وكثيرا ما كان يندب حظنا في نوعية المسؤول الذي أبتلينا فيه لتأتيه الفرصة من حيث لا يدري ويصبح أيضا هو الآخر وزيرا لينقلب في البوصلة او السيمفونية المعزوفة التي كان يعزفها إلينا من معزوفة شعبية إلى معزوفة تحاكي طموحه في الوصول إلى اعلى المراتب والمناصب وكان لسان حاله يغني لنا " بودعك ...آخر وداع " فالعناوين العريضة التي كان ينادي فيها أصبحت اجندة خارجية وليس من الممكن تطبيقها في أي حال من الأحوال ....!!!!
من فاتوا " جنبنا " في حياتنا العامة هم كثر وتطول قصصهم ومغامراتهم العاطفية التي قضوها معنا او وبكل أسف " مثلوها " علينا ، ولكن من الواجب القول ان حياتنا العامة ستكون حافلة وبكثرة في مثل هؤلاء إن لم يكن لدينا أحزاب وطنية ذات برامج صادقة ومخلصة نحو الوطن بكل عدالة تكون اجندتها الأردن وتتقي الله فيه يتم إختيارها بالإنتخاب العادل والنزيه لنحاسبها على كل صغيرة وكبيرة كانت تنادي فيه ، فما أن نصل إلى هذا المستوى حينها وبلا أدنى شك ....سنغني معهم لقد "مروا من هنا " كما مر وصفي وهزاع في حياتنا العامة وسيكون في ذلك شرفا عظيما لنا ولهم وللوطن اجمع ...." أفوتكم على خير .." ...!!!!