"صفقة جديدة ... برؤية جديدة"...!!
قال غوار لياسين ، أقرضني عشرة "ليرات" أجابه ليس معي غير خمسة ..!! إذا أعطني الخمسة التي بحوزتك، وبذلك تصبح مدينا لي بالخمسة الباقية..!! وافق ياسين بكل سذاجة ، معتبرا نفسه المدين ، ولم يسعفه ذكائه تلك اللحظة، أن يدرك أنه حتى بتقديم نصف المبلغ المطلوب، ما زال دائنا وليس مدين.. ولكن هذا ما أوهمه
إياه "غوار" بمنطقه الملتوي والذي أخذه على حين غِرة ، وبعد لحظات أدرك "ياسين"، المسكين، ، أنه خسر ما معه، وفوق ذلك أصبح مدينا بخمسة" ليرات" أخرى ، ولكن بعد فوات الأوان، لأن الفهلوي غادر المكان..!!
هذا مشهد من مسلسلات "غوار الطوشه" لمن يذكره، بالأسود والأبيض ، ويبقى مشهد " الاستغفال" هذا يتكرر في كل الحلقات بقوالب ومواقف مختلفة، ولكن النتيجة واحدة وهي إن "ياسين بقوش" كان دائما هو الطرَف الخاسر... وحتى عندما يوزع "غوار" مقالبه على باقي طاقم المسلسل ويصبحوا ضحايا له ، ففي بعض الأحيان يتم إشراك "ياسين" في المقلب دون علمه، و يقدم ككبش فداء في النهاية، بعد اكتشاف المقلب، ويصبح الطرَف الملام ، في سبيل إنقاذ "غوار" من المأزق الذي صنعة.
استمر المسلسل لسنوات، وفي كل مرة يقدم مخرج العمل "ياسين" ضحية على مذبح مقالب "غوار"، دون شفقة أو رحمة ولو بمشهد واحد، ينتقم به المسكين لنفسه ولكرامته، من ذلك المخادع أو حتى من باقي طاقم المسلسل، الذين كانوا يتسابقون للسخرية منه والحط من شأنه في كل مشهد يظهر به على الشاشة.
ولتكتمل مأساته، حتى جمهور المشاهدين لم يبدوا أي تعاطف معه ، بل أغدقوا المديح والتصفيق للمشاكس وما يمثله من فهلوة و شطارة ولو على حساب قيمهم وأحيانا الاستخفاف بهم كمشاهدين. أخيرا انتهى المسلسل ولم يعد احد يذكره ، ولكن "غوار" وما يمثله ، و "ياسين" وما يمثله، والمخرج وباقي الطاقم وما يمثلون، ما زالوا موجودين.
المفارقة أن جمهور المشاهدين الذي لم يبدي أي تعاطف مع "ياسين" هو نفسه أي الجمهور، يلعب دور "ياسين المسكين" على مسرح آخر ..!! مسرح الحياة. هل هي حالة فصام ، أم هروب من الواقع، أم خداع للذات.؟؟
على كلٍ ، انتهت متاعب و عذابات "ياسين بقوش" مع نهاية المسلسل وأخذه لأجرة ، ولكن متاعب و عذابات أخرى ما زالت مستمرة على المسارح الأخرى ..!! و بدون أجر.
إلى كل الذين يؤدون مثل هذه الأدوار على كل المسارح، لا تنتظروا من المخرج أن يرأف بحالكم،ويسند لكم دورا آخر، فلا تعيشوا في الأوهام.
تواردت الأخبار عن سيناريو لمسرحية جديدة، يقوم بها المدين بطلب المزيد من الدائن كتسوية للدين الأول ..!! و بذلك يصبح الطرفين متعادلين " لا طالب ولا مطلوب" ، هذه مسرحية جديدة برؤية جديدة ، ما زلنا بانتظار العرض
الأول، لنتعرف على الممثلون والمخرج وكذلك الجمهور.
لو قُدرَ "لياسين بقوش" أن يعود من جديد، فلن يقبل أي دور في هذه المسرحية الجديدة، لأنه مَل من مشاهد
" الاستغفال" .