حكومات بعمر الفراشات...!
سبق صحفي من لندن يخص مصير الحكومة الأردنية ترك أجهزة الحكومة حائرة لعدة ساعات وهو خبر استقالة حكومة عون الخصاونة ، هذا مثال على الأداء الحكومي ليس هذه الحكومة فقط فهناك سوابق كثيرة. ولكن المهم ما يهم الناس،فهذا الحدث لا يمكن إخراجه عن السياق العام منذ بدء ما يسمى بالربيع العربي ، للأسف عجزت الحكومات أن تكون مثل الأزهار الحولية لتُتم عاما واحدا من عمرها على الأقل، ثلاث حكومات منذ الربيع العربي أعمارها كأعمار الفراشات ما أن تخرج من شرانقها وتفرد أجنحتها مبشرةً بموسم من السمن والعسل حتى ينتهي أجلها وتخرج من الباب الخلفي تجر أذيال الخيبة والفشل، ومنها من ألقت أوزارها وأعباءها على كاهل الشعب ومضت غير مأسوفٍ على شبابها، تاركةً الشعب يدفع ثمن المغامرات و استحقاقات الفساد.
هذا ما يخص السلطة التنفيذية وأما السلطة التشريعية وأحد جناحيها مجلس النواب، فتلك حياكة حيكت بليل وحكاية أدمت القلوب ... جزا الله النائب جميل النمري خيرا الذي نعى المجلس بعد جلسة التصويت على الرواتب التقاعدية لأعضائه حين قال إكرام الميت دفنه، وهذه شهادة من أهل الميت ربما تُسكِت المنافحين عن شرف المجلس.
إذا كانت الدولة بكل أركانها حاكم ومحكوم تريد الإصلاح .. أين المشكلة إذا ؟ وما الذي يمنع ذلك ؟ من الذي يضع العصي في دواليب الإصلاح؟ هل هي أزمة مصطلحات بحيث إن كلمة الإصلاح لها معانٍ لم يُتفق عليها بعد ؟ اشتكى أيام الغفلة السياسية والاقتصادية " المغامرون الجدد " وحديثي العهد بالعمل العام حين قُدِموا لنا على أنهم هبة إلهية اختصنا الله بها عن سائر البلدان لكي يعبروا بنا نحو المستقبل المشرق! اشتكى هؤلاء من قوى كلاسيكية تعيق المسيرة ، وكان لهم ما أرادوا و كانت النتيجة مديونية بأرقام فلكية وملفات فساد تطاول ناطحات السحاب. لا نُبرأ القوى الكلاسيكية ففشلها من قبل، أسس لما جاء بعدها، فهي التي أرست قواعد المحسوبية وتوريث المناصب وقلبت القاعدة بوضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، ما أدى إلى الترهل وقتل روح التميُز والانتماء .. الأمر الذي أفسح المجال " للمغامرين الجدد " ليعرضوا مواهبهم وخدماتهم لتولي الدفة بحجة الإنقاذ، والحقيقة أن كل ما فعلوه هو أنهم ارسوا السفينة بين صخور البحر مع أول رحلة وتركوها تحت رحمة العواصف و الأمواج، حيث قفزوا مع أول فرصة إلى الشاطئ، يتشمسون ويشمّتون، مبتهلين لشياطينهم لإغراق السفينة ومن عليها حتى تُطوى صحائفهم السوداء.
لقد فشلت النُخب الكلاسيكية وكذلك فعلت نُخب "المغامرون الجدد" والنتائج ماثلةٌ للعيان لا ينكرها إلا أعمى البصيرة.
والآن، حتى يكون لنا ربيعنا المُزهر وحتى لا تفلت الأمور من عِقالها لا بد أن تعطى الفرصة لرموز وطنية صادقة تريد الإصلاح وتؤسس له،وتتفاعل مع قوى الإصلاح الحقيقية في الشارع وتنقذ ما يمكن إنقاذه وتتخلص من "المتاع الزائد" وترميه في البحر حتى يخف الحِمل ونبحر نحو المستقبل،وفي مثل هذه الظروف يمكن القول إن من يُسمعك ما لا تُحب قد يكون ناصحاً لك.
السؤال الآن، في أي خانه مما سلف يمكن وضع الحكومة الجديدة ؟ حتى نعرف أي فصلٍ من فصول السنة سنستقبل، وكم سيكون عمر الفراشة الرابعة.؟