المَخرج ...عربون ثقة مع الشارع
حتى اللحظة لم تلد الجبال إلا الفئران...!! وبعد أكثر من عام من تَلَمُس الطريق في عتمة الدهاليز المظلمة، ما زال الضوء خافتاً في نهاية النفق المفضي لأفق سياسي، وكذلك الأمر بالنسبة للنفق المفضي للأفق الاقتصادي .
فقانون الانتخابات أصبح حَمْلاً غير مرغوب بهِ والحكومة ألقته مع أول فرصة للوضع، ذات صباح باكر على عتبة المجلس ليتكفل به لأن الحكومة على ما يبدو بدأت بالتنكر لنسبه ، فالتسريبات والتصريحات لا تشي بأنها عازمة جديا في الدفاع عن هذا القانون أمام مجلس الأمة. وفي المقابل فإن كثيرا من القوى السياسية، أولها الجماعة تحت القبة التي أخذت تسنُ سكاكينها على مسّن المحاصصة وعدد المقاعد وعدد الدوائر...وأما القوى الأخرى فقد حسمت أمرها وقالت إكرام الميت دفنه.
أما على الصعيد الاقتصادي فما زالت المديونية تُحطم الأرقام القياسية ومعدل النمو مخيب للآمال والبطالة بشقيها السافرة والمُقنعة في تصاعد مخيف ومستوى المعيشة في تردي، حتى أن الطبقة الوسطى "عصب المجتمع" مهددة بالانقراض . وفيما يتعلق بالشفافية وتشجيع الاستثمار وتكافئ الفُرص فحدث ولا حرج..!! لقد أصبحت ملفات الفساد تتكدس ابتداءً من باطن الأرض ( ملفات التعدين) وعلى الأرض (ملفات العقار) و حتى الفضاء (ملفات الاتصالات) .... إلخ من ملفات التحول والتشقلب الاقتصادي البهلواني..!!
لا نبشر بالثبور أو عظائم الأمور، مع أنها واردة ، ولكن لا بد من انفراجة سريعة على أحد الصعيدين السياسي أو الاقتصادي ، و الأولى كلاهما بأسرع وقت لتخفيف الاحتقان ولنا في هبة نيسان عام 1989 أسوة .. حيث سُد الأفق الاقتصادي حد الاختناق وتهاوت قيمة الدينار إلى حدود كارثية، فلم يكن الحل إلا من خلال انفراجة سياسية ألغت الأحكام العرفية وأسست لانتخابات برلمانية بعد طول انقطاع ، ما زال البعض يعتبرها بداية الربيع الأردني.
واليوم ومن نفس المنطلق لا بد من الإسراع بخطوات جريئة نحو الإصلاح الحقيقي الشامل، بعيداً عن أهواء قوى الشّد العكسي أو قوى الدفع المشبوهة وذلك بالتحالف مع الشارع التوّاق للإصلاح والقوى الوطنية المخلصة للوطن و بعيداً أيضا عن المصالح الضيقة لفئة أو طبقة أو حزب أو شلة أو حتى أصحاب القلوب المريضة الذين لن يرضوا حتى " يُخربوها و يقعدوا على تلّها".
وحتى يكون ربيعاً أردنيا بامتياز لا بد من عربون ثقة مع الشارع ، والبدء بتقليم الأشجار والتخلص من الأغصان الشاذة والمريضة التي حَجَبت الشمس عن قلب الوطن، وتلك التي أبت إلا أن تنمو إلى الأسفل لتقتل الجذع الذي يحملها. فما الضير أن يُقدَم رموز الفساد وملفاتهم يحملونها على ظهورهم دفعةً واحدة وفي حافلة واحدة وفي يوم واحد ليد العدالة..؟؟ ليكون يوماً من أيام الوطن المشهودة، ويكون مفصلا تاريخيا ونقطة انطلاق جديدة نحو دولة القانون والمؤسسات ، وقريبا من الله والوطن والمُلك العضود.