jo24_banner
jo24_banner

ويا دار ما دخلك شر..

صالح الزغاتيت
جو 24 : إن صحت الأخبار عن العروض التي بدأت تنهال لتسوية ملفات بعينها ما زالت في عهدة دائرة مكافحة الفساد أو المنظورة أمام القضاء ، وهي ملفات من الوزن الثقيل التي تنوء بالعصبة أولى القوة. وعلى ذمة الراوي بدأ الأُوكوزيون بعرض 500 مليون دينار "فتحة عدّاد" وعلى ملف واحد فقط ..!! نعم، نصف مليار دينار ثمن إطفاء ملف ساخن ..ويا دار ما دخلك شر.

ويبدو أن هذا العرض قابل للزيادة إذا قُبل المبدأ ... أي مبدأ التفاوض، حتى الوصول إلى تسوية ، ولم يذكر الخبر أنها ستكون تسوية عادلة أم لا !! فهذه إضافة غير لازمة منعاً للإحراج، ولكن بعيداً عن الإحراج وبعيداً عن اعتبارات العدالة و القانون ، هل ال 500 مليون دينار قادرة على إطفاء غيظ وحنق 5 مليون مقهور نصفهم مدين لأجل غير مسمى..؟؟

سؤال آخر، هل هذا بالون اختبار لقياس القدرة على كظم الغيظ لكل الفئات التي تعيش على أو فوق بقليل أو تحت بكثير من الخط سيئ الصيت "خط الفقر" ..؟؟ للعلم إنهم أكثر بكثير من كل الأرقام الرسمية ، إنهم الأغلبية الصامتة الذين اختاروا بكامل إرادتهم وكامل فقرهم أن لا يُريقوا ماء وجوههم على موائد اللئام.

أم هو جرعة أخرى من الاستفزاز المستهتر بكل من يُؤمن بالعدالة و القانون وكل ما هو حق وصواب ..؟؟ ورسالة مفادها " أعلى ما بخيلكوا اركبوا وهذا اللي عندي" مثلاً ..!!

أم هو بكل بساطة " إستهبال و سَوق عبط" .؟؟ يعني ما دام انكشف الطابق .. بسيطة .!! نعيد ما نقدر عليه بعد خصم المصاريف... هكذا بكل براءة ..!! وبعد ذلك "مرفوع الهامة أمشي" .

أياً كانت المقاصد فهي مشبوهة .. فنحن إزاء ملفات فساد بكامل زينتها و وقاحتها ، رغم أن رائحتها تزكم الأنوف .. فالشارع قال قولته وحكم عليها من أول مسيرة، بانتظار الحكم النهائي من القضاء العادل.

إذا ثبُت صحة هذا العرض فأن المشهد قد اكتمل وسقطت الأقنعة والأبطال قبلوا الدور بكل "فخر" وهم الآن في طور إدارة الأزمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل إسدال الستار على المشهد الأخير.

وعليه إذا تجرأ أي طرف معني من فتح حوار من هذا النوع فقد نجد أنفسنا أمام شرعنة هكذا أفعال ، لا وبل ستشكل سابقة، تفتح باب الفرج لكل صاحب ملف ساخن أو بارد لتقديم عرضة والدخول في مفاوضات كتلك التي تقوم بها البنوك مع العملاء المُعسرين بعيدا عن دروب المحاكم الطويلة.

وهي كذلك دعوة لكل مغامر يريد تجريب حظه في الرقص حول النار، فإما الإفلات وإما الدخول في تسويات... معادلة سهلة ..!!

إن هذا منزلق خطير ومفصلي، نسأل الله أن يُجنبنا إياه، وهو في نفس الوقت امتحان عسير لكل معني وغيور على أن تبحر السفينة وتصل شاطئ الأمان، بدل أن تتحطم على صخور الفساد والمفسدين.

لو "لكنها تفتح باب الشيطان" أن " الجلبي" أخذ جزاءه العادل في حينه، لكفانا الله شر الملفات ما ظهر منها وما بطن ...فبدل أن يكون عبرةً لغيره، أصبح مدرسةً تُخرج جيلا بعد جيل.
تابعو الأردن 24 على google news