"لفتة إنسانية"
في شهر رمضان المبارك، العام الماضي، حيث كان كثير من رؤساء البلاد الإسلامية، يستمتعون بإفطارهم بين الأهل والأحبة، وأحيانا يولمون لكل من هب و دب، وهي بالمناسبة فرصة لكل ماسحي الجوخ، للتباهي بتلك الدعوات على المآدب الرئاسية، والتقاط بعض الصور إذا أمكن، لتحتل فيما بعد صدر البيت ،تذكيرا لكل زائر بعلاقات المضيف "الواصل".
في خضم هذه الأجواء "الروحانية"، قام طيب رجب اردوغان "ما غيرو" باصطحاب عائلته و وزرائه وبعض رجال الأعمال الأتراك، وقاموا بالسفر إلى الصومال "ما غيرها"، حيث شارك وعائلته، بعض العائلات الصومالية كسر من الخبز على مائدة الإفطار.
لم يُذكر أن أحدا من الحضور طلب التقاط صور، فقد كانت وجبة إفطار رمضاني، وليس وجبة نفاق اجتماعي.
طبعا هذه الزيارة، تركت في حينه، أثرا عميقا في نفوس الشعوب المَقهورة، وأحرجت بعض الرؤساء الذين لم يُقهروا بعد...!! إلى هنا جميل.....ولكن هذه الصورة، قفزت فجأة من الذاكرة بكل حيوية، وفرضت نفسها عنوة، عندما تواردت الأخبار عن قيام سيادة الرئيس الجار الجنوبي لأردوغان..حسب الأعلام الرسمي، بزيارة تفقد " لبابا عمرو"..!! ربما لأنه ممنوع من السفر قرر زيارة " بابا عمرو" بدلا من الصومال..!!
ترى ماذا ستتفقد يا سيادة الرئيس..ربما سير العمل ؟؟ حبذا لو انك اصطحبت "زهرة الصحراء" وبقية أفراد العائلة، ليشاركوك هذه "اللفتة الانسانية" المؤثرة، أسوة بجارك الشمالي.
إن الحقيقة المرة لدرجة البكاء، هي أنه لا يوجد في "بابا عمرو" كسرة خبز، ولا حتى من احد ليشاركك تلك اللقطة التلفزيونيه.... هذا مأزق!! لم يفكر به العبقري، منسق الزيارة "المظفرة" من مكتب الرئيس.
سألوا عن "بابا عمرو"، لم يجبهم أحد، ثم عن عمرو نفسه، رجع صدى أصواتهم ... طيب، عن أي أحد يمكن أن يؤدي الغرض، ويصافح الرئيس أمام الكاميرا، ولا بأس عفوا ولا بد، من إن يهتف بشيء من قبيل " معك إلى الأبد"... أيضا لم يجدوا أحدا ..!! فمن بقي على قيد الحياة غادر المكان، ومن أصبح على قيد الموت لا يستطيع الهتاف بحياة الرئيس.
أين لونا الشبل .. "المستشارة الإعلامية " .. ما العمل الآن ؟؟ الرئيس لوحدة في "بابا عمرو" ولا يوجد أحد هناك سوى الركام ..!! الكل غادروا ... ذهبوا إلى " بابا حماه" و "بابا إدلب" و "بابا حلب" ومنهم من قطع الحدود بحثا عن "بابا رحيم".
أخيرا حُل الإشكال، فقد هتف بحياة الرئيس "بابا شبيح" وأمثاله... التقطوا بعض الصور الدكتاتورية عفوا التذكارية، وغادروا المكان.
في تلك الليلة، لا بد أن الرئيس نام قرير العين، بعد هذه "اللفتة الانسانية "، التي لا تقل شأنا عن تلك التي قام بها جاره أردوغان تجاه الصومال، وبذلك زال الحرج عن الرئيس بفضل الحسان و الزعران.