2025-01-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ما احلى الرجوع اليه

احمد محمود سعيد
جو 24 : كما هي الغربة حلم وطموح يداعب مخيّلة كل شاب في مقتبل عمره خاصّة في بلادنا التي تقلُّ فيها فرص العمل وتكاد تنمحي فيها نسب العدالة والمساواة والتي تندر فيها مستويات الحياة الكريمة والتي تكاد تسيطر فيها النظرة السوداويّة نحو المستقبل لتكون الغربة أملا لعمل يعتاش منه وفتاة يسكن اليها واسرة يتمنّى ان يكون ربُّها وراعيها وابن صغير يداعبه ويسمع ضحكاته البريئة بعد يوم عمل جادّْ .
وهي نفس الغربة التي تداعب كل كهل يعيشها في دابر عمره لكي يعود الى وطنه حاملا سنين طويلة من العمل والذكريات واللحظات الجميلة ودفترا مليئا بالعناوين وارقام التلفونات لأناس قد لا يراهم بعد ذلك واناس قد تكون الأيام مسحت عناوينهم خلال ايام الغربة وهاهم أمامه مرّة اخرى بعد ان وهنوا وعاقبهم الزمن على بقائهم في الوطن او كافئتهم الظروف لحسن إصطيادهم لها في وقتها المهم انّه يحلم بان يتمكن من نسج اكفانه من خيوط بلده وتحملها ايدي ابنائه واهله دون لزوم لأخذ فيز او تصاريح سفر او غير ذلك من ادوات الإغتراب حيّا كان او غير ذلك .
هي نفس المساحة التي يحتاجها الإنسان في لحن وداعه الأخير وما كان يملكه في بلاد الإغتراب او على ارض الوطن حلالا كان ذلك ام غير ذلك هو باق على ارضه وبين يدي غيره ولن يأخذ معه سوى العمل الصالح الذي ترصّد له في كتابه الرصين .
والرجوع للوطن كمن يرجع الى عقله او يرجع عقله اليه ومن غادر الى غربة في يوم من ايام شبابه فقد كان جريئا وفي معظم الأحيان بريئا فقصده العمل والعمار والإعمار وكان يتوخّى السِتر له ولأهله واهل بيته وعندما يطول به الغياب وتزداد تجاعيد وجهه ويبدأ الشيب يغزو وجهه ويبدأ باستعمال الصبغات متحججا بالعمل ومقابلة الناس ومتبجِّحا بحلاوة لسان او حسن مظهر ولكن عندما يبدأ الملل يجتاح عقله والفراغ يسكن في حجرات قلبه يختلف شعوره نحو الغربة لأنّ الكهولة تقترب لتمس اطراف بدنه فتحل لحظات بكاء مخفي في بعض الليالي بعيدا عن الضوء ونظرات وشعور اهل بيته وسواهم .
حتى يرى المرء اطياف نهايته بعيدا عن وطن احب وناس تعوّد عليهم في مراحل اولى من عمره وشبابه ومراهقته وبدأ يحن لهم بعد السنين العجاف من الحنان في الغربة وإن كان قد غاب عنهم سنين طويلة .
ذلك هو الإنسان الشرقي وبالذات العربي الذي يعيش عصرا من الضياع الفكري والمعيشي والعاطفي حيث ضاعت بوصلته وتلاطمت امواجه وبات لا يدري اين شط الإمان الذي سيرسو عليه ومتى ذلك ولا يستطيع ان يُقنع احدا بأعماله او وعوده واقواله لأنه بات غير قادر على إقناع نفسه بذلك فهو ممزّق من الداخل وهذا حال الفقير والغني والمواطن والمسؤول والصحيح والسقيم والوافد والمقيم سواء كان إمرأة أو رجل فكلُش سواء حيث نعيش في زمن العبوديّة والذلِّ والهوان حتى يقضي الله امرا كان مفعولا .
والرجوع الى الله والدين هو الطريق السليم لكي يكون الإغتراب هدف صحيح وطموح مبرّر للشاب في مقتبل العمر ولكي تكون العودة للوطن مكافأة للكهل في دابر عمره على سنوات الكفاح والعمل الجاد خارج وطنه ولكي يغرِّد في داخله ما احلى الرجوع اليه ......
حمى الله شباب وطني في مواقعهم داخل الوطن وفي الغربة وحقق امانيهم وطموحاتهم الخيّرة وردّهم ردّا جميلا الى أهليهم .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير