الغضب
احمد محمود سعيد
جو 24 :
إغضب فنحن نغرق
بينما الأوطان تُسرق
ما عدت استطيع تحمُّل مزيدا من التحليلات الماليّة والإقتصاديّة بل وحتّى الأمنيّة والعسكريّة من الجهات الرسميّة في وطننا العربي ودوله المفتّتة التي تهوي بتسارع كبير نحو مجهول لدينا ولكنه معلوم لدى الصهاينة والروس والأمريكان .
وكأنّ مسؤولينا الأبطال يحاولون ان يخفِّفوا على أعصابهم علّ الموت يسبقهم ليريحهم الراحة الأبديّة قبل الغضب الساطع ان يمسّهم أو انهم يعتقدون انهم يخدرون شعوبهم ويستطيعون تصبيرهم حتّى يلاقون مصيرا لايعلمه الحكّام ولا المحكومين .
فكثير من المحللين العسكريّين المبدعون والعديد من السادة العلماء الأفاضل يتبعون حكّامهم ويروِّجون لأجلهم أن البلد حصين وعصيُّ على الأعداء والتمتُّع بالأمن والآمان غير مشكوك فيه ولو لفانية من الزمن والدليل على ذلك مناعة العسكر فيه ومتانة الجبهة الداخليّة المساندة له واستمرارية الحفلات في المقاهي والنوادي .
أمّا المحللين الإقتصاديّين فقد دمجوا التطور والتنمية الإقتصاديّة مع التنمية الإجتماعيّة بما فيها الروح المعنويّة العالية والإستعداد الذاتي للتطوّع في سبيل تحقيق التنمية المستدامة للبلد وبذلك فإنّ نسبة النمو الإقتصادي في ارتفاع على الدوام كما ان نسبة الزيادة في السكان في انخفاض مستمر نظرا لتطور الرعاية الصحيّة وانخفاض نسبة الخصوبة لدى المرأة العربيّة من كثرة ما تسمع من انباء القتل والدمار صباح مساء وكذلك المتقدمين لبرامج الإبداع الفني في إزدياد بشكل دائم بما يرافق ذلك من تأخر سن الزواج لدى الشباب وزيادة نسبة العونسة لدى الفتيات ورهبنتهم بعد سن اليأس ناهيك عن إزدياد نسبة المصابين بالتوحُّد خاصّة لدى الأطفال وزيادة نسبة المتوفين نتيجة الإصابة بامراض خطيرة كالسرطانات والجلطات الدماغيّة والقلبية.
وأما المحللين الماليّين فإنهم اكثر كذبا ونفاقا من سابقيهم ولكنهم ثابتون على العزف على وتر انّ العملة الوطنيّة قويّة ومدعومة بسلّة من العملات ولا خوف ابدا من تأثرها بأي ظروف اقليمية او دولية ويبتعد هؤلاء المحللين عن الإقتراب من أي حديث عن تحويلات المتنفذين والأغنياء والمسؤولين الى البنوك الخارجيّة ويكتفون بالإشادة بتحويلات المغتربين الى اوطانهم بالعملة الصعبة بل ويُحمِّلون المغتربون اي نقص في تلك التحويلات ويكاد البعض ان يطعن في وطنيّتهم نتيجة ذلك ىالنقص .
فبمقدار حبّي للوطن بكل حواكيره وتلاله وسبخاته فإنني أمقت أولائك المحللين اللذين تناسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم بأن أعظم الجهاد كلمة حقِّ عند سلطان جائر ومهما اتفق الشعب على حب الحاكم فإن الحاكم إنسان قد يخطأ وبذلك هو بحاجة لمستشارين ينصحونه بالحق بل ويقوِّموه بالسلم إن أخطأ ليعم العدل والمحبّة بين الناس .
ولكن بما ان الناس على دين ملوكهم وأنّه كما تكونوا يُولّى عليكم فلا يحق لنا ان نشتكي إلاّ لله العلي القدير ليلطف بنا أنّا شاءت بنا الممقادير واين حطّت بنا المجاديف .
والغريب في معظم التحاليل خاصّة الأمنيّة والعسكريّة والسياسيّة منها انها تتجِه غالبا عكس ما يتوقعون وفي اتجاه معاكس لتحليلاتهم والسبب في الغالب انهم يتجهون حسب عواطفهم وحسب ما يتمنّون او حسب ما يعتقدون في الجماعة التي تبعون اليها سواء أكانت حزبا او جماعة دينيّة أو مذهبا أوطائفة أو ما شابه ذلك .
ولأن البوصلة في عالمنا العربي ينتابها الضياع وكثير من الضمائر تم بيعها بأرخص الكراسي وأتفه الجزيات وبينما الصراع بين العقائد على أشدِّه بالرغم من الدبلوماسيّة في الطرح في وسائل الإعلام الرسميّة ولكن قلوب كثير من الحكّام ملئى بغير ذلك فإننا نرى الحرف الأجنبي يخط بالقلم ما يريد غير آبه بما يحلل المحللون ويُترجم المترجمون ويُغرِّد المُغرِّدون ويصمت الخائفون.
نعم إنّنا كشعوب عربيّة نغرق في بحور من الدماء ومستنقعات من الهموم بينما الكثير من الحكام والبائعون والخونة واللاهثون يغرقون في بحور من الأوهام والخموروالحرام والأحلام وسيأتي يوم يتمنّاه الغني فبل الفقير بأن يأتي اليوم الموعود يوم الحساب التليد ليأخذ كل حقّه حسب الكتاب الذي يحمله كما اخبرنا الباري عز وجل لكي يُخزى كل من ساهم في سرقة الأوطان وأوصلنا الى ما نحن فيه من اسوء الأحوال.
ومن اشعار فاروق جويدة نستذكر
اغضب …اغضب …
اغضب فإن الله لم يخلق شعوبا تستكين
اغضب فإن الارض تحني رأسها للغاضبين
اغضب ستلقي الارض بركانا ويغدو صوتك الدامي نشيد المتعبين
اغضب فالأرض تحزن حين ترتجف النسور ويحتويها الخوف والحزن الدفين
الأرض تحزن حين يسترخي الرجال …….مع النهاية عاجزين
حمى الله الأردن ارضا وشعبا وجيشا وقيادة من كل سوء وخفّف من الفاسدين فيه وآثارهم عليه ويسّر لأبنائه سبل العيش الكريم واواصر المحبّة بين ابنائه .
ambanr@hotmail.com