jo24_banner
jo24_banner

القدس الأردنية

فايز الفايز
جو 24 : تمر اليوم ذكرى حرب الأيام الستة ، وتمر علينا وكأن البعض يرى فيها عملا شائنا ارتكبه ابن العائلة المراهق واليوم غدا رجلا لا يريد تذكر التاريخ ، ولكن الحقيقة أنه رغم خسارتنا للقدس أولا وللضفة الغربية فإن الفخر والبطولة هما عنوان درس اليوم السنوي لذكرى «النكبة» وهو مناسبة لجنود جيشنا البواسل والضباط المحاربين وأبنائهم ولأحفادهم ، كي يحتفوا بتلك الروح الوطنية والمعنوية القتالية التي قاتل بها أفراد الجيش العربي الذين قدم غالبيتهم من شرق النهر وتعانق الدم مع أبناء الضفة الذين استبسلوا في مقارعة العدو، ولعله الجيش الوحيد الذي قاتل بحق قتال الصناديد من بين جيوش الجبهتين الشمالية والجنوبية.

ولمن يريد أن يتذكر عداد السنين،فإن تلك المعركة الخالدة قارب عمرها نصف قرن ينقص عامين ، ثمانية وأربعون عاما والقدس لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي الفعلي ، فيما الوقف الإسلامي والمقدسات هناك تحت الإدارة الأردنية ، ولم يتخل الأردن منذ ذلك الحين عن القدس ، بل إن الملك الحسين طيب الله ثراه كان مصرّا حتى آخر لحظة من صيف 1988 على إدارة ملف القدس والضفة أمام الإسرائيليين ، ولكن أبى الراحل ياسر عرفات ومنظمة التحرير إلا أن يحملوا على ظهورهم كيسا فارغا ملأوه بوهم الدولة الفلسطينية التي أعلنت من تونس ، ولم ترّ النور حتى اليوم إلا في مكاتب المنظمة في أريحا.

«إن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس هو حق وحلم الجميع ،ولكنه مستحيل في ظل وجود الدولة اليهودية الصهيونية ، ومن لا يزال يفكر بهذا فهو خارج الزمن والمنطق ، فإسرائيل لن ترضى أبدا «هذا الاقتباس قاله واحد من أبرز المسؤولين السياسيين السابقين في دائرة صنع القرار الأسبوع الماضي ،وأردف يسأل عن وجهات النظر في ظل هذا الجمود ، فتصدى أحد القياديين الأكاديميين بكل فصاحة وبراعة برأي قد لا يعجب البعض ، وهو أن على الفلسطينيين أن يقبلوا بحل الدولة الواحدة وليثبتوا للعالم عنصرية وخداع دولة إسرائيل، وعلى المثقفين السياسيين الفلسطينيين أن يعملوا على ذلك لأن هناك رؤية بهذا الاتجاه لفضح إسرائيل.

حسنا، ولماذا نذهب بعيدا ، ألم تكن 67 عاما منذ «النكبة» و48 عاما منذ «النكسة» كافية لنقرأ في سجل الوفيات والإنجازات والأحداث والتطورات على صعيد ملف القضية الفلسطينية التي لن تنتهي بين ليلة وضحاها إلا بأمر ربك ، ولذلك لماذا لا يتم التفكير بطريق ثالث ، وهو العودة الى الإدارة الأردنية للقدس من باب التقريب ، فالقدس بفضل السلطة غير المطلقة لوزارة الأوقاف الأردنية وللولاية الدينية عليها من قبل الملوك الهاشميين ، نرى كم يستطيع المقدسي التحرك ومقاومة الصهاينة الذين يحاولون الاعتداء والدخول للحرم القدسي ، وكيف تم ثني حكومة نتنياهو السابقة من إغلاق المسجد الأقصى والسماح لليهود بتدنيسه ، وكيف يتم ترميم المسجد والعناية به وكذلك قبة الصخرة ، إنها الإدارة الأردنية وليس غيرها.

من هنا نرى ويرى الجميع كيفية تعامل الحكومات الإسرائيلية مع دولة بحجم الأردن ومركزه وتأثيره ، وكيف تتعامل مع السلطة الفلسطينية التي تراها إدارة سوق حرة موجوده ضمن الأراضي الفلسطينية التي تستطيع الدوريات الإسرائيلية الدخول لها متى شاءت ، ولهذا تم تجريد الرئيس محمود عباس من كل ما كان يتمتع به الراحل ياسر عرفات من هيبة السلطة المحلية والثورية السياسية ، أما الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية فهو محكوم عليه بالسجن المؤبد ضمن نطاق مفتوح ، ليس له باب للعالم سوى جسر الملك حسين ،أي عبر الأردن فقط ومع هذا لم يغلق الأردن المعبر أبدا.

إذا ماذا لو أجري استفتاء شعبي في الضفة الغربية والقدس لتخيير الشعب الذي لن يرى دولته تجاور دولة الفصل اليهودي بالبقاء على ما هم عليه أم بالعودة الى المملكة الأردنية ، ماذا سيكون اختيارهم ؟ وحتى لا نجيب عما لم يحدث ، فإنني أعتقد أن فكرة كهذه ستجر مشاهد كثيرة للخيال ، ليس أولها انتشار الجيش العربي مرة أخرى على هضاب فلسطين ، وفتح ذلك السجن لفضاء الحرية وتخليص الأجيال المحبطة من كابوس التاريخ المخادع.

إن معركة القدس كانت أردنية بالدرجة الأولى ،ولم يفرط الأردن وجيشه وجنده الأبطال بشبر من أرض القدس ، ولذلك فإن مصير القدس العربية من مخيم شعفاط شمالا وحتى قرية الولجة جنوبا ومصير 28 بلدة وقرية تشكل لواء القدس الشرقية ، يجب أن لايبقى معلقا ما بين حكومة متطرفة وسلطة لا تملك شيئا.

Royal430@hotmail.com


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير