عجوز تبحث عن عريس
تبدأ سنة 2019 بإجراءات غلق أبوابها بعد يومين، وسندخل في حفل وداع العقد الثاني من القرن الثاني الميلادي حسب تقويم غريغوري، وفي تلك السنة المتوقع كثرة الأمراض الاقتصادية والسياسية فيها على بلادنا،سنشهد، إن كُنا أحياءً أو نعّي ونتفكر في أحوال العالم، حركة نهوض عالمي في العديد من دول العالم الثالث والتي سجلت أسماءها على قائمة الدول الصاعدة والاقتصادات الناشئة بعدما كانت في حضيض التخلف الاقتصادي والسياسي والعلمي، وهي بالضرورة لم تعتمد على مخزونات النفط ولا الضرائب ولا المساعدات الخارجية، بل إن أساس نهوضها كان تطوير العقل البشري والإرادة السياسية المستشرفة لحكوماتها التي تخدم بلادها لا أن تتآمر عليها.
أربعة بلدان عربية عملاقة حسب إرادة «سايكسبيكو» العراق وسوريا والجزائر والسودان، سجلت نفسها في صندوق المعونة العالمية رغم أنها تمتلك مقدرات وثروات باطنية وأراضي زراعية وكثافة سكانية تمكنّها من العيش برخاء تحسدها عليها الشعوب الاسكندنافية، ومع هذا ضربتها زلازل سياسية واجتماعية وعسكرية فدمرت قوتها وجعلت شعوبها في مقدمة طوابير اللاجئين عالميا، والسبب البسيط في ذلك ليس مؤامرة عالمية عليهم بقدر ما كانت مؤامرة إفعوانية متخلّفة من قيادات ظنت نفسها وريثة عرش فرعون، ونظرت لشعوبها بعيون طائفية وعرقية ثم نصبّت نفسها آلهة عليهم فدمرت البلاد وشتت العباد.
الأسوأ من حال أشقائنا المبتلين، هم نحن اللذين نفاخر بأننا في الأردن نختلف عن الجميع، ولدينا خصوصية لا تجدها في كثير من الدول المجاورة أو البعيدة، وهذا في الواقع كلام صحيح ولكنه يؤخذ على غير مراميه الحقيقية، فشمالنا سوريا التي لم نعد نعرف أهي شقيقة أم شقت الثوب عنا، وشرقنا العراق الذي شق ثوبه نصفين، وجنوبنا السعودية التي بدأت نهضة جديدة في تدفق دماء الشباب والانفتاح والعصرنة وبميزانية حكومية حطمت أرقاما قياسية غير مسبوقة، فيما لا نزال نتخبط بمديونيات جديدة جرّت القطاع الخاص معها والذي كان يتغنى الليبرال بأنه أفضل حل لمشكلتنا البيروقراطية والمالية، فسقط الليبرال والبيروقراط والموازنة والعام والخاص بحيص بيص.
في السنة القادمة 2020 لن يكون الحال أفضل من العام 2001 وهذا ما تؤكده الوقائع والبيانات، ففي بداية القرن الجديد استطاع الأردن آنذاك من توفير منح ومساعدات تجاوزت سبعة مليارات دولار صافية فضلا عن تدفق النفط من الشقيقة السعودية والعراق بأسعار شبه مجانية، وبعد خمس سنوات أصبحت الأموال كالمطر بين أيدي المواطنين فضلا عن الحكومة، فانتقلنا من بيئة المتواضعين ماليا الى «البغددة» حتى فقد نصف الأردنيين ثلثي أراضيهم طمعا بالنقد، وما هي سوى ثلاث سنوات حتى ضرب الزلزال مجددا، فبدأ مؤشر النمو ينحدر شعبيا ورسميا الى أن وصلنا الى مديونية شعبية تفوق مديونية الحكومة العاشرة قبل ان تفوز علينا الحكومة الحادية عشرة وتكسر قانون الدين العام لنغرق ونغرق.
Royal430@hotmail.com