لماذا دخل الجيش على الخط المدنيّ ؟
فايز الفايز
جو 24 :
كنت قد واكبت ورصدت وكتبت عن أغلب الحروب والصراعات التي دارت على أرض العرب منذ عام 1991، وقد شهدنا للأسف في كثير من أوقات الأزمات المميتة والمآسي المقيتة كيف أن البعض يستغلون الكوارث لحساب مصالحهم، ولو أصدرت كشف حساب لبعض الأشخاص الذين يشار لهم اليوم بالبنان في بلادنا، لوجدنا على الأقل مجموعة من أصحاب المليارات أثُروا واكتنزوا مئات الملايين والمليارات باستغلالهم وقت الحرب أو الأزمات الإنسانية جراء الصراعات حتى وقتنا هذا، وهذه الفئة عابرة للتاريخ والأمصار، ولهذا لا نستغرب حين يتم استغلال أي أزمة لمصالح فردية لأشخاص باعوا أنفسهم لحساب ملذاتهم، مثلهم مثلما حولنا من تجار الحروب وأغنياء الكروب، ومع هذا لم تستطع القوانين المدنية محاصرتهم أو النيل منهم، فكان لا بد من آلية لا يملكها إلا الجيش اليوم لردع فسادهم وخطرهم على الوطن.
هناك من لم يستوعب حتى اللحظة أن مهمة الجيش ليس الدفاع عن حياض الوطن من أي خطر خارجي فحسب، بل أن الأساس أن يحميه داخلياً في خطر طارئ، وإن أعطى قانون الدفاع اليد الطولى لجيشنا العظيم في التحرك كيفما يشاء لتحقيق مبدأ حماية المواطنين وكل المقيمين على أرض هذا الوطن الذي احتضن كل الأشقاء والأصدقاء، فإنه مكلفّ بردعّ أي إعتداء على حياة الناس أو استغلال السلطة أو السطو على المال العام أو إثارة البلبلة بالكذب أو الإشاعات المغرضة، وكما تجولت المستشفيات الميدانية العسكرية من العراق الى غزة حتى ليبيا وإفغانستان لإسعاف المرضى والمصابين، فهو اليوم يحمي الوطن من مرضى النفوس أيضا.
ما قد لا يعرفه الكثيرون أن أجهزة القوات المسلحة ومثلها الأجهزة الأمنية قد منعت سابقاً كثيراً من محاولات التغول على الدستور والقوانين ومن تثبيط رغبات البعض بتغيير منهجيات وطنية لصالح أفكار تغريبية مستغلين وظائفهم الحكومية، وكانت التقارير والتوصيات في زمن مضى ترُفع لتكون هي القول الفصل بالمحافظة على استقرار الوطن وحماية الكتلة الشعبية دون تفريق بين فئات المجتمع، وإن استغل بعض ضعاف الأنفس سلطتهم في زمن مضى لتحقيق مصالحهم الخاصة، فقد لعبت القيادة دور المحاسب السريع لضرب أيديهم وإعادة حق الدولة وعدم تكرار إساءتهم لمبادئ الحق التي تستند عليها عقيدتنا السليمة، فكم أغاث جيشنا مئات آلاف الأشقاء عبر الحدود وحمل مرضاهم وعجائزهم على ظهور جنودنا.
من هنا رأينا كيف يلتف جميع سكان هذا الوطن بمختلف أطيافه على قول واحد، عاش جيشنا العظيم، ولا يحق لأي حاقد أن يعترض على الكيفية التي تتخذ لحماية مصالح الدولة العليا وأمن المواطنين، وكل ذلك بإدارة مباشرة من جلالة الملك الذي جمع الحكومة مع الجيش والأجهزة الأمنية لوضع الخطط الذكية وإدارة الأزمة واقتحام بؤر التقصير والفساد بناء على مواد قانون الدفاع الذي تم تحديد مهامه دون تغول على الحريات السياسية والفردية، حتى ننتهي من هذه الغُمة.
لذلك لا يحق لكل «حامي رأس» أن يطعن في الإجراءات لغايات الاستعراض وليّ عنق الحقيقة لحماية الفاسدين إداريا ومصلحياً، بل الحق للمواطن سليم السجية والمتصالح مع ضميره أن يفخر بالجيش ويتغنى به، ولهذا فإن هناك فرقا بين مصطلح القوات المسلحة ترهيباً ومصطلح الجيش ترغيباً، فجيشنا الأردني العربي كما كان جيش الحرب فهو اليوم جيش السلام، وهذا ليس تزلفاً أو طمعاً كعادة البعض، ولكن جيشنا اليوم يثبت بعد مرور السنين بأنه جيش السلام الأهلي وحامي الوطن بطريقة حضارية لم تخطر على بال البشر، يقطع طريق الفاسدين ويحمي الحريات العامة والقوانين الدستورية دون أحكام عرفية مطلقة تنتقص من إنجازاتنا المتواضعة.