قانون الانتخاب الجديد.. يكرس الانقسامات الدينية و القومية و الجندرية ؟
د. محمود عواد الدباس
جو 24 : اطلعت كحال الكثيرين من المواطنين على مسودة مشروع قانون الانتخاب للعام 2015م، والذي أقرّه مجلس الوزراء الأردني. في الحقيقة إنني لا اتفق هذه المرّة مع الحكومة القوية في رؤيتها، ولعلّي أحصر ذلك الاختلاف بيننا في المجالات التالية ، ولكل واحد منها أسبابه الوجيهة .
أولاً : عدد أعضاء مجلس النواب . لا أوافق الحكومة على مشروعها الجديد ، بتخفيض عدد مقاعد مجلس النواب الى (130) مقعدا فقط ، فذلك الرقم لا يزال كبيرا على المجتمع الأردني . أتذكر هنا أن الملك عبدالله الثاني قال في إحدى مقابلاته مع الصحافة الأجنبية: أن عدد أعضاء مجلس النواب ( 150) عضوًا ، يعدّ رقمًا كبيرًا على المجتمع الاردني . ترجمةً لفهمي الذاتي للخطاب الملكي ، أرى أن العدد المناسب هو ( 84) عضوًا، كرقم تقديري ، على أن يكون نصيب كل محافظة مساويًا للأخرى ، أي ( 7) مقاعد لكل محافظة . إن هذه المساواة تجنبنا ، اشكالية الجغرافيا والديمغرافيا التي يتحدث عنها البعض . أعزز كلامي هذا بأن مجلس الشيوخ الأمريكي ، وهو المجلس الأعلى في الصلاحيات من الكونغرس ، تكون الولايات الامريكية متساوية التمثيل .
ثانيًا : عدد الأصوات للناخب الواحد . منحت الحكومة من خلال مشروع القانون الجديد ، الناخب عدد من الأصوات بعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ، والتي هي المحافظة كاملة ، باستثناء العاصمة عمان و إربد و الزرقاء ، التي ستقسم إلى عدّة دوائر إنتخابية . الاشكالية هنا من وجه نظري ، تأتي من أن فرضية سياسية مفادها أن تعدد الأصوات للناخب، ستحدد نتائج الانتخابات مسبقًا ، فمن المتوقع ، أن تكون هوية الرابحين في الانتخابات ، هما ،اثنان : التيار المنظم حزبيًا ،وهم في هذه الحالة ، جبهة العمل الاســـلامي ، وأما الرابح الثاني، فهم التجمعات الجهوية الكبيرة ، أي مراكز المحافظات ، حيث الثقل الانتخابي الأكبر ، وبالطبع او الاحتمال الارجح ، أن ذلك سيكون على حساب ألوية المحافظات التي لديها ثقل انتخابي قليل أو ضعيف باستثناء المخيمات الفلسطينية في بعض المحافظات . مما يشكل خللاً واضحاً في العدالة الاجتماعية داخل كل محافظة أردنية .
ثالثًا : طريقة الاقتراع والترشح . ورد في مسودّة مشروع قانون الانتخاب ( مادة 9: أ ، د) ، أن أسلوب الترشح للمسلمين سيكون مقتصرًا على القائمة النسبية المفتوحة، فيما سيكون الترشيح الفردي من حق الأردني من الديانة المسيحية ، و الأردني من أصول شركسية أو شيشانية ، والمرأة الاردنية ، باعتبار أن الترشح الفردي هنا ، يعادل القائمة النسبية المفتوحة ، هذا برأي الشخصي يشكل إخلالًا بالمساواة بين الأردنيين .أغلبهم يترشح حكما على القائمة النسبية ، وآخرون يترشحون فرديّا ؟.
رابعًا : الإنتقال من دائرة إنتخابية إلى أخرى . أجاز مشروع القانون( مادة 4: و) ، للمواطنيين الراغبين بممارسة حقهم الانتخابي ، بالإنتقال من دائرة انتخابية إلى أخرى ، بحسب الدين ، و القومية ، و الأصل الجغرافي المحلي – مسقط الرأس العشائري . بالطبع الاشكالية ليست من موضوع الأصل الجغرافي العشائري ، وما يقتضيه ذلك ، من عودة كل شخص الى محافظته الأصلية لممارسة حقه الإنتخابي . الإشكالية ، هي في موضوع الأردنيين من الديانة المسيحية ، و الأردنيين من الأصل القومي الشركسي أو الشيشاني ، وحق كل فرد منهم ، باختيار أي دائرة انتخابية ، يوجد بها مقاعد للمسيحيين أو الشراكسة و الشيشان ، ما لم تكن تلك المقاعد موجودة في المحافظة الجغرافية التي يسكنها . هذا التوجه له مؤشرات خطيرة على المدى القريب و المتوسط و البعيد ، إذ أنه سيجعل الإنتماء القومي و الديني مقدمان على الإنتماء الجغرافي المحلي ؟. أي أن ذلك هو مأسسه غير صحيحة للتنوع في مجتمعنا الاردني ؟.
البديل المقترح ؟.
عملا بحقي كمواطن ، أقترح أن تكون جميع محافظات الوطن متساوية في عدد المقاعد النيابية كما أسلفت ، مع استمرار العمل بنظام الصوتين الإنتخابي ، ثلثي المقاعد للدوائر الفردية ، والثلث الأخير للقائمة النسبية على مستوى المحافظة، بحيث يكون الصوت الاول للدائرة الفردية ، والثاني للقائمة النسبية المغلقة على مستوى المحافظة .
ختاما . صحيحاً أن الحكومة تحاول عبر مشروعها الانتخابي هذا ، أن تعدل سلبيات التجارب الانتخابية السابقة ، لكنها وبما قدمته من صيغة مقترحة ، ستقع في سلبيات أكبر أبرزها : غياب أكثر للمساواة بين المواطنين نتيجة اختلاف الدين و القومية و النوع الاجتماعي – بحسب طريقة الترشيح- . وخروج للألوية في المحافظات من الكعكة الإنتخابية نتيجة لسيطرة مراكز المحافظات ،والقوى السياسية المنظمة، كما هو الحال في العام 1989م ؟. أملي ألا يصبح ذلك قانونًا رسمياً وأن تبقى المسودّة مسودّة؟.
أولاً : عدد أعضاء مجلس النواب . لا أوافق الحكومة على مشروعها الجديد ، بتخفيض عدد مقاعد مجلس النواب الى (130) مقعدا فقط ، فذلك الرقم لا يزال كبيرا على المجتمع الأردني . أتذكر هنا أن الملك عبدالله الثاني قال في إحدى مقابلاته مع الصحافة الأجنبية: أن عدد أعضاء مجلس النواب ( 150) عضوًا ، يعدّ رقمًا كبيرًا على المجتمع الاردني . ترجمةً لفهمي الذاتي للخطاب الملكي ، أرى أن العدد المناسب هو ( 84) عضوًا، كرقم تقديري ، على أن يكون نصيب كل محافظة مساويًا للأخرى ، أي ( 7) مقاعد لكل محافظة . إن هذه المساواة تجنبنا ، اشكالية الجغرافيا والديمغرافيا التي يتحدث عنها البعض . أعزز كلامي هذا بأن مجلس الشيوخ الأمريكي ، وهو المجلس الأعلى في الصلاحيات من الكونغرس ، تكون الولايات الامريكية متساوية التمثيل .
ثانيًا : عدد الأصوات للناخب الواحد . منحت الحكومة من خلال مشروع القانون الجديد ، الناخب عدد من الأصوات بعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ، والتي هي المحافظة كاملة ، باستثناء العاصمة عمان و إربد و الزرقاء ، التي ستقسم إلى عدّة دوائر إنتخابية . الاشكالية هنا من وجه نظري ، تأتي من أن فرضية سياسية مفادها أن تعدد الأصوات للناخب، ستحدد نتائج الانتخابات مسبقًا ، فمن المتوقع ، أن تكون هوية الرابحين في الانتخابات ، هما ،اثنان : التيار المنظم حزبيًا ،وهم في هذه الحالة ، جبهة العمل الاســـلامي ، وأما الرابح الثاني، فهم التجمعات الجهوية الكبيرة ، أي مراكز المحافظات ، حيث الثقل الانتخابي الأكبر ، وبالطبع او الاحتمال الارجح ، أن ذلك سيكون على حساب ألوية المحافظات التي لديها ثقل انتخابي قليل أو ضعيف باستثناء المخيمات الفلسطينية في بعض المحافظات . مما يشكل خللاً واضحاً في العدالة الاجتماعية داخل كل محافظة أردنية .
ثالثًا : طريقة الاقتراع والترشح . ورد في مسودّة مشروع قانون الانتخاب ( مادة 9: أ ، د) ، أن أسلوب الترشح للمسلمين سيكون مقتصرًا على القائمة النسبية المفتوحة، فيما سيكون الترشيح الفردي من حق الأردني من الديانة المسيحية ، و الأردني من أصول شركسية أو شيشانية ، والمرأة الاردنية ، باعتبار أن الترشح الفردي هنا ، يعادل القائمة النسبية المفتوحة ، هذا برأي الشخصي يشكل إخلالًا بالمساواة بين الأردنيين .أغلبهم يترشح حكما على القائمة النسبية ، وآخرون يترشحون فرديّا ؟.
رابعًا : الإنتقال من دائرة إنتخابية إلى أخرى . أجاز مشروع القانون( مادة 4: و) ، للمواطنيين الراغبين بممارسة حقهم الانتخابي ، بالإنتقال من دائرة انتخابية إلى أخرى ، بحسب الدين ، و القومية ، و الأصل الجغرافي المحلي – مسقط الرأس العشائري . بالطبع الاشكالية ليست من موضوع الأصل الجغرافي العشائري ، وما يقتضيه ذلك ، من عودة كل شخص الى محافظته الأصلية لممارسة حقه الإنتخابي . الإشكالية ، هي في موضوع الأردنيين من الديانة المسيحية ، و الأردنيين من الأصل القومي الشركسي أو الشيشاني ، وحق كل فرد منهم ، باختيار أي دائرة انتخابية ، يوجد بها مقاعد للمسيحيين أو الشراكسة و الشيشان ، ما لم تكن تلك المقاعد موجودة في المحافظة الجغرافية التي يسكنها . هذا التوجه له مؤشرات خطيرة على المدى القريب و المتوسط و البعيد ، إذ أنه سيجعل الإنتماء القومي و الديني مقدمان على الإنتماء الجغرافي المحلي ؟. أي أن ذلك هو مأسسه غير صحيحة للتنوع في مجتمعنا الاردني ؟.
البديل المقترح ؟.
عملا بحقي كمواطن ، أقترح أن تكون جميع محافظات الوطن متساوية في عدد المقاعد النيابية كما أسلفت ، مع استمرار العمل بنظام الصوتين الإنتخابي ، ثلثي المقاعد للدوائر الفردية ، والثلث الأخير للقائمة النسبية على مستوى المحافظة، بحيث يكون الصوت الاول للدائرة الفردية ، والثاني للقائمة النسبية المغلقة على مستوى المحافظة .
ختاما . صحيحاً أن الحكومة تحاول عبر مشروعها الانتخابي هذا ، أن تعدل سلبيات التجارب الانتخابية السابقة ، لكنها وبما قدمته من صيغة مقترحة ، ستقع في سلبيات أكبر أبرزها : غياب أكثر للمساواة بين المواطنين نتيجة اختلاف الدين و القومية و النوع الاجتماعي – بحسب طريقة الترشيح- . وخروج للألوية في المحافظات من الكعكة الإنتخابية نتيجة لسيطرة مراكز المحافظات ،والقوى السياسية المنظمة، كما هو الحال في العام 1989م ؟. أملي ألا يصبح ذلك قانونًا رسمياً وأن تبقى المسودّة مسودّة؟.