الشعب الأردنيّ ينتفض ضد السفراء الثلاثة ..والنظام لا يقبل ؟
ثلاث مطالبات شعبيّة الى الان بطرد ثلاثة سفراء اجانب في العاصمة الاردنيّة عمان ، وهم تباعا، السفير العراقي الذي يمثل نظام شيعي ، والسفير السوري الذي يمثل نظام سياسي بعثي ، والسفير (الاسرائيلي) الذي يمثل حكومة يمينية متطرفة، لعل القاسم المشترك لدولهم الثلاث محاولتهم المستمرة بلع الاردن سياسيا و اقتصاديا ، غير أن الاردن لا يزال صامدا مقاوما لذلك ؟.
جاءت المطالبة الشعبية الاولى بطرد السفير العراقي في عمان ، نتيجة لحادثة الاعتداء على عدد من المحامين الأردنيين من قبل طاقم السفارة العراقية في عمان خلال الحفل الذي اقامته السفارة في المركز الثقافي الملكي (2013م)، وما اعقب ذلك من حالة التجمهر الشعبي الاردني الكبير الاحتجاجي امام السفارة العراقية ، وقيام اجهزة الأمن الاردنية بحماية السفارة وطاقمها، واعتقال عدد من المتظاهرين . مما لا شك فيه أن تلك الحادثة عكرت اجواء التمدد العراقي داخل الاردن ، ألا أن صفاء الاجواء بين البلدين عادت من جديد تحت عنوان التعاون الاقتصادي ، والذي توج بالاتفاق على مرور انبوب النفط العراقي من الاراضي الاردنية انتهاء بميناء العقبة لغايات التصدير الخارجي .
في السياق ذاته ، جاءت المطالبة الشعبية بطرد السفير السوريّ(2013م) ، نتيجة لتصريحاته المتكررة باتهام (الاردن) بالتآمرعلى (ســـوريا) ، بقي الرد الرسمي متحفظا؟، لم يطرد السفير ،وتم الاكتفاء بتوجيه كتاب رسمي حسبما يقال من وزارة الخارجية الاردنية الى السفير السوري يؤكد ضروة الالتزام بالاعراف الدبلوماسية ،مع ذلك بقي الجانب الرسمي السوري يصعد في اتهاماته للاردن، اكد ذلك ما ورد على لسان وزير خارجية سوريا في مؤتمر جنيف (2) عندما وصف الدولة الاردنية بـ( الجار الجنوبي الضعيف .....)، قابل تلك الاتهامات حالة الصمت المطبق لوزير خارجية الاردن امام تصريحات (المعلم )، نتيجة لذلك ارتفعت خيبة الامل الشعبية ،مع زيادة الشعور بحالة النقص الوطني امام الجارة الشمالية ؟.
في الاتجاه الشعبي الناقم ،وحالة فقدان الامل من عملية السلام في الشرق الاوسط ، جاءت مطالبة مجلس النواب بطرد السفير (الأسرائيلي ) من عمان ، وسحب السفير الاردني من (تل ابيب) ، مما لاشك فيه أن تفسير تلك المطالبة تدخل في ابواب متعددة و ليس في باب واحد، نوردها على النحو التالي .
اولا : تدخل تلك المطالبة في باب تعزيز حالة الحصار الدبلوماسي والاقتصادي الدولي الذي يمارس على الدولة العبرية ، كي تغيّر من قناعاتها ومواقفها بشأن مبادرة سلام نهائية مع منظمة التحرير الفلسطينية ، من الشواهد على ذلك مواقف الاتحاد الاوروبي الاخيرة ، وما كتب في وسائل الاعلام من مقاطعة الاتحاد الاوربي للمنتوجات المصدرة من المستوطنات غيرالشرعية في الضفة الغربية ، والتوجه لسحب استثمارات اوروبية من داخل ( اسرائيل ) ، اضافة الى الحوارات الحادة والتهجمات الكلامية من وزراء في الحكومة ( الاسرائيلية ) تجاة وزير الخارجية الامريكي (كيري ) ، فالرجل ليس على مقاسهم (100%)، يعزز ذلك تحذيره لهم من حالة حصار دولي قد تواجهها ( اسرائيل ).
ثانيا : قد تعتبر المطالبة النيابية الاردنية بطرد السفير (الاسرائيلي ) رداعلى مناقشات (الكنيست الأسرائيلي) لاقتراح نيابي بسحب الوصاية الدينية عن الاماكن الدينية في القدس ، والتي يسميها الاعلام الاردني تارة بالوصاية الاردنية ، و تاره اخرى يسميها بالوصاية (الهاشمية)، دون ادنى حالة توحيد للمصطلحات التي تعبر عن موقفنا السياسي .
ثالثا : قد تدخل المطالبة النيابية الاردنية بطرد السفير (الاسرائيلي ) في تأكيد حالة الانقسام بين مؤسسات النظام السياسي الاردني حول العلاقة مع (اسرائيل )، يعزز ذلك سابقة احراق العلم (الاسرائيلي ) داخل اروقه البرلمان الاردني ابان الاعتداء الصهيوني على غزة ، علما بأن تلك الخطوة لا تنسجم مع طروحات(الحكم) في المحافل العالمية ، فالسؤال الاهم هنا ، كيف يقول النظام السياسي أنه يدعم المفاوضات الاسرائيلية –الفلسطينية ، فيما يطالب برلمان الدولة الاردنية بطرد السفير (الاسرائيلي ) في عمان، ثمة حلقة مفقودة هنا ، يصعب تفسيرها ، كما ان تلك الخطوة ستبعد الطرف (الاسرئيلي ) عن اعلام الطرف الاردني بمجريات المفاوضات الثنائية مع الطرف الفلسطيني، بحسب تصريحات سابقة للحكم أن الطرفان (الفلسطيني ) و (الاسرائيلي ) يطلعونه اولا باولا بما تم التوصل اليه ؟.
ختاما، الانتفاضات الشعبية ضد السفراء الاجانب في عمان تعكس الروح الوطنية الوثابة الاردنية ، لكنها لا تتوافق مع سياسه الحكومة، الذي يصمت كثيرا تجاه تجاوزات بعض السفراء الاجانب ، ولا يستجيب للغضب الشعبي بطردهم ؟ .