2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من الموقر حتى باريس.. التطرف ينتعش

فايز الفايز
جو 24 : لا بد من التذكير بالمثل القائل: إذا فرحت للمطر فلتستعد قدماك للوحل، ولكن في بلادنا وفي الغرب أيضا يبدو أن هناك من استغنى عن الحكمة واكتفى بحمل مظلة تقيه المطر فقط، إنها نزهة شتوية لا تبتل ملابسك رغم أن الأرض حولك تغرق، وهذا ما يجعل الدول الكبرى القوية بجيوشها وأسلحتها واستخباراتها تصمت على تمدد « الفكر المتطرف» تحت ذرائع غير مبررة، حتى أن تنظيم داعش وخلال عام ونصف أصبح يمتلك «أرض دولة» أكبر من بعض الدول العربية، ويتصرف على أنه قوة كبرى تواجه حربا خارجية، لا يضيره تعداد الضربات الجوية التي بدأها التحالف الدولي طالما أن الأرض والسكان تحت سيطرته.
كانت العاصمة الفرنسية باريس على موعد فجر أمس السبت بأعتى هجوم جماعي شهدته فرنسا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فقد ضرب المهاجمون الإرهابيون المنتمون لتنظيم داعش في سبع نقاط موجعة، وخلفوا 128 قتيلا حتى أمس ومئات الجرحى، ما اضطر فرنسا العظمى لإعلان فرض حالة الطوارئ التي تلغي واحدا من قوانينها التي تبنتها الدولة الفرنسية وهي الحريات العامة، والأخطر من هذا أن هناك مساعدة داخلية حصل عليها المنفذون، ما يدل على خرق للمبدأ الأساسي للمواطنة في فرنسا، ومع هذا لا يزال هناك من لا يهتم لخطر التطرف والإرهاب الذي يعشش في عالمنا العربي.
ولنعد الى الأردن والى حادثة معسكر تدريب الشرطة في الموقر، حيث أطلق ضابط اردني الرصاص العشوائي على عدد من المدربين الأجانب وزملاء أردنيين، فقتل خمسة منهم وجرح عددا آخر، وما أعلنه وزير الداخلية سلامة حماد من أن الحادث فردي ولا علاقة له بارتباط خارجي، يثبت أن التطرف هو أحد الأمراض النفسية التي يعاني منها أي شخص بغض النظر عن صفته وموقعه، وهذا ما يجب مواجهته بقوة من خلال أدوات قانونية تمنع وتسمح بذات الوقت للأفراد التمتع بحقوقهم السياسية ومنعهم من الوقوع في حبائل التطرف والإرهاب الفردي والجماعي، فأكثر تصرفات العائلات هي إرهاب منزلي ينتج شباباً لا يتورعون عن قتل الآخرين لأتفه الأسباب. يجب أن نعترف أن هناك أناساً يفرحون لما يقع للضحايا المدنيين الأبرياء في دول غربية وعربية خصوصا إذا كانوا من غير المسلمين، أو على الأقل لا يهتمون للخبر وكأنه نفوق أسماك على شاطئ ملوث، هذه اللامبالاة عندنا نحن العرب تقابله لا مبالاة عند غالبية الشعوب الأوروبية والأمريكية، فلا يهتمون لما يحدث في عالمنا العربي من ضحايا الإرهاب وقبلها الاحتلال والاستعمار الذي خلف ملايين القتلى الأبرياء ومع هذا لم يعتبر أحد، ولكن حتى تبقى الحياة مستمرة نحو الأفضل فعلى الناس أن يهتموا لما يحدث حولهم، فالضحايا في باريس هم تماما كالضحايا في معسكر الموقر والضحايا في الضاحية الجنوبية في بيروت، ولعل الضحايا من المسلمين الرهاونجا في بورما أشد إيلاما، ومع هذا لم تذهب «داعش» هناك للثأر لهم، لأنها باختصار صناعة مركبة لغايات معقدة لا علاقة للإسلام بها.
بعد كل ما شاهدناه في الفترة الأخيرة من وحشية التنظيم الإرهابي، وما وقع في باريس وبيروت وما سيقع بلا شك في مناطق وعواصم أخرى، فلا بد من اعتراف الولايات المتحدة وحلفائها بعجز القصف الجوي لردع التنظيم، ولعل «غزوة باريس» ستدفع بفرنسا الى جمع قوات الناتو للدخول البري وغزو «داعش» في عقر داره، فضربات التنظيم موجعة للغاية وعابرة للقارات، وإن اكتفت بباريس من ذا يمنعها من الانتقال الى عواصم عربية أخرى غير بيروت. لقد بدأ تنظيم داعش بدخول مرحلة جديدة سيستهدف أهدافا منتخبة ومنتقاة بدقة، معتمدا على فئة الشباب المنتشين بالعنفوان والزهو لأن مجتمعاتهم طاردة وبلا حنان، ويجب الانتباه جيدا الى الشباب الذين يجدون وقتا طويلا من الفراغ الذي ينتعش فيه فكر «داعش» الذي يدخل لهم عن طريق دغدغة مشاعرهم بمحاربة الدول الكافرة حسب تصنيفهم، فيما الدول العربية منشغلة بالسلطة وتربية النخب الملائمة، وتركت الشباب ضحية للأفكار المتطرفة والشعور بالإقصاء حتى بات شبح المؤامرة يسيطر على مجتمعاتنا، التي ترفض كل رواية رسمية للأسف.

الرأي.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير