jo24_banner
jo24_banner

بين «ديزل» و«زهير» تضيع الحقائق

فايز الفايز
جو 24 : مرّ أسبوع وأكثرعلى عملية باريس ولا يزال العالم منشغلاً بها وكأنها أول عملية إرهابية تنفذ في هذا العالم، قبلها بيومين في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وبعدها أول من أمس في العاصمة المالية وجميعها خلفت عشرات القتلى والجرحى ، وأبدى العالم تعاطفه مع المجتمع الفرنسي، بل زاد التعاطف الى حدود النفاق السياسي العالمي ، فالجريمة هي الجريمة والمجرم هو المجرم والضحايا جميعهم في كل بلاد العالم هم بشرّ يحرم قتلهم قانونا وشرعا وإنسانيا، ولكن يبدو أن العالم ونحن جزء منه لا نتعاطى إلا مع الطبقات الأكثر تحضرا وغنىً وقوة وتأثيرا، فالقتلى الأبرياء سقطوا قريباً منا في العراق وسوريا وفلسطين، والأخيرة يسقط فيها الضحايا يوميا في معركة سياسية بحتة، ولا صوت للعالم يطالب بوقف الإرهاب ضد العرب والمسلمين.

في العملية الأخيرة التي نفذتها القوات الخاصة الفرنسية ضد مخبأ ما وصف بأنه العقل المدبر لعمليات باريس «عبدالحميد أباعود» في ضاحية «سان دوني» كان هناك كلب يدعى «ديزل» وسقط هذا الكلب البوليسي أثناء تدخله في المهمة، وهب الفرنسيون منذ نشر الخبر لإبداء التعاطف مع الكلب ديزل، وانتشر وسم على مواقع التواصل الإجتماعي الفرنسية بالملايين بعنوان « أنا كلب»، فيما مرّ العمل البطولي الذي قام به حارس أمن ستاد» دو فرانس» مرور النسيم على الساسة الفرنسيين ، بعد أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال قصته، فيما سارع مراسل موقع سي ان ان في الرباط الى نفي القصة على أساس أن زهير كان في الأنفاق ونقل مراسل الصحيفة الأمريكية المشهورة قصته دون التأكد.

إذا ما بين الكلب ديزل وما بين الحارس زهير، وما بين الجهود الكبيرة التي يبذلها غالبية العرب والمسلمين لإثبات براءتهم من التهمة الجاهزة لهم بالتطرف والإرهاب وأنهم مدنيين ومتحضرون وضحايا أيضا، تضيع الحقيقة في أروقة القرار العالمي لمواجهة التنظيمات المتطرفة، وهي أن شخصا واحدا أو عشرة أو الف شخص معتوه ومنحرف لا يمثلون أمة بأكملها، بل إن هناك جهات رسمية في دول كبرى هي من تصمت أو تترك الباب مفتوحا لبروز هؤلاء الأشخاص ليعيثوا في العالم العربي أو في القارات الأخرى ، ويتمددوا ويتضخموا على حساب الحقيقة الأصلية وهي أن العالم العربي هو أول ضحايا الإرهاب العالمي منذ الإستعمار حتى منظمات متشددة كالقاعدة وفراخها.

فرنسا المكلومة استطاعت كما توقعنا الى إنتزاع قرار أممي باستخدام كافة الأساليب والطرق لمواجهة إرهاب تنظيم داعش، ولكن ما الذي يمكنها فعله حتى لو انضمت لها كل الدول الأوروبية، فأسطولها الحربي تحرك الى الشرق تقوده المدمرة شارل ديغول، ويقابلها الأسطول الروسي الذي يقصف حلب وإدلب والرقة من بحر قزيون بالصواريخ البالستية، وطائرات الميغ والسوخوي تتناوب على دك معاقل التنظيم، والرافال الفرنسية تضرب بعنف هناك أيضا، ولكن هل ستقضي على التنظيم فعلا، أم هي فورة غضب يريد الجميع أن ينفس عنها بالقصف الذي يطال أيضا مدنيين أبرياء.

إن ما هو أخطر من عملية باريس ، ومن مقتل 130 فرنسيا بالنسبة لفرنسا هو الإختراق الأمنّي، والذي ألمح له الرئيس فرانسوا اولاند في أول تصريح ليلة الهجوم، حينما قال هناك تواطؤ داخلي، فهل ستبقى أوروبا بشكل عام آمنة ضد الهجمات لمجرد أنها تقصف مواقع داعش في سوريا والعراق، أم أن حالة الاستعداء التي باتت تضرب في المجتمعات الأوروبية ضد المسلمين هناك هي التي ستخلصهم من الخطر الداخلي، حيث التمييز ضد المعتقد الديني الذي يمارس هناك يضرب على العصب الحساس لدى الشباب الفرنسي من الأصول العربية، وانفلات اليمين المسيحي ضد مبدأ الحريات الدينية التي بنيت عليها الدولة الفرنسية الرابعة.

اعتقد أنه من غير المفيد الحديث بصوت العقل في جمهور من الغاضبين، ولن تجد التصريحات ورسائل التنديد والشجب العربية أي طريق لعقول الثكالى هناك، ولكن يجب أن يفهم الغرب أن بينهم جسماً غريباً إما أن يعالجوه علاجا جذريا من خلال دمجهم في مجتمعاتهم ومنحهم الحقوق الكاملة، أو إخراج كل من جاءهم طريدا ليعود الى بلاده ليمارس فيها ما يريد ، والأهم أن تتم مواجهة أي ظهور لأي تنظيم متطرف منذ اللحظة الأولى وعدم الزج بالإسلام والعروبة في أتون سياساتهم.

Royal430@hotmail.com


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير