الملك يريد وقف العمل بالجاهات السياسية
إصلاح ذات البين هو الامر الذي يستوجب اعداد جاهة من وجوه الخير لاحلال الصلح والوئام محل الخصام، ما بين طرفين قادتهما الاقدار والصدف للشجار والتصادم، او الحوادث على شتى اسبابها وانواعها، والامر مقبول عرفا وعادات حميدة، ولا بأس ان تستمر لما بذلك من سلام وتأمين حقوق او تعويضات واعادة لاجواء الامن والهدوء بين الناس.
اما الاصلاح بمفهومه السياسي والاقتصادي لا يستوي معه امر الجاهات، والا سيفهم من الامر وجود خصومة ما بين الحكم والشعب، وعندما يقال على لسان رأس النظام إن لا تراجع عن تحقيق الاصلاح الشامل في مختلف المجالات، فإن الذي يفهم من ذلك الانعطاف الجدي للبدء الحقيقي بالعمل، وليس الاستمرار بالجاهات والسمسرة السياسية التي تتم تحت يافطة حوار ومقترحات، دونما سند حقيقي من صاحب الشأن، ولنا ان نتخيل لو ان المعارضة السياسية تعمل بنفس الاسلوب، وترسل وسطاء بشأن اي امر لأي جهة كيف سيكون حينها مشهدنا اكثر بكثير من نكتة سمجة.
ومعنى لا تراجع عن الاصلاح من زاوية اخرى اعتراف مباشر بوجود خراب وفساد، ما عاد ممكنا السكوت عنه، ومتغيرات تفرض نفسها ولا يمكن مواجهتها ومنعها، وان اي مراهنة على عكس ذلك محكومة بالفشل. وطالما أن في الامر اعترافاً فريداً من كون الربيع العربي وفر فرصة للاردن للمضي قدما بالاصلاح السياسي، فإن اقتناصها لم يتم بعد، والا كيف يمكن تفسير استمرار الحراك بالشارع والاعتقالات منه، وسن قانون المطبوعات بالسرعة التي تثير الاستهجان والرعب معاً.
الاصل أن ما اكده الملك امام الامم المتحدة ملزم، وعكس ذلك يعني وجود من يدفع نحو المثل الشعبي المصري «اسمع كلامك يعجبني اشوف عمايلك استعجب».
وعليه، فإن الاصغاء لمطالب الاصلاح المطروحة في الشارع، واعلان البدء بالتجاوب معها، والانطلاق بذلك بإعلان وقف العمل بقانون الانتخابات بالقنوات الدستورية، ومثله قانون الحريات وذات الحال للهيئة المستقلة للانتخابات بحلها، واعادة تشكيلها، واعلان الاستعداد لفتح الدستور مجددا، والاعلان بالمقابل بما لا يقبل التأويل عن احترام وقبول مبدأ الدولة المدنية الحقيقية، كل ذلك إن لم يتم بالسرعة القصوى، فإن الذهاب الى المجهول يكون من هذا المدخل، قبل ان يكون جراء أي أمر آخر.
(السبيل)