jo24_banner
jo24_banner

مجالس أمناء الجامعات: بين التكليف والتشريف

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 : لم يعد يخفى على المتابع لشؤون الجامعات في الاردن حالة الاضطراب المؤسسي في مرافق الجامعات الرسمية والخاصة على حد سواء، ويدرك حقيقة مفادها أن كافة السبل والوسائل التي تم إنتهاجها على مدار السنوات الماضية لم تكن سواء وصفات أنية وإستجابات إنفعالية للإحتواء، بإعتبار أن الواقع أكبر دليل على عدم نجاعتها، وما تلبث أن تفكك تلك الوصفات حين وضعها على ميزان التحليل تجد أنها كميومياء ما أن تفك أربطتها حتى تتطاير في الهواء.

يتربع على هرم المؤسسات التعليمية مجالس أمناء تستمد شرعيتها واختصاصات من التشريعات الناظمة للعملية التعليمية بشكل عام، ولعل غياب الرؤيا أو ضبابية الادوار وطبيعة الاختيارات لعضوية تلك المجالس شكلت ممارسات سلبية نحو أدوار نمطية لا تتجاوز الاجتماعات الصورية والحضور المادي بعيداً عن الحضور المعنوي والفكري.

لعل من المفيد في ظل الحديث عن تطوير منظومة التعليم والحد من العنف الجامعي والتخلص من عجز الموازنات في الجامعات والحد من التضخم الاداري على حساب الفقر الفكري والفني، أن يتم الحديث عن مجالس أمناء للجامعات من حيث التشكيل والاختصاصات والصلاحيات والمهام بشكل واضح وصريح بموجب تعديل على قانون التعليم العاليم بأن يتضمن فصلاً حول معايير الاختيار والصلاحيات والمهام المنوطة بهم.

وبإعتبار هذا الشكل الاداري تقليدي وقديم، يمكننا تطوير نهج اداري حديث يتساوق مع التجارب العالمية في إدارة المرافق الجامعية العالمية والعريقة، والتي تم إخبارها على مدار قرون من الزمن، تكمن أولى تلك الخطوات بإعتبار الجامعات وقفاً عاماً لعموم المواطنين ويسري عليها ما يسري على اموال الوقفيات وآلية إدارتها، وتوجيه القطاع الخاص ومجالس الامناء إدامة هذه المرافق، وإعتبار قطاع التعليم عمومي بإمتياز كونه حقاً من حقوق الانسان الاصلية الواجب كفالتها كمياً ونوعياً من قبل الدولة.

إن تدعيم البناء المؤسسي وحصانته من أهم دعائم إستقرار المرفق الجامعي، وثبات هذا البناء أحد المؤشرات على نجاح النظام التعليمي وقدرته على تطوير مخارج لكافة الصعوبات التي تعتور مسارها المؤسسي. هذه المعطيات وغيرها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حين استكمال الجوانب الادارية لمرافق التعليم.

غياب الرؤيا الاستراتيجية للجامعات وهياكلها الادارية بما فيها مجالس الامناء أعلى تلك المراجع، جعل منها عبئاً مضافاً على الكيان المؤسسي للجامعات، وكرس ممارسات سلبية تجاه الادوار التي يمكن أن يمارسها اعضاء مجلس الامناء، فبالرغم من ان هولاء من الذوات والشخصيات العامة والذين لهم بصمات بيضاء في عدة قطاعات محلية وعالمية، الا انهم مغللوا الايدي والصلاحيات في الاسهام في البناء الايجابي في الجامعات. مما جعلها كمناصب تشريفية لهولاء الاعضاء.

أولى الخطوات الاصلاحية التي يمكن الحديث في هذا الاطار، اولا: مراجعة التشريعات الوطنية بما يكفل تحديداً لمهام وواجبات مجلس الامناء وانخراط هولاء الاعضاء في ادارة المحاور الفنية لمسار العملية التعليمية في التخصصات من خلال تقسيم عملهم الى لجان حسب الخبرة والدراية والمعرفة وحقل التخصص، وثانيا: أن يتم وضع خطة استراتيجية لمجلس الامناء تقر من قبله وتعلن للعموم وتكون لمدة ولاية المجلس وان تخضع للتقييم لتبيان حجم الانجاز والاخفاق والقيام بالادوار والمسؤوليات، وان تكون تلك المخرجات أحد معايير التقييم الموضوعي والمحايد للمجلس والإدارة الجامعة.

أن يتم تشكيل لجان اقتصادية من مجلس الامناء وادارة الجامعة يكون واجبها النهوض بالاعباء الاقتصادية للجامعات من حيث تنويع وتطوير مصادر دخل تتناسب مع طبيعة القطاع الاكاديمي، الحد من المديونية وتطوير خيارات وبدائل اقتصادية، بسط الرقابة على كافة التعيينات الاكاديمية والادارية في الجامعة ووفقاً لإجراءات يتم الاعلان عنها بشكل مستمر نتلافياً لأي ضغط أو تأثير.

تبني خطط وطنية لاشراك مؤسسات المجتمع المدني أو تطوير صيغ للتعاون معها، من خلال الاسهام في بعض النشطات اللامنهجية او في بعض الحقوق الفنية التطبيقية التي تتطلب ذلك، وفي ذات السياق تطوير ومراجعة اليات واجراءات المسؤولية الاجتماعية ففي كافة التجارب العالمية كانت الجامعات القطاع المرغوب فيه من قبل شركات القطاع الخاص لتنفيذ بند المسؤولية المجتمعية.

كل هذه المعايير وغيرها ظلت غائبة عن تشكيل مجالس أمناء الجامعات في الحقبة الزمنية المنصرمة، مع تلاشي أي دور حقيقي عبر الزمن، وباتت ملامح العزلة واضحة بين اعضاء مجالس الامناء والمرافق الجامعية بكل مكوناتها. واصبحت العضوية في تلك المجالس شكلية فخرية فاقدة لبذور نشأتها وتكوينها.
تابعو الأردن 24 على google news