jo24_banner
jo24_banner

الواجب الاخلاقي والمؤسسي والمهني يوجب على مجلس أمناء الوطني لحقوق الانسان الاستقالة

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 :



على ضوء تعديلات قانون المركز الوطني لحقوق الانسان والتي إشترطت أن لا يكون رئيس مجلس أمناء المركز أو المفوض العام عضواً في أي حزب سياسي حفظاً على حياد المركز وأعماله من أي إنحراف وتقدير المقاربة السياسية وسلامتها على تدفقات عمل حقوقية وليس سياسية، ولا مراء على أن المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان ذات بناء مخصوص تستمد ولايتها من مبادئ باريس المتعلقة بإنشاء المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان والذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1993 ومن قانون المركز وفقاً لأخر التعديلات.

وتضمنت هذه المبادئ الحدود الدنيا لتشكيل هذه المؤسسات وتشير الادبيات المتعلقة بإعتماد المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان الى أن التشكيل الخاص بتلك المؤسسات ذو طابع تضامني تكافلي أي بمعنى أن إختيار الاعضاء يكون على أسس معينة تراعي الفئات التي تعنى بالمجتمع المدني وحقوق الانسان بالدرجة الاولى وهذا يؤدي الى تشكيله متوازنة فإذا ما حدث أي إخلال أو نقص فإن التوازن المبحوث عنه والذي شكله من أجله المجلس سوف ينهدم وبالتالي يصبح المجلس فاقداً للغاية التي روعي من أجلها هذا التشكيل وبالتالي الاخفاق في النهوض بمهامه.

وتم الاشارة بشكل صريح في مبادئ باريس على أنه ينبغي أن يكون تكوين المؤسسة الوطنية وتعيين أعضائها، سواء بالانتخاب أو بغير انتخاب، وفقاً لإجراءات تتيح توفير الضمانات اللازمة لكفالة التمثيل التعددي للقوي الاجتماعية ( في المجتمع المدني ) المعنية يتعزيز وحماية حقوق الإنسان، واشراك ممثلين عن الفئات التالية: المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وجهود مكافحة التمييز العنصري ونقابات العمال، والمنظمات الاجتماعية والمهنية المعنية، مثل رابطات الحقوقيين، الأطباء، والصحفيين، والعلماء البارزين، و التيارات في الفكر الفلسفي والديني، و الجامعات والخبراء المؤهلون، و البرلمان، ولا يوجد ما يمنع ان يكون ممثلين عن الحكومة ولكن يكون دورهم ذو طابع استشاري ولا يشتركوا في المداولات أو التصويت.

وعلى ضوء ذلك فإن أولى الخطوات التي يجب أن تكون واضحة للملأ بأن أسس ومعايير إختيار أعضاء المجلس مبنية على هذه المقاربة وتضمن تمثيل من الفئات التي تم ذكرها، إذ أن تنوع وتعدد التمثيل للمجلس أحد معايير التقييم التي تؤخذ بعين الاعتبار للمركز من اللجنة الدولية المعنية بتقييم المؤسسات الوطنية.

باعتقادي العديد من المبررات والموجبات التي تشير الى ان المجلس الامناء تجب عليه الاستقالة حتى وان لم يطلب منه ذلك باعتقادي يجب ان يكون بمبادرة من أعضاء المجلس، ومن ذلك التعديلات التي تمت على قانون المركز والتي إشترطت ان لا يكون رئيس المجلس منتمياً الى أي حزب سياسي، وكما سبق الاشارة اليه فإن تشكيل المجلس المتنوع مقصود وغير إعتباطي وبالتالي يجب ان تتم عملية إعادة الاختيار لضمان الانسجام والتنوع على ضوء المعايير المعتمدة، وباعتقادي ان ذلك التزام اخلاقي على أعضاء المجلس بأن يبادروا الى عقد جلسة ومناقشة ذلك وتقديم استقالة جماعية لضمان إعادة التشكيل على أسس ومعايير تنسجم مع أفضل الممارسات.

ومن ضمن المبررات التي توجب المضي قدماً في هذا المسار ايضاً ما عصف بالمكرز من ازمات داخلية تم على ضوئها كف يد المفوض العام واثنين من كوادر الامانة العامة عن العمل واحالة الملف الى القضاء والذي لا يزال منظوراً على ضوء لجنة شكلت من مجلس الامناء واتخذت قرارات كف اليد والتي لاقت عدم قبول عام وعدم اعتمادها على اسس قانونية سليمة الامر الذي اصبح لجزء من اعضاء المجلس رأياً في المسألة مما يجرح عدالة اي سياق مؤسسي يمكن اتخاذه من قبلهم، هذا بالإضافة الى أن جزء من أعضاء مجلس الامناء كان قد شارك في المشروع الذي كان سبباً في هذه الازمة، وتم تسوية الامور المالية ودياً مما يؤكد على ان المقاربة لم تكن شمولية.

ومن جهة أخرى، فإن كوادر الامانة العامة للمركز لا تزال متوقفة عن العمل منذ ما يزيد على عشرين يوماً على ضوء اتخاذ قرارات ادارية وهيكلية لم تستند الى معايير الكفاءة والمؤهلات، فضلاً عن عدم استقرار في عملية اتخاذ القرارات وظلت محل تعديل وتبديل. كما ان المعلومات تشير الى أن أحد أعضاء المجلس سبق وان قدم استقالته منذ اكثر من شهرين ولم يتم البت فيها نهائياً او رفعها الى رئاسة الوزراء ولا يتم دعوة هذا العضو الى الاجتماعات، هذا بالإضافة الى ان هناك استعصاء مؤسسيي يحول دون قدرة المجلس على عقد اجتماع لعدم اكتمال النصاب على الرغم من أن قانون المركز يشير الى أن العضو الذي يتخلف عن الاجتماع ثلاث مرات يفقد العضوية اذ لا توجد أي عملية رصد أو متابعة لذلك على الرغم من غياب بعض الاعضاء اكثر من خمسة إجتماعات ولا يتم عرض الاعذار على المجلس وفق أحكام المادة 13 من القانون.

كل هذه الظروف الظاهرة وغيرها توجب على مجلس أمناء المركز الوطني الاستقالة من تلقاء ذاتهم لضمان ان تستعيد هذه المؤسسة الوطنية العريقة دورها الوطني وتشتبك في الحراك الحقوقي المحلي والاقليمي والدولي وتساهم في إنضاج نقاشات وطنية ذات أبعاد حقوقية على ضوء ما تشهده الدولة الاردنية من تحديث في المنظومة السياسية والاقتصادية والادارية والتنموية وغيرها.


 
تابعو الأردن 24 على google news