jo24_banner
jo24_banner

لا مزيد من الوقت للحبر على ورق "رؤية التحديث الاقتصادي"

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 :



بعيداً عن الجدل والنقاش حول مضامين رؤية التحديث الاقتصادي بكافة مكوناتها وسياقات العمل الاجرائي والموضوعي، الا ان المسألة الأعقد من ذلك تكمن في تعامل وتعاطي الحكومة مع هذه المخرجات، اذ لا يكفي ان يتم رعايتها من قبل الحكومة والتعبير للرأي العام عن الالتزام بمضامين الرؤية، فهذا لا يرتب اثراً ولا يحمل مسؤولية، فالخطة تمثل - كحد أدنى - خارطة طريق للمستقبل الاقتصادي واولوياته الوطنية في المحاور التي تضمنتها، وبالنظر الى طرائق التشكيل والعمل والمخرجات فإن ما تم الخلوص اليه الأصل أنه عابر للحكومات والمؤسسات باعتباره عمل وطني.

فلا يكفي أن تقدم الحكومة الرعاية والدعم اللوجستي والفني أو الرعاية لنقول بأن مخرجات الرؤية ملزمة وان هناك لجان تتابع طرائق وآليات التنفيذ المطلوبة وفق المؤشرات الكمية والنوعية، فالمسألة ليست بهذه السهولة والبساطة، بل يجب ان تتخذ الحكومة جملة من الاجراءات وآليات العمل الاداري والمؤسسي لننتقل بهذه المخرجات من سياق التعبير الاخلاقي والسياسي العام الذي لا يرتب أي أثر الى السياق الاداري ذو الطابع المؤسسي والذي يترتب على مخالفته أو عدم الالتزام بمضمونه جزاء واثراً ادارياً.

فكان من المتوجب على الحكومة أن تلتقط هذه المخرجات وتعبر عن ذاتها والتزامها بطابع اداري، وهذا يتطلب عقد اجتماع لمجلس الوزراء يتم فيه البحث بعمق عن آليات التنفيذ المقترحة والمتصورة، يعقبه قرار مجلس الوزراء بتبني مخرجات الرؤية بكافة محتوياتها، ومخاطبة الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة و حسب إختصاص ومهام كل مؤسسة أو وزارة بتحديد طبيعة المهام والاجراءات المطلوب منها اتخاذها واي تتقاطع هذه الاجراءات مع اهداف ومحاور الرؤية، وحصر كافة المؤسسات والوزارات المختصة كخطوة ومرحلة اولى، وفي حال اشتارك اكثر من مؤسسة او وزارة في قطاع معين أو محور أن يتم تحديد آلية العمل المشترك بين هذه المؤسسات وتقسيم الاعباء والمهام وبيان من هي الجهة المعنية على وجه التحديد بذلك.

يلي ذلك الطلب من كل مؤسسة ان تقوم بتحديث ومراجعة استراتيجيتها وخطط عملها وسياستها بما يتوائم مع مخرجات الرؤية، وبيان ما هو الإجراء الذي تم اتخاذه واين يتقاطع مع مخرجات الرؤية، وفي حال عدم وجود خطط أن يتم الطلب منها للبدء في عملية اقرار خطط ضمن إطار زمني محدد يتضمن متابعة لمهام الوزارة والمؤسسة بما ينسجم مع الرؤية، وان يتم الطلب من الوزير او المرجع الاداري الاعلى في المؤسسة بتحديد الشخص المعني بالمتابعة والتنسيق وان يكون من المراجع الادارية القيادية في المؤسسية لضمان جدية في العمل والمتابعة والاشراف على كافة الاجراءات لعملية التحديث الاستراتيجي للمؤسسات بما ينسجم مع مخرجات الرؤية، وبعد التأكد من عملية المؤامة مع مخرجات الرؤية يجب ان يطلع مجلس الوزراء على ما تم اتخاذه من اجراءات وتحديثه من خطط وسياسات للتأكد من مطابقة الاجراءات المتخذة مع مخرجات الرؤية، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، لا بد من اعتماد آلية معنية لمتابعة تدفقات العمل وجمع البيانات وفق منهجية علمية مبنية على اهداف الرؤية وقطاعاتها ومؤشرات الاداء الكمية والنوعية والبدء في عملية كتابة التقارير للقدرة على تشخيص نقاط القوة والضعف وتجاوز التحديات والعقبات التي من شأنها أن تعتور طريق تنفيذ الاهداف وتحقيق الرؤية، وفي ذات السياق الطلب من كل وزارة ومؤسسة تطوير خططها التنفيذية ومشاريعها بما يتوافق مع مؤشرات الاداء الخاصة بالرؤية، وهذا يتطلب بالضرورة اعتماد آلية إجرائية للمتابعة والتنسيق المستمر والدائم بين كافة الفاعلين لضمان تحقيق الرؤية وفق مؤشرات الاداء.

مصفوفة إجراءات لا بد من إتخاذها لننتقل بهذا الجهد الوطني من مصاف الادبيات والخطط العامة التي لا تحمل أياً كان أي مسؤولية الى مصاف العمل المؤسسي الاداري والذي يترتب عليه مسؤوليات وأعباء إدارية، وان يتم اعتبار أحد معايير التقييم المؤسسي والشخصي للقائمين على التنفيذ بناء على ذلك، بعكس ذلك ستبقى هذه الخطط حبراً على ورق، وباعتقادي بأنه لم يبقى لدينا مزيداً من الوقت لهدره على الحبر على الورق لغايات التطوير والتحديث، فالمطلوب تجاوز حالة الكسل الفكري والتكلس المؤسسي لتنهض المؤسسات بالمهام والواجبات المطلوبة منها وان تبذل قصارى جهدها في الانخراط في عملية التحديث والتطوير للتغلب على التحديات والعقبات التي تواجه الاقتصادي الوطني.


 
تابعو الأردن 24 على google news