jo24_banner
jo24_banner

في بيان وزارة التنمية السياسية وخلط الادوار

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 : طالعتنا الصحف و المواقع الالكترونية ببيان صادر عن وزارة التنمية السياسية مفادة الرد على تقرير تحليلي، حول قانون الانتخاب، يعتبر من وجهة نظري تقرير نوعي بإمتياز والاول من نوعه على مستوى الاردن، والبناء على مؤشرات ومعايير الواقع المحلي الوطني المستند الى ارقام وحقائق صادرة عن مؤسسات رسمية.
في واقع الامر حمل بيان الوزارة في مضامينه وشكله حالة من الارتباك في بناء تصور وطني عام حول كافة القضايا التي من الممكن ان تنشاء عن تطبيق القانون او النظام الانتخابي الجديد، وبدلا من الاستفادة من مخرجات هذا التقرير والاتكاء عليها كحالات افتراضية وفرضيات علمية لغايات التطبيق الامثل ذهبت الوزارة بإتجاه الرد والدحض غير المبني على رقم أو دليل، الامر الذي اظهر بيان الوزارة وكأنه وجهة نظر تحليلية تنم عن توجه مسبق حيال بعض القضايا الهامة التي يثيرها القانون.
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ان البيانات التي استند اليها التقرير تعود لعام 2013 ولا يصلح الاستناد اليها بموجب مشروع القانون بداعي تغير النظام الانتخابي من الاغلبي الى النسبي، مع العلم بأن شكل النظام الانتخابي لا علاقة له من قريب او بعيد بجداول الناخبين، حيث ان مرحلة تسجيل الناخبين عملية تحضيرية تطبق في اي نظام انتخابي سواء أكان نسبي او أغلبي أم مختلط أم غير ذلك.
اما بالنسبة للاستناد الى ارقام عام 2013 يجب التذكير بأن قانون الانتخاب لعام 2012 وبموجب المادة 7 منه إعتبر أن الجداول الاولية التي يتم اعدادها لتلك الانتخابات هي قاعدة البيانات الاولى التي سيتم تطويرها كل عام ، الا ان إرسال مشروع قانون كامل للإنتخاب أغفل الاشارة الى مصير الجداول التي تم اعدادها في عام 2013 ، وهذه أحد اشكاليات مشروع القانون الجديد التي من الواجب التنبه لها من مجلس النواب والاشارة الى الجهد الوطني الذي بذل حيال تلك الجداول، وبموجب مشروع القانون اعاد بناء جداول انتخابية من البداية وكرر ذات الاجراءات السابقة وعليه فإنه ان تم اقرار المشرع كما جاء فإن الهيئة المستقلة ودائرة الاحوال المدنية ملزمة ببناء جداول انتخابية للناخبين من البداية دون الاستناد الى أي جهد سابق، ونشير ايضا الى ان الانتخابات بموجب القانون السابق اخذت ايضا بفكرة التسجيل الحكمي لكن ذلك يتطلب تنقيح ونشر الجداول والطعون بها وغير ذلك من اجراءات طويلة، فكان الاجدر ان يتم الاشارة الى مصير المادة 7 من قانون الانتخاب لعام 2012 والتي اعتبرت الجداول التي اجريت عليها انتخابات عام 2013 قاعدة اولية لكافة الانتخابات التي ستجرى في المملكة.
اما بالنسبة لسن الناخبين ايضا لا تأثير لذلك على طبيعة الجداول الانتخابية حيث كان في القانون السابق الشرط ان من يبلغ سن الثامنة عشر منذ تاريخ سريان القانون وفقا لاحكام المادة 3 فقرة ب من القانون، وعليه فاذا سلمنا ان التسجيل سيتم الكتروني فإن من السهولة بمكان حصر من بلغ سن 18 منذ اخر انتخابات تمت. ولا علاقة لحماس الناخب وحراكه في عملية ممارسة الانتخاب ، ففي عام 2012 اشتملت جداول الناخبين مئات الاف المسجيلن الذين لم يمارسوا حق الانتخاب، فعملية المشاركة بالانتخابات لها معايير ذات ابعاد تتعلق بالمشاركة العامة والثقة بالعملية الانتخابية والمواقف السياسية.
وتجدر الاشارة الى ان التقرير اشتمل على نوعية رفيعة المستوى في حساب الابعاد الثلاث " الديموغرافي، والجغرافي ، والتنموي" ويعد التقرير بذلك المرجع الاول في الاردن الذي فتح الباب على مصراعية لبناء حوار وطني ناضج وايجابي حيال مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية، اذ ليس من الصحيح ان الاشكالية الوحيده تكمن في النظام الانتخابي حيث ان عدم العدالة في توزيع المقاعد النيابية لا تقل اهمية عنها.
وتقسيم الدوائر الانتخابية هي عملية تشريعية يجب ان تقع تحت اشراف السطلة التشريعية بموجب القانون ، وان لم يتضمنها القانون فمن الواجب ان يتضمن القانون المعايير الموضوعية لتقسيم تلك الدوائر والتي تعتبر احكام موضوعية لا يجوز تفويضها للسلطة التنفيذية دون رقيب او حسيب.
اخيراً ، نقول في هذا السياق ان انضاج قانون انتخاب للدولة الاردنية ليس من المهام الحصرية لوزارة التنمية السياسية بل على العكس لم يعد للوزارة دور في ذلك الا في الجانب الاجرائي التنفيذي والتوعوي التثقيفي، وان الهيئة المستقلة للانتخاب هي صاحبة الصلاحية دستوريا في كل ذلك، وان تعتبر الوزارة اي مقال او استقصاء او تقرير او بحث هو جزء من الادبيات الفكرية التي من شأن الوزارة وغيرها من المؤسسات الاطلاع عليها والاستفادة منها خلال سعيها لاستكمال كافة عناصر القانون الموضوعية والتنفيذية. وان العلاقة ليست ندية في تقديم ردود حول الحديث في أي شأن عام.
تابعو الأردن 24 على google news