jo24_banner
jo24_banner

السكوت عن الباطل جعل من الباطل حقا

راتب عبابنه
جو 24 : لو نظرنا بالعين الفاحصة لما جرى ويجري في الدول التي ثارت وانتفضت شعوبها على أنظمتها، نجد أن دوافعها تتماثل إلى حد كبير. وتتلخص بطلب التغيير والإصلاح بغية تحقيق العدالة والمساواة والحرية وهي مطالب مشروعة وفطرية وحقوق صودرت وارتأت الشعوب أن الوقت حان لتحصيلها.
لنا عبرة فيما جرى في تونس التي ابتليت بزوجة رئيس صلاحياتها تعادل صلاحيات الرئيس ومصر التي حكمها رئيس بطريقة ملكية وليبيا التي رئيسها ظن نفسه إلها واليمن التي حكمها رئيس دخل السياسة بالصدفة وأدار الدولة بطريقة المزرعة. البعض نجح نسبيا والبعض الآخر ما زال يدفع ثمن تصلب الأنظمة ورفضها للتغيير.
لقد وصل دوي هذه الإنفجارات لكافة الدول العربية لتشابه الظروف والدوافع والأرضية وتماثل المطالب الساعية لنيل الحرية والنزاهة والعدل وتساوي الفرص ودفن الإرث المنهجي والممنهج الذي عانت منه هذه الشعوب وهي تحكم بأدوات نهج الفردية القائمة على مفهوم الحاكم والمحكوم أو السيد والعبد أي الطاعة وإلغاء دور العقل وتعطيله ومنع وسائل التنوير التي من خلالها يرفع المواطن مستوى معرفته واطلاعه على مجريات الأمور الحياتية وما له وما عليه.
الآن وسائل المعرفة والتنوير متوفرة للجميع بفضل العولمة التي سهلت الوصول للمعلومة والخبر. جعل هذا الإنفتاح العالمي وتعدد مصادر المعرفة من الصعب على الأنظمة الإستمرار باستخدام نفس أدوات ما قبل العولمة والإنفتاح، بل استبدلتها بأدوات تتناغم مع المتغيرات العالمية مع البقاء على النهج الثابت القائم على التغول والإستخفاف والإستهتار. فتغير الشكل والمحتوى ثابت.
لذلك ولتمسكها بالتفرد وعدم قبولها الإلتقاء مع الشعوب بمنتصف الطريق، بدأت تخترع شكلا جديدا لنهجها دون المساس بالمحتوى. إذن التغيير سطحي ولم يصل للمحتوى يلمع فيظنه الناظر ذهبا والحكمة تقول ليس كل ما يلمع ذهبا.
جلالة الملك دائم المناداة بالنهوض بالعمل الحزبي الذي من خلاله يمكن تشكيل حكومة من رحم البرلمان عندما تتوفر الأرضية والمناخ المناسبين لانتخاب حكومة تفرزها الأحزاب. وللأسف لدينا ما يقارب الثلاثين حزبا مرخصا ومثلها ينتظر الترخيص. إذن أين الخلل؟؟ هل أدوات التنفيذ تقوم بدورها حق قيام بهذا الشأن؟؟
هل من حزب يتم ترخيصه دون تقديم تعهدات والتزامات غير معلنة تصب بصالح الحكومة؟؟ أضف لذلك أن الشعب الأردني ليس لديه ثقافة حزبية تجعله يؤمن ويتحمس ويقدم على الإنخراط في حزب ما. بالأحرى هناك خوف وتوجس لدى الأردنيين من الإقتراب من الأحزاب وذلك يرجع لوجود ثقافة الخوف من الأحزاب أوجدتها الحكومات وهي ثقافة رافدة للنهج الثابت.
لقد عشنا عقودا ونحن نرى الأحزاب تحارَب وتمنع ويحرم منتسبوها من الوظائف كما ينطبق الحال على أبنائهم وأقاربهم باستثناء الإخوان تركوا للتصدي للمد الإشتراكي الشيوعي. فالبعثيون والشيوعيون والقوميون وهم حزبيون تقدميون لا يؤمنون بالأنظمة الملكية حوربوا بشدة. لهذا تولدت ثقافة لدى الأردنيين مفادها ابتعد عن الأحزاب تسلم.
في الوقت الراهن لم يعد لهذه الأحزاب دورا مؤثرا. أما الأحزاب القائمة مع تقديرنا لمنتسبيها ليس لديها هي الأخرى تأثيرا على الساحة السياسية مع استثناء حركة الإخوان المسلمين التي انقسمت وتقسمت وتشظت لكنها ما زالت متواجدة.
نتحدث هنا من حيث المبدأ رغم تحفظاتنا على طرح وعقائد تلك الأحزاب. ونحن في عام 2015 ما زالت الذهنية الأردنية تختزن بهذه الثقافة الرافضة للعمل الحزبي.
نعود للأدوات التنفيذية التي لا تنفذ إلا ما تعتقد وحسب معاييرها أنه يرضي الملك ويتناسب مع الطموح الشعبي، وفي الواقع الحقيقة ليست كذلك. وما هو إلا تضليل يقصد منه تنفيذ أجندات خاصة بهذه الأدوات التنفيذية. وهذا يدعونا للقول أن المسؤولية مشتركة وكلٌّ يتحمل نصيبه منها. الكل يطالب بتدخل الملك حتى بالأشياء البسيطة فما بالك عندما يتعلق الأمر بوطن ومواطنين؟؟ فالتدخل الملكي أصبح ضرورة ملحة يترتب عليها مصير وطن وشعب، بينما عدم التدخل سيقودنا بالنهاية لما توصلت إليه الشعوب العربية من حولنا.
بناءا على ذلك، الأردن ليس محصنا ضد ما جرى ويجري في دول المنطقة والسبب ببساطة أن الأدوات التنفيذية لتوجهات الملك ليست أمينة على ما أتمنت عليه والدليل الظروف التي تزداد صعوبة وقسوة التي يعيشها المواطن الأردني والتي خلقتها الحكومات المتعاقبة عموما والحكومة الحالية خصوصا.
من الواضح سعي جلالة الملك المتواصل لجلب المستثمرين والسياسات المنفرة تعمل على طردهم. المستثمرون الأردنيون أصبحوا من أوائل المستثمرين في دبي هربا من المنغصات والعوائق التي تضعها السياسات البيروقراطية للحكومة الأردنية أمامهم. ألا يستدعي ذلك تدخل جلالة الملك لوضع النقاط فوق الحروف ويصحح المسار غير السوي؟؟
هناك لوبي فاسد يعمل ضد الوطن والملك، لوبي منتفع من بقاء الوضع كما هو عليه. وتنقل إجراءات المنع والموافقة بأي شأن للملك على أنها الأفضل ولحماية الملك ولعدم النيل من صلاحياته خصوصا عند الحديث عن الأحزاب. وللحقيقة والأمانة أن هناك إجماع شعبي من جميع مكونات الشعب الأردني على ضرورة بقاء النظام.
التغيير وبقناعة عامة لن يتحقق إلا إذا بدأ على يد الملك وفقا لما سبق ونادى به جلالته يوما بأننا بحاجة لثورة بيضاء، لكنا واجهنا تغولا وتجويعا وإفقارا توالت جميعها وتراكمت مع طول الصبر لتشكل سببا قويا لجعل الأردن بمصاف الدول التي تأثرت بالإنفجار العربي.
من الأسباب التي تضاف لوجود الشعور بالظلم والغبن والإحتقان، ثبوت أن الأردن وعلى لسان المختصين والخبراء والذين يعملون بمجال التنقيب والإستكشاف غني بثرواته الدفينة التي تنتظر الإرادة والقرار السياسيين للعمل على استخراجها ليستفيد منها الآردن ويتحرر من استعباد البنك الدولي والدول المانحة التي تتوقع من الأردن مواقف تنسجم مع سياساتها ولو كانت ضد مصالح المواطن.
ما ننشده من تغيير وإصلاح لا يتحقق إلا بالإرادة القوية والنية الصادقة التي تنطلق من الحرص على خدمة الوطن والمواطن. ولا أظن إلا أن الملك حريص كل الحرص على التغيير الإيجابي والإصلاح الحقيقي والفعلي. وبداية التغيير يجب أن تبدأ بالبطانة وكتبة التقارير والإيجازات وبحكومة صاحبة برامج زمنية تغير النهج القائم على التوريث والمحسوبية والمصالح الشخصية.
ترى ما الذي يمنع أن يتحقق التغيير؟؟ وما الذي يمنع القيام بالإصلاح فيرضى الشعب وتنسج علاقة ود وثقة بين الشعب والدولة؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.

ababneh1958@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير