مقومات البقاء في الدوار الرابع
راتب عبابنه
جو 24 :
أليس بقاء د. النسور وتحطيمه الرقم القياسي بعمر الحكومات الأردنية يستدعيان التساؤل عن مقومات هذا الرئيس للبقاء طويلا في الدوار الرابع؟؟ المنطق مع التجرد من الحقيقة والواقع يقول لا بد من توفر قدرات فريدة وجبارة وخلاقة مكنت هذا الرئيس من الإستمرار لكي لا يُحرم الأردن والمواطن من التمتع والإستزادة بما يعود عليهم بالنفع جراء ما يتمتع به د. النسور من أفكار خلاقة وسياسات حكيمة جعلته يتفوق على مهاتير محمد في ماليزيا.
لقد جرت العادة أن تتغير الحكومات انسجاما مع المتغيرات في العلاقات مع دول الجوار والظروف المحيطة في المنطقة والإقليم بالإضافة للإحتياجات الداخلية التي تحتم أحيانا اختيار شخص بعينه لتجنيب الدولة الصدام مع الشعب ولسد ثغرة يراها صناع القرار مصدر قلق.
كانت العلاقات المتقلبة مع سوريا في السبعينيات والثمانينيات تستدعي تبادل الأدوار بين صديق سوريا زيد الرفاعي وبين مضر بدران الحضن الدافئ للإخوان المسلمين. عبدالكريم الكباريتي أخذ نصيبه لقربه من الكويت وكمعبر لباقي دول الخليج لاستعادة العلاقات المجمدة بعد حرب الخليج الثانية. وبمرحلة سابقة تطلب الوضع خبير أمني جعل الحكومة من نصيب أحمد عبيدات بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر والكيان الصهيوني واحتمالية تصعيد المعارضة.
عون الخصاونة جاء بأوج الإنفجار العربي والأردن ليس بخارجه فجيء به ابن عشيرة ومن اربد حيث الثقل السكاني الغني بعشائره وعدد منتسبي القوات المسلحة. وكان الهدف التهدئة ووضع الشعب بوضعية الإنتظار والتوقف عن الحراك السبب الأكثر إقلاقا للدولة. والدكتور الخصاونة شخصية عالمية قانونية مشهود لها بالإستقامة والنزاهة مما أوحى للناس بجدية النهج الإصلاحي ومحاربة الفاسدين ــ كمطلب شعبي مباشر ــ ابتداءً بعرابهم البائع والمخصخص والمفقر. لكن الرجل النزيه لم يتمكن من البدء بالإصلاح بسبب تغول المتنفذين والبطانة إذ الكثرة تغلب الشجاعة كما يقول مثلنا. فاكتفى بالإستقالة من خارج الأردن على غير العادة عندما أيقن أنه كف يواجه مخرزا.
الليبراليون الديجيتاليون لهم أيضا نصيب من خلال سمير الرفاعي كرئيس بسن الشباب أملا بتهدئة الشباب عصب الحراك ومحوره المتفجر حينها طلبا للإصلاح ولم يفلح الآخر إذ بدأ عهده بثأر شخصي على خلفية خلاف وقف حاجزا أمام ما تبين أنه تلاعب ومنافع شخصية.
مثال آخر على كون الظروف وتداخلها الإقتصادي والأمني والإقليمي يلعب دورا في آلية اختيار الرئيس فايز الطرانة ابن القصر والمقرب من النظام بالوراثة المعروف عنه عدم رغبته للإصلاح والعمل على إعاقته وهو بمثابة حلقة الوصل بين القصر والشعب. لم يسعفه الوقت لتنفيذ أجندته فأقيل وانتظر قليلا ليحظى برئاسة الديوان الملكي ومن خلاله يرأس حكومة ظل لها الدور الكبير والمؤثر بصنع القرار.
مما تقدم نرى ان تشكيل الحكومات واختيار شخوصها مرهون بمدى تاثير المناخ السياسي العربي بالمقام الأول والظروف الداخلية ثانيا بما يرافقها من اعتبارات ومحاذير ودوافع أمنية وديموغرافية واقتصادية. السؤال هل كان النجاح حليفنا بما يفرض علينا من أصحاب الولاية، أم أن الفشل ولو نسبيا كان حليف سياساتهم؟؟
ليس بيننا وبين هؤلاء أي خصومة بل نخاصمهم ونقاتلهم عندما يكتوي الأردن والمواطن بجحيم سياساتهم. فلا مساومة ولا تهاون ولا أعذار عند المساس بالوطن وقوت أبنائه. وحقيقة هي محاولة لفهم واستذكار النمطية بالإختيار التي لا تتيح للإصلاح مجالا ولا للتغيير هامشا. وكل هؤلاء أخطاؤهم مجتمعة لا تعادل أخطاء د. النسور ربما لطول بقائه وربما لعهد قطعه على نفسه وربما لدفع من لوبي لا يريد الخير للأردن مع توفر الرغبة لديه في البقاء جالسا على الكرسي الأكثر فخامة من كرسي أوباما.
فلماذا الدكتور النسور ما زال جاثما على سدة الإدارة في الدوار الرابع؟؟ أو ما هي المقومات التي مكنته من الإستمرار رغم ذبحه للشعب وتحميله ما لا يحتمل؟؟
التغييرات التي تصيب الحكومات كانت تستدعيها ظروف معينة ولعلاج إشكالية أو معضلة وبروز حاجة لإلهاء الناس وتمرير ما يمكن تمريره من خلال من لديهم القبول والرغبة والقدرة على تحمل النقد. فكان خير اختيار د. النسور ليدير شأننا بطريقة تجعل من التغذية الراجعة دافعا لزيادة التغول والجباية والتهميش ورفع النزاهة والعدالة على الرف لعدم حاجته لهما.
أما استمراره لهذه المدة الطويلة لا بد له من منافع عادت على الوطن والمواطن جعلت من الشخص الأمثل ليبقى بموقعه. ترى لو كان مخلصا أمينا على مصلحة المواطن وعمل بصالح الشعب المنهك، هل تمكن من البقاء ستة أشهر جريا على ما حصل مع عون الخصاونة؟؟
بدأ عهده والأزمة السورية تحبو على أربع ويقول الأردن لا يغلق أبوابه لأشقائه طالبي الأمن مما زاد أعباءنا وحمل الخزينة العاجزة أصلا أعباء إضافية. غلظ الأيمان وكرر الخطابات والظهور على الفضائيات مبشرا بأن الغد أفضل من اليوم وقد ثبت بطلان هذا القول ولم نلمس إلا التراجع وزيادة الفقر.
شركة الكهرباء والديزل والغاز أصبحت قميص عثمان وحذاء الطنبوري لتبرير قراراته وسياساته التي نالت من الشعب الكثير. شكل لجنة متخصصة بالنظر في التعيينات بالمناصب العليا تعمل ظاهريا على فرز أصحاب الكفاءة والأهلية للتعيين فيما يشغر من مناصب عليا. وتبين لنا ان اللجنة عبارة عن غطاء لإسكات وتضليل الناس واستبدلت بالمزاج الخاص لدولته ليعين من يرى به نفعا مستقبلا لأبنائه وأحفاده ومحاسيبه.
تم تشكيل لجنة أو هيئة ملكية برئاسته لمراقبة مدى النزاهة الغائبة ومنذ ذلك لم نشهد للنزاهة حضورا واعتبرها دولته لجنة نقاهة من خلالها يمارس ما يسره ويرضيه. علاقاتنا الخارجية ليست بأحسن أحوالها وذلك بسبب الجمود الدبلوماسي وعدم تفعيل القنوات التي من شأنها ترطيب الأجواء ورفع سوية العلاقات البينية. دبلوماسيتنا بحاجة لدم جديد يخرجها من النمطية التي ينتهجها وزير الخارجية العابر للوزارات الذي يقضي معظم وقته بالطائرة إذ نسمع جعجعة ولا نرى طحنا.
معادلة تسعير المحروقات ما زالت غامضة وتحتاج لفيثاغورس ليفك شيفرتها ونفهم ماهيتها وعناصرها. وهي معادلة غير عادلة إذ نسب الرفع والخفض لا تتناسب مع الواقع قائمة على مبدأ الجباية بحجة رفد الخزينة التي أصبحت كالقربة المخرومة كلما نفخت بها لن يطالك إلا انقطاع أنفاسك.
دولة تعلن إفلاسها إذا لم ترفع سعر الكهرباء. أي استخفاف هذا؟؟ هل الأردنيون بهذه الضحالة من الإدراك والمعرفة يا ابن السلط وأنت منهم؟؟ ولا نظنك كباسم عوض الله الذي قطعا لا يعرف الطريق المؤدي من عمان لإربد. هل بنظرك أصبح الأردنيون بهائم تسوقها كالمرياع كيفما وأينما شئت لتحاول تمرير نظرياتك الفاشلة وسياساتك القاتلة؟؟
أعداد اللاجئين توقفت عند الرقم 1.4 مليون لاجئ ومنذ أكثر من سنتين تعلن الحكومة نفسها عن دخول ما يزيد عن 300 لاجئ يوميا. وهذا كذب وتضليل وعدم الرغبة بقول الحقيقة. طبلت الحكومة وزمرمت للدول المانحة بمؤتمر لندن وحاولت إقناعنا بعثورها على البلسم الذي سيخرجنا من وضعنا المتأزم. الدول الأخرى المتأثرة باللجوء السوري حسمت موقفها منذ البداية حسب امكاناتها لتفادي التأثير السلبي على شعوبها وعلى خزينتها لأن شعوبها لها الأولوية بسياساتها.
أما الأردن بإدارة رئيسنا المفوه وبثرواته وبتروله وأرصدته واستثماراته العالمية وشعبه الميسور الحال ما زال مستمرا بفتح أبوابه للاجئين حتى أصبحنا نحن أبناء الأردن نشكل عبئا ثقيلا عليهم وليس العكس.
أمين عمان سواء كان ارتباطه وظيفيا مع الملك أو مع رئيس الحكومة يتصرف ويعمل ويقرر بعقلية رئيس كوريا الشمالية. لم يستجب لاستدعاء النواب عدة مرات. فهل هو صاحب سلطة مطلقة تحميه من المساءلة والتوضيح؟؟ هل هو فوق القانون وفوق المساءلة؟؟ أم هناك سلطة خفية تحميه دون علمنا؟؟ كيف سيحاسب عندما يرتكب خطأً؟؟ نهجه يتوافق وينسجم تماما مع النهج الحكومي، لذا "هالطينة من هالعجينة".
الدستور تم تعديله على وجه السرعة وكأنه قميص يخلعه عندما لا يتماشى مع المناسبة. والأنكى من ذلك مجلس النوائب الذي استمرأ الإذعان للحكومة واستجاب صاغرا كعادته لطلب الرئيس، إذ لم نتفاجأ بالنتيجة ، والحرام بالأمس أصبح حلالا اليوم.
آخر إسفين دق بمفاصل الشعب دسترة ازدواجية الجنسية استعدادا وتوليفا لمرحلة قادمة تخدم متطلبات إكمال المخطط الذي سنكتوي بناره. ناهيك عن إفرازات هذا النهج من ارتفاع بنسبة الجريمة والإنتحار واهتزاز هيبة الدولة وارتفاع الأسعار والضرائب وارتفاع خط الفقر وزيادة المديونية بما يتجاوز الستة مليارات دينار.
أليس ما تقدم من إرث عظيم وحافل بالعطاء لدولة النسور كفيل بأن يبقيه طيلة هذه المدة وربما أكثر؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com