2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مشروع ريادي قتل في مهده

راتب عبابنه
جو 24 :

قام الفنان التشكيلي والروائي والإعلامي جورج شتيوي بمحاولة تنفيذ فكرة راودته طويلا حتى تبلورت واتضحت معالمها وتشكلت أركانها بذهنه من حيث الرسالة والرؤيا والهدف . فبعد أن نضجت كل هذه المقومات عقد العزم على ترجمة ما بذهنه ليجعل منه واقعا ملموسا بطرحه تحت مسمى " مجمع متاحف البيت العربي للآداب والفنون والتراث " . ويهدف من تحقيق فكرته توفير مصدر ينهل منه المثقفون ويتزود منه الباحثون في الثقافة وتفرعاتها من كل الأقطار العربية.

الرجل صاحب حس فني ثقافي راقي يحاول القيام بتحقيق حلمه من خلال مشروع ثقافي عربي يجمع ويأرشف ويبرز الأعمال الأدبية العربية والفنون والتراث التي تخرج الثقافة العربية من سبات أهلها لتسليط الأضواء عليها.


مشروع جدير ومؤهل وجامع لأسباب الدعم المحلي والعربي بالإضافة لكونه يكرس ويرسخ فكرة تحقيق أمنية بالتأكيد يتوق لها المهتمون بالشأن الثقافي العربي. كما ويعزز دور الأردن ثقافيا ويجعل منه مبادرا لتشجيع وتحفيز الأجيال بالتوجه نحو النهوض التراثي واستعادة الضخ العربي لإثراء الثقافات الأخرى التي نهلت من الثقافة العربية الكثير. ولسوء طالعنا تقاعسنا عن المتابعة والإنتاج حتى أصبحنا من الأمم التي تحتاج للمزيد من التفاعل والتعاطي مع المجتمع الثقافي الدولي. كما خلت مقاعدنا من بين مقاعد الأمم المهتمة بهذا الأمر وتغيبنا طويلا وفاتنا الكثير حت فقدنا أماكننا أو كدنا لأنه ما زال بيننا من يعتبر الفن والثقافة والترث مضيعة للوقت وتمسك بماض لا ضرورة له.


وهذا المشروع قوبل بالرفض وعدم الموافقة على ترخيصه. وقد تم قتل المشروع في مهده دون إبداء أسباب من الجهات الرسمية. وكان رفض الترخيص بمثابة قتل لمحاولة النهوض بالثقافة العربية وفنونها وآدابها. تقدم صاحب المشروع لطلب الموافقة على الترخيص في عهد الأخوين الذهبيين ولم يلقى أي ترحيب بالفكرة الرائدة بل قوبل بالرفض غير المبرر . وقد قام الرجل بالإقتراض من البنوك لشراء الأرض ورصد الأموال الطائلة لتمويل المشروع واضعا بقرارة نفسه حصوله التلقائي على الترخيص دون عناء أو ممانعة من الجهات المعنية لكونه يقف خلف فكرة رائده تروج للثقافة العربية من خلال جمعها ببيت واحد يرتاده كل باحث وطالب للأعمال الأدبية والفنية والمخزون التراثي تحت سقف واحد ليكون معلما أردنيا ومحجا للزوارالعرب والأجانب من مختلف الأديان والثقافات.

ومن المحزن والمخزي أن صاحب المشروع اصطدم بإرث الريبة من الثقافة والمثقفيين الذين يثرون الحياة الفكرية والثقافية ويقوموا بدور تنويري يرتقي بتعزيز فكرة بث الحياة بما يمكن أن يكون قد نسي أو أهمل نتيجة الإنشغال بالسياسة والإقتصاد والدفاع , إذ من أحد مخرجاته توفير الفرصة لتواصل الأجيال المتلاحقة لتلامس الروافد التي تصب في بحر الثقافة العربية . كما أن الفكرة تعمل على لملمة الشتات الثقافي وتوفير البيئة الحاضنة له في الأردن الذي يحوي كنوزا من التراث والإرث المتمثلان بإنسانه الذي يشار له عربيا وإقليميا بحقيقة الأكثر تعلما وتعليما من بين الشعوب.

شُنت هجمة إعلامية من المتوجسين دينيا وثقافيا على شخص صاحب المشروع واتهم بالدفاع عن الفاسدين والنزق غير المبرر خلال لقاءاته الحوارية المتلفزة. وكانت محاولاته الدفاعية عن مشروعه وعن أفكاره التي تصب بإثراء المناخ الثقافي العربي من خلال إنشاء صرح ثقافي جاذب وحاضن لروافد الثقافة ليكون كعبة للدارسين والمهتمين والباحثين من شتى أصقاع الأرض قد جوبهت بالتشكيك والطعن بصاحبها بما هو بريء منه للنيل منه وثنيه عن فكرته.

وبالمقابل هناك الكثيرون من المؤيدين والداعمين لفكرة هذا المجمع الثقافي الذي بالتأكيد يرقى باسم الأردن كحاضن لمثل هذا الجهد غير المسبوق الذي يسهل على المهتمين والباحثين الوصول لمبتغاهم الثقافي بمنتهى اليسر. كما ويجعل من الأردن الإسم الذي يقفز للأذهان عند الحديث عن الثقافة وأهلها وإنتاجهم .

ربما يوجد هناك بعض المآخذ على شخص صاحب المشروع من قبل الدولة لأسباب نجهلها ومن قبل جهات لا ينسجم فكره مع فكرها. لكن ذلك يجب ألا يقف حائلا أمام تنفيذ فكرة ريادية تساهم في رفع مستوى الثقافة والأدب والفن والتراث العربي. وقد قابل السيد جورج جلالة الملك والملكة وقد حازت الفكرة على استحسان ومباركة جلالتيهما .وكان مأملا ومتوقعا ـــ حيث هذا من طبيعة الأمور في هكذا مقام ـــ أن تقوم الأقلام المعنية بتدوين رغبات الملك وكل ما ينطق به وإيصاله للجهات المعنية ذات الإختصاص كي تقوم بدورها على تنفيذ هذا الإستحسان وهذه المباركة كأمر تنفيذي وإخراجه لحيز الواقع . ولو كان المشروع لا يرقى للإستحسان الملكي لما استحسنه جلالة الملك.

والمشروع يكاد يكون ذو ريادة على المستوى العربي وتقف خلفه جهة من القطاع الخاص ولا يشكل عبئا على الدولة بل يمكن أن يكون موردا لها وفاتحا لفرص عمل. فهو جدير بالإهتمام واعادة النظر من القائميين على الشأن الثقافي. ومن الجدير بكل محبي الثقافة والفنون بأنواعها القيام بمناشدة المعنيين في الأردن وحثهم على مراجعة قرارهم الذي أجهض مشروعا رياديا بمهده ربما يكون غير مسبوق عربيا .

مناشدتنا المعنيين للمراجعة والعدول عن قرار الرفض تنطلق من سعينا لإثراء المناخ الفني والتراثي الذي يجمع الفنون والآداب والمخزونات الثقافية العربية. ولا ننطلق من تأييد فكري ذو انتماء لهذا أو لذاك . فعلينا جميعا دولة وأفرادا ومهتمين النظر بتجرد وحيادية وموضوعية عند التقييم. وفكرة المشروع جديرة بالدفاع عن نفسها وهي كفيلة بإنجاح رسالتها وإثبات جدواها إذا كان تقييمنا لها قائم على أساس ما تحققه من مكتسبات معنوية ووطنية ذات أهداف سامية بعيدا عن الإعتبارات السياسية والشخصية.

السؤال الذي يقفز للذهن : ما هي السلبيات والمخاطر التي ينطوي عليها مشروع ثقافي يجمع ألوان الطيف الثقافي تحت مظلة أردنية ؟؟ لماذا لا يكون الأردن سباقا وفاعلا متفاعلا معبدا الطريق أمام الأفكار الرائدة عربيا ؟؟

وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن . والله من وراء القصد.


ababneh1958@yahoo.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير