هل تمتد الأزمة السورية إلى لبنان؟
ابراهيم غرايبة
جو 24 : لقد امتدت بالفعل. والواقع أن لبنان مسرح للأزمة السورية منذ عقود عدة، وكان أيضا على الدوام مخرجا وحلا لأزمة النظام السوري، وكان في ذلك يجد تواطؤا وتعاونا دوليا وإقليميا. ولكن الحال تغيرت منذ العام 2003، وصارت سورية غير مرغوب فيها في لبنان. ولكن إخراجها لم يكن سهلا. فلم تكن الولايات المتحدة، بسبب أزمتها في العراق، قادرة على إعادة ترتيب الشأن السوري كما كانت تعلن وتحلم، عندما قال جورج بوش الابن إن الوجود الأميركي في العراق هو بداية لإعادة ترتيب جديد في الشرق الأوسط، وسارعت سورية إلى الانسحاب من لبنان، وإعادة ترتيب أوراقها وشؤونها لمرحلة جديدة. ولكن النظام السوري اكتشف وبسرعة ثغرات عدة في المشروع الأميركي، وبدأ من جديد يعيد بناء استراتيجية المكاسب بالنقاط؛ النشاط الاستخباري والسياسي في لبنان والعراق، واستخدام الجماعات السياسية والمسلحة، والتعاون مع الولايات المتحدة المتورطة والمتلهفة للمساعدة.
النظام السوري يراهن على أن التحالف الاستراتيجي الذي تشكل بعد الغزو الأميركي للعراق: إيران وروسيا وسورية وحزب الله، وكانت قطر و"حماس" في وقت من الأوقات جزءا منه؛ يراهن على أنه قادر على العمل والبقاء، وأن لبنان يصلح للتأثير على العالم والإقليم، لأجل إطالة الحرب وتوسعتها. ففي هذه الحالة سيكون هو الأقدر على الاستمرار، وترجيح النتائج لصالحه في مواجهة ثورة مسلحة تحتاج إلى جغرافيا آمنة، وإمداد وإيواء وتنظيم وتدريب وتسليح سيكون مرهقا جدا في مواجهة دولة راسخة تملك إمكانات وتجارب استخبارية وأمنية وعسكرية هائلة جدا، مقارنة بثورة غرة عرضة للاختراق والاستدراج، وهي ابتداء ثورة سياسية جماهيرية!
ويدرك النظام السوري أنه إذا لم يسقط، فسوف تعقد تسوية سياسية يحكمها الواقع المتشكل والمكاسب والخسائر الميدانية عند التفاوض. وهو قادر على الاستمرار إذا لم يحدث تدخل خارجي قوي وحاسم، وقادر أيضا على أن يحول لبنان واللبنانيين إلى رهينة، ويبتز اللبنانيين والعالم أيضا بلبنان. وبالطبع، فإن بيروت ليست أعز على النظام السوري من حلب وحمص! وفي جميع الأحوال، فلم يعد لدى النظام السوري ما يخسره أو يمكن أن يحتفظ به؛ فهي مغامرة باتجاه واحد وخيار واحد.
ولكن الموقف العالمي والعربي والإقليمي محير ومرتبك؛ فلا يبدو في الحقيقة مشروع سياسي أو عسكري حقيقي لإنهاء الأزمة السورية. إذ إن المبادرات السياسية تثير الضحك والسخرية، ولا تبدو جدية. وفي الوقت الذي يخوض النظام حربا عسكرية شاملة مدعومة بقوة ووضوح وصلافة من إيران وروسيا والعراق (المالكية) وحزب الله، فإن الشعب السوري يواجه أعزل وحيدا حربا هي مستحيلة ابتداء حتى في مواجهة الجيش السوري وحده، عداك عن حزب الله والحرس الثوري الإيراني والسلاح الروسي.. ولا عزاء ولا رصيد للسوريين إلا التاريخ!
اليوم أرفع قبعتي (ليس لدي قبعة) لحسني مبارك وزين العابدين بن علي؛ فقد أثبتا أنهما شجاعان نبيلان. ولو كان يطاع لفقير رأي، لاقترحت على المصريين والتونسيين تكريمهما."الغد"
النظام السوري يراهن على أن التحالف الاستراتيجي الذي تشكل بعد الغزو الأميركي للعراق: إيران وروسيا وسورية وحزب الله، وكانت قطر و"حماس" في وقت من الأوقات جزءا منه؛ يراهن على أنه قادر على العمل والبقاء، وأن لبنان يصلح للتأثير على العالم والإقليم، لأجل إطالة الحرب وتوسعتها. ففي هذه الحالة سيكون هو الأقدر على الاستمرار، وترجيح النتائج لصالحه في مواجهة ثورة مسلحة تحتاج إلى جغرافيا آمنة، وإمداد وإيواء وتنظيم وتدريب وتسليح سيكون مرهقا جدا في مواجهة دولة راسخة تملك إمكانات وتجارب استخبارية وأمنية وعسكرية هائلة جدا، مقارنة بثورة غرة عرضة للاختراق والاستدراج، وهي ابتداء ثورة سياسية جماهيرية!
ويدرك النظام السوري أنه إذا لم يسقط، فسوف تعقد تسوية سياسية يحكمها الواقع المتشكل والمكاسب والخسائر الميدانية عند التفاوض. وهو قادر على الاستمرار إذا لم يحدث تدخل خارجي قوي وحاسم، وقادر أيضا على أن يحول لبنان واللبنانيين إلى رهينة، ويبتز اللبنانيين والعالم أيضا بلبنان. وبالطبع، فإن بيروت ليست أعز على النظام السوري من حلب وحمص! وفي جميع الأحوال، فلم يعد لدى النظام السوري ما يخسره أو يمكن أن يحتفظ به؛ فهي مغامرة باتجاه واحد وخيار واحد.
ولكن الموقف العالمي والعربي والإقليمي محير ومرتبك؛ فلا يبدو في الحقيقة مشروع سياسي أو عسكري حقيقي لإنهاء الأزمة السورية. إذ إن المبادرات السياسية تثير الضحك والسخرية، ولا تبدو جدية. وفي الوقت الذي يخوض النظام حربا عسكرية شاملة مدعومة بقوة ووضوح وصلافة من إيران وروسيا والعراق (المالكية) وحزب الله، فإن الشعب السوري يواجه أعزل وحيدا حربا هي مستحيلة ابتداء حتى في مواجهة الجيش السوري وحده، عداك عن حزب الله والحرس الثوري الإيراني والسلاح الروسي.. ولا عزاء ولا رصيد للسوريين إلا التاريخ!
اليوم أرفع قبعتي (ليس لدي قبعة) لحسني مبارك وزين العابدين بن علي؛ فقد أثبتا أنهما شجاعان نبيلان. ولو كان يطاع لفقير رأي، لاقترحت على المصريين والتونسيين تكريمهما."الغد"