2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هل يمكن أن توظف المجتمعات والجماعات الانتخابات النيابية لتحقيق الإصلاح؟

ابراهيم غرايبة
جو 24 : إلى أيّ حدّ تصلح الانتخابات النيابية، المفترض أن تجرى في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل، لتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية، وتحقيق تطلعات وآمال المجتمعات؟ ما الفرص والتحديات، والقوة والضعف في برنامج إصلاحي أو مبادرة إصلاحية من خلال الانتخابات النيابية المقبلة، ضمن الظروف والمعطيات القائمة والمحددة للانتخابات، وأهمها بالطبع قانون الانتخاب؟
الواقع أن الإصلاح والعمل الإصلاحي يقومان في العالم الديمقراطي والمتحضر على مبدأين أساسيين: صياغة وتشكيل مجموعة من الأفكار والبرامج حول الإصلاح والأهداف والأولويات التي تقدّر المجتمعات والجماعات والأحزاب ضرورتها وأهميتها؛ ثم العمل لتحقيقها من خلال الانتخابات العامة. وهكذا، فإن الانتخابات والإصلاح أو ما يترتب على الانتخابات، هي قضية المجتمعات وليس الحكومات؛ فالمجتمعات هي المعنية بتحقيق الأفكار والسياسات، وهي التي تعمل لأجل ذلك، ولا ينتظر بالطبع من الحكومة أن تفعل ذلك، ولكن الحكومات تتشكل وفق اتجاهات الأغلبية، ويفترض أن تعكس في سياستها التنفيذية هذه الاتجاهات التي حددتها الانتخابات.
هل يصلح هذا السيناريو لتحقيق الإصلاح في الأردن؟
تركز المعارضة السياسية على أن قانون الانتخاب لا يصلح لتنظيم الحياة السياسية على أساس تنافسي وتداول سلمي للسلطة. وقد يكون ذلك صحيحا إلى حدّ كبير، ولكنْ ثمة سؤالان مهمان هنا يقتضيهما التحليل: هل سيؤدي تعديل قانون الانتخاب إلى إصلاح سياسي، أو هل يكفي تعديل القانون لتحقيق الإصلاح؟ وما مدى إمكانية وفرص الإصلاح في ظل القانون الحالي؟
يبدو أن التحدي الأكبر في الإصلاح هو وجود مجتمعات تملك الوعي الكافي بأولوياتها واحتياجاتها، ثم تبحث وتفكر في كيف تحققها أو تقترب منها. ولذلك، فإن السؤال الإصلاحي في الأردن يقوم أساسا على صياغة الأولويات والاحتياجات التي يجب أن تدركها المجتمعات وتعمل لأجلها، وأن تتشكل مبادرة/ مبادرات للتحرك الانتخابي لأجلها وحولها.
إن قانون الانتخاب الحالي يتيح المجال لمبادرة وطنية تسعى إلى تحقيق إجماع وطني حول الإصلاح، وتشكل قائمة انتخابية تتحرك لأجل تحقيق أغلبية نيابية، ومن ثم تشكيل حكومة تسعى إلى تحقيق الوعود والبرامج التي تقدمت للمواطنين على أساسها. إذ لدينا 45 دائرة انتخابية يمكن أن تقدم المبادرة على أساسها 45 مرشحا؛ هذا إذا سلمنا أن الصوت الواحد مع وجود أكثر من مقعد في الدائرة الواحدة يمنع الكتل والأحزاب من ترشيح أكثر من شخص واحد، علما بأن الحركة الإسلامية استطاعت أن تُنجح أكثر من مرشح في دائرة واحدة وفي ظل الصوت الواحد. وهناك أيضا القائمة الوطنية المخصص لها 27 مقعدا، ومقاعد النساء المخصص لها 15 مقعدا، وهي تتيح فرصة كبيرة لمرشحي البرنامج والمبادرة المفترضة. لكن حجر الزاوية في فكرة هذه المبادرة هو إن كانت المجتمعات تملك وعيا كافيا ورغبة كبيرة وكيانات واضحة تساعدها على التحرك والتجمع لأجل مبادرة إصلاح وطنية تنجح في الانتخابات النيابية القادمة. وعلى أي حال، فإن ذلك لا يدعو إلى الإحباط، وليس ضروريا لأصحاب المبادرة أن يحققوا أغلبية، ففي قدرتهم على إيصال عدد من المرشحين، مهما كان، يستطيعون أن يواصلوا العمل من خلال مجلس الأمة، والسعي إلى تحقيق كتل ومبادرات أخرى جديدة. وفي جميع الأحوال، فإن الإنجاز الأساسي في هذه المرحلة هو أن تتشكل المبادرة، وأن تُسمع صوتها وتحرك البركة الساكنة، وتثير دوافع العمل والاستقلالية والتمكين لدى المجتمعات، وتخرج من الحلقة المفرغة.. المطالبة بالإصلاح.
يمكن لهذه المبادرة أن تخاطب الناخبين والتجمعات والأماكن على أساس أفكار وأهداف بسيطة وواضحة تصلح للتجمع والتقييم: ارتقاء الأداء الحكومي والخدمات الأساسية في الصحة، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، إلى الحد الذي يجعل المؤسسات الخاصة في هذا المجال تتوقف عن القيام بهذا الدور لتتحول إلى خدمات وحقول ومجالات مساندة، وليس امتلاك الولاية على الخدمات كما هو قائم لدينا اليوم.
ويمكن ببساطة التفكير ومخاطبة المجتمعات والأسواق لأجل تحقيق اقتصاد زراعي تقوم حوله صناعات غذائية ودوائية وخشبية وبنائية واسعة، بحيث يشكل ربع الناتج الوطني، ويُشغل ثلث القوى العاملة، وتقوم حوله أيضا مدن وبلدات وثقافة وفنون متقدمة.
ويتيح لنا التقدم التعليمي (كمياً) العمل والسعي إلى تطوير المهن والحرف لتصل إلى مستوى عال من الإتقان، وتحظى بثقة اجتماعية ووطنية وإقليمية، تطور الحياة وتستوعب التقنية وتقلل التكاليف، وتُدخل الاقتصاد الوطني في مشاركة واسعة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي؛ مشاركة بدون هجرة إلى الخارج للعمل، ولكن من خلال الشبكة العالمية أو الطلب الخارجي عليها وهي في الأردن، مثل البحث العلمي والبرمجيات، وصناعة قطع الغيار، والاستشارات، والتصميم.
وتحتاج المجتمعات (البلدات والمدن أساسا) أن تكون مستقلة ومنتجة، تُشغل على الأقل ربع القوى العاملة، وتملك ولايتها على التعليم الأساسي والثقافة والمؤسسات الدينية والرياضية والترفيه والتنظيم الحضري والحدائق والمكتبات العامة.
هذه أمثلة لمنظومة إصلاحية يتشكل حولها وعي وحراك مجتمعيين. وهي، بالطبع، قابلة للحذف والإضافة؛ المهم أن تبادر المجتمعات إلى التفكير والسؤال، والنظر في الترشيح للانتخابات على هذا الأساس."الغد"
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير