حديث في الاقتصاد الوطني

جو 24 : أعترف ابتداء أن بضاعتي في الاقتصاد ضعيفة فلست المختص في هذا العلم ، لكنها مشاركة مواطن يرى حالة الناس الصعبة حيث ازدادت جيوب الفقر واتسعت ، ويرى اقتصاد دولته ليس على ما يرام بل الامور تزداد سوءاً كل عام ، فقد كانت لدينا طبقة متوسطة والآن صار عندنا طبقتان : غنية غنى ملحوظاً إلى درجة الترف ، وفقراً ظاهراً ذات دلالات اجتماعية خطرة . وكانت المديونية في نهاية التسعينات حوالي سبعة مليارات وإذْ بها تزيد على عشرين ملياراً . لماذا حصل عندنا هذا ؟ هناك ترف عند بعض المواطنين بدليل ما يلقى من اطعمة في الأزبال ، وبدليل كثرة السيارات أمام البيت الواحد ، وبدليل وجود هذا الكم الهائل من الاجهزة الخلوية ( مئات الملايين ) حتى صرنا نرى شبابنا يحمل الواحد منهم أكثر من جهاز وكلما أبدع الصانعون جهازاً انبرى شبابنا مهرولين نحو الأجهزة الحديثة حتى لو كان ثمن الجهاز مئات الدنانير !! ومن الأدلة هذا الكم الهائل من الأردنيين في السياحة الخارجية في اسطنبول وشرم الشيخ وبيروت وجزر البحر المتوسط وجنوب شرق آسيا !! حيث يهربون من نار السياحة الداخلية التي لم تجد العناية الكافية من المسؤولين . وفي المقابل فإن الإنفاق الحكومي لم يختلف بل زاد بصورة واضحة ، فقد عدلت حكومة رواتب وزرائها حتى صار تقاعد الوزير فوق ثلاثة آلاف وتقاعد رئيس الوزراء ستة آلاف حتى لو قضوا في المسؤولية عدة أسابيع !! وصرنا نسمع عن قصور يمتلكها مسؤولون في الداخل والخارج !!! واستمرت الوفود الحكومية في الصرف من مال الشعب بسخاء وكان آخرها الرحلة الشهيرة إلى أوكرانيا حيث كان الوفد بضعة عشر نفراً ولمدة طويلة في رحلة نقاهة ما أنزل الله بها من سلطان ، وغيرها من الرحلات التي نعلمها ونعلم رؤساءها واعضاءها ورحلات الاستجمام في عيد الأضحى المبارك !! لماذا هذا الكرم الحكومي ؟ وهل هذا السلوك يقنع الناس أننا في ضائقة مالية ؟؟ لماذا التعيينات التي لا لزوم لها ؟ لماذا الرواتب المرتفعة ؟ . أعتقد اننا جميعاً مسؤولون عما يجري ونقطة البدء في رحلة الإصلاح أن نعترف بالمشكلة ونغلق حنفيات الصرف غير المبرر ، ونشد الحزام على البطن الحكومي والشعبي . علينا أن نقلل استيراد السيارات ، علينا أن نخفف حركة السيارات ، علينا أن نمارس الاقتصاد المنزلي ، علينا أن نكافح ونحارب التهرب الضريبي ، علينا أن نطبق الضريبة التصاعدية ، علينا أن نشجع الإنتاج ، علينا أن نقلل من الاستهلاك ، لماذا إذا دخلت دائرة حكومية تبدأ عروض الضيافة تنهال عليك وكأننا في بيت حاتم الطائي ؟؟ على الحكومة أن تكف عن تجديد الأثاث والسيارات ، لقد كنا في حكومة سابقة نملك سيارات جديدة لم يمض على وجودها في الخدمة بضعة أشهر وإذْ بالحكومة التي تلي تشتري سيارات جديدة !!! علينا أن نرسم السياسات الاقتصادية بعيدة المدى انطلاقاً من محدودية الموارد وقلة الإنتاج وكثافة الاستهلاك ووجود مديونية عالية وعجز مستمر .
ولا نريد التفكير التقليدي لدى الحكومات إما رفع الأسعار أو التهديد لسعر صرف الدينار ؟ هناك طريق ثالث وهو التصميم على ضبط النفقات وتنظيم الاستهلاك كما قالت جدتي الأمية رحمها الله " على قد لحافك مد رجليك " ولو كانت تعرف في الاقتصاد لقالت : أنفق أقل مما نتتج .
على الحكومة أن تتوقف عن الصرف لبعض المؤسسات التي لا تفيدنا في شيء حيث تثبت وثائق وزارة المالية انها تقدم عوناً لإحدى المؤسسات حوالي نصف مليون !!!!!!!!!!! على الحكومة التي يرأسها محترف في الرياضيات أن يعيد النظر في كل بنود الموازنة ليقوم بتوفير ما يمكن توفيره
نعم نحن في حالة طوارئ ويجب علينا أن ننطلق من الحس الوطني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .


(العرب اليوم)