أين أنت يا عباس ...؟
أستوقفني منظر المذيعة وهي تطير بالمنطاد عاليا في السماء لتعلن لأمتنا العربية " البشارة " بإنطلاق برنامج " Arab Got Talent " للمرة الثانية ، كانت البهجة تغمرها أيضا حينما أفصحت لنا ان طلبات الإشتراك من قبل أصحاب المواهب في أمتنا العربية ذات الرسالة الخالدة تجاوزت عشرات الآلاف ، خلال هذا البرنامج فان الفرصة ستكون مواتية امامنا كعرب في ان نتفرد في العالم أجمع بمواهب فذة ستغير موقعنا على خريطة العالم ، فمن هذه المواهب من يبرع في ( البقبقة ) وإخراج الأصوات المختلفة من وجنتية بعد الشد على الأوداج ( عروق رقبته ) واحدهم يملك المهارة والجرأة بقذف السكاكين الحادة بمحيط جسد إمراته دون أن يمسها بأذى ، هذا إضافة لمواهب واعدة وصاعدة في الهز ستزيد ما لدينا أصلا من محترفي صنع ثقافة ( الهشك بشك ) ، لتكون المحصلة النهائية أمة تم إعدادها بقوة الهز والصوت والغناء والضحك نواجه بها غيرنا من الأمم التي تجرات على أرضنا وعرضنا في كثير من أقطارنا .!!
بعد ان صاغت الولايات المتحدة الأمريكية الدستور السلمي لليابان وذلك إثر الهزيمة القاسية التي تعرضت لها اليابان في عام (1945) وحرمت عليها تصنيع السلاح ، اليابان وببراعة فائقة إستبدلت القيود المفروضة عليها بتصنيع السلاح لمواجهة أمريكا بالصناعة من عيدان الثقاب حتى صنع السيارات وكانت لها الغلبة ومرد ذلك الثقافة التي نشرتها على صعيد المجتمع الياباني ومنذ الهزيمة والتي تنطلق صوب هدف واحد هو هزيمة أمريكا صناعيا فكان لها ذلك .
بالعودة لذلك المنطاد الذي كان محلقا بالسماء تذكرت الملايين من الدولارات التي يتم إستنزافها من موارد الأمة العربية على إعداد الأمة الضحكي والهزلي في ظرف تمر به كل الامة بهزة لا تحسد عليها وفي نفس الوقت تذكرت محاولة (عباس بن فرناس) الذي لم يكن يملك ما تملكه الأمه من موارد مادية بهذه الأيام ليحاول ان يحلق بالسماء بجناحين من قطع القماش وما ورد أيضا في سيرة هذا العالم العربي المسلم وريادته في العالم كأول مكتشف للميقاته لمعرفة الاوقات وغيرها من الألات التي ترصد حركة الشمس والنجوم والأفلاك ، حقا انه لمن نكد الدنيا على هذه الأمة أن (عباس بن فرناس ) في زمانه كان يسعى لكشف وسبر أغوار النجوم بالفضاء وغيرنا في زماننا هذا يسعى لصناعة نجوم في الضحك والغناء ...!!!
أجزم بان في أمتنا العربية وبزماننا هذا من هم على شاكلة (عباس بن فرناس ) ولديهم القدرة والمكانة العلمية لإختراع ما تحتاجه الأمة من صناعات مختلفة ولكن لا يوجد من يستهدفهم بالدعم والتمكين المادي المطلوب لسوء الإدارة في توجيه موارد الأمة لذا علينا جميعا أن نوجه بوصلتنا نحو هؤلاء ولو لمرة واحدة ...فتاريخنا الحالي والمأزوم بالمصائب لم يسجل أن هنالك مطربا أو راقصا أو ممثلا أو أراجوزا صنع لنا مجدا بين الأمم ...!!!!