هل يحق للحكومة أن ترفع الأسعار؟
الحكومة الحالية هي حكومة انتقالية، وظيفتها الأساسية إدارة الانتخابات النيابية. وهي لا تتمتع بثقة نيابية، ولذلك فإنه لا يحق لها أن تقدم على خطوات كبيرة ومهمة تؤثر في السياسات والاتجاهات والمستقبلات السياسية والاقتصادية للبلد، غير إدارة الانتخابات. ومثل هذا القرار (أي رفع الأسعار) من شأنه أن يمس ويقرر حياة ومواقف الدولة والمواطنين لعقود قادمة، ومن الأولى أن يُترك لحكومة تحظى بثقة نيابية، وسوف يكون القرار مغطى بمجلس نيابي منتخب؛ أي إن قرار رفع الأسعار إذا تم، فسوف يكون من الناحية الرسمية والقانونية قرارا شعبيا ويعبر عن أغلبية الشعب الأردني.
كما أن نجاح الانتخابات النيابية سوف يتأثر كثيرا بمثل هذا القرار، وهذا من شأنه أن يضر ويخل بالوظيفة الأساسية للحكومة، وهي إدارة الانتخابات النيابية على نحو صحيح وعادل، لأن الانتخابات سوف تجرى في بيئة متوترة ومشحونة بالغضب والقهر، وربما يكون ذلك موضوعا لجدالات ومزايدات ووعود انتخابية بعيدة عن جوهر الحياة السياسية، وربما يؤدي إلى عزوف مخلّ عن الانتخابات، بخاصة وأنها انتخابات تجرى في ظل مقاطعة أطراف سياسية مهمة ومؤثرة، وفي حالة غياب ثقة بالحكومة، باعتراف رئيس الوزراء الذي وصف الثقة بالحكومات والانتخابات السابقة بأنها في مستوى الصفر!
ليست ثلاثة أو أربعة أشهر بعيدة؛ إذ يفترض في أثناء ذلك أن تكون قد جرت الانتخابات النيابية، وشكلت حكومة مغطاة بثقة برلمانية، سوف يكون عليها النظر واتخاذ قرار بشأن الأسعار. وليس معقولا أن المسألة وصلت إلى حالة عدم القدرة على الانتظار.
ويمكن أيضا اتخاذ قرارات غير رفع أسعار الوقود والمحروقات؛ فهي تباع بأسعار تجارية بشكل عام، وما يقال عن الخسارة في قطاع منها تحمله الأرباح والضرائب الكبيرة في قطاعات أخرى. فيمكن على سبيل المثال رفع الدعم عن الأعلاف، ويمكن إعادة تسعير الماء والكهرباء، مع التأكيد على ضرورة تفعيل التحصيل والعدالة في تحصيل أثمان الماء والكهرباء. وإذا كان صحيحا ما يتداول على نطاق واسع بأن ثمة فئات وجهات كثيرة جدا في البلد لا تدفع تكاليف الماء والكهرباء، أو تدفع مبالغ قليلة هي أقل بكثير مما يستحق عليها، وأن الفارق يحمل على فواتير المواطنين الآخرين، فهذا ظلم فادح جدا. وبالطبع، فإن الذين يتهربون من دفع فواتير الماء والكهرباء ليسوا الفقراء ولا متوسطي الحال.. هذا الاستقواء على المستضعفين، والمجاملة للأقوياء، يجعلان أحدا لا يصدق حكاية الضغوطات المالية أو الخارجية على الحكومة.
الاستعجال في اتخاذ قرار رفع الأسعار غير منطقي، ومن الأولى والأجدر أن تتركه الحكومة الحالية للحكومة المقبلة.