ليس دفاعاً عن الرئيس وحكومته..وإنما عن الأردن.
شاءت الأقدار أن يكون الأردن بواد غير ذي « نفط»، وكانت جغرافيته الطبيعية أشد قسوة على الأردنيين، وبالرغم من ذلك، وعبر التأريخ، كان الأردن وشعبه فاعلين أساسيين في صياغة خارطة المنطقة...منذ ما قبل العمالقة إلى العرب المسلمين.. مروراً بالأنباط.. والمؤابيين .. ..وألأدوميين... إلى الدولة الأردنية الحديثة. واليوم فرضت نتيجة تفاعل الأقدار مع الطبيعة وتخلي البعض من أخوة العقيدة والدم عن دعم الأردن والأخذ بيده وشعبه، ومن أجل تجنيب الأردن، الوطن والشعب والنظام ما هو أسوأ من الخسارة المادية، كل ذلك وغيره، فرض على الرئيس عبدالله النسور وحكومته إتخاذ الإجراء الأكثر قسوة في تأريخ الأردن الحديث، وهو محاولة تحرير أسعار المشتقات النفطية. وأعتقد بأن الكثير يعلم بأن الرئيس والحكومة، ليسوا من هواة جمع الخصوم لهم أو خلق الأزمات أمام مسيرتهم التي لم تنه بعد يومها الأربعين. ولو كان الرئيس بعيداً عن نبض الشارع، وراغباً في تسجيل مواقف شعبوية، لرحل الجرح لمن سيأتي من بعده، وكان الله بالسر عليما. لكن الرئيس وفريقه، كانوا في موقع المسؤولية لوضع النقاط على الحروف، ومواجهة الواقع كما هو، بعيداً عن الفذلكة السياسية، و» دهلزة التقية». وهذا يذكرني بالكاتب الأمريكي، الكوبي الأصل، « أرنستو همنجواي» في كتابه « الشيخ والبحر»، حينما كان في لحظات إرتفاع الموج وجنونية الرياح العاتية، والضياع المحتمل، ...قائلاً..» ..أبحر في هذا الإتجاه وواجه الأمور عند حلولها...قد يدمر الإنسان ولكنه لا يهزم...». فعبدالله النسور، مع حفظ الألقاب، ليس من الذين يتوارون في اللحظة التي من المفروض ان يكونوا تحت الشمس.
أسوق ذلك وأنا بعيدة عن الوطن ألاف الأميال ...لكن الأردن، بتاريخه وحاضره..بفقره و جوعه وألمه...دائماً يسري في شرايين كل الأردنيين. وهنا أريد أن أقتبس مرة أخرى، مما قاله ذات يوم الزعيم الهندي « المهاتما غاندي».. للزعيم البريطاني « ونستون تشرشل»، «» تستطيع بقوتك الغاشمة أن تقتل او تنتزع ملايين الهنود من الهند..لكنك لا تستطيع أن تقتل او تنزع الهند من قلب أي هندي على وجه البسيطه..».,,وكذا نحن الأردنيين.
لكن يبدو أن في الاردن ، وخاصة في الصالونات السياسية التي لا هم لها سوى متابعة أسواق العملات وكم تعادل بالدولار، قد أدمنت مذهب الرفض لكل جديد دون الوعي الكامل لمعطيات هذا «الجديد « وطبيعته وجوهره ومصداقيته، ودون الالتفات حتى الى قراءة ادبياته الاولية ومفاهيمه وبياناته ومصطلحاته . وبكل أسف يتصدى البعض منا فقط من أجل التصدي، ويعارض فقط من أجل الرفض. ويخيل للمراقب أن الكثيرين ممن يدعون الثقافة السياسية او الإجتماعية او الفكر او الإطلاع ، يؤمنون انهم لا يستملكون هويتهم وذاتيتهم إلا اذا اندفعوا للسكن في الخنادق المضادّة لمصلحة الوطن، دون سابق إدراك او فهم ، ظانين ان كلمة « لا « هي مقياس قدرتهم واجتهادهم، وإنها هي التي تعطي المعنى لوجودهم ، حتى لو أنها جاءت بلا هدف أو تخطيط او دراسة .
وفي المقابل لا يوجد في الأردن من يحاول مصادرة حق الأخرين في التعبير عن الرفض لأي قرار حكومي، او إبداء رأيه او وجهة نظره ، ولكن المرفوض حكماً، وقانونياً ووطنياً وعرفياً وعقائدياً وأخلاقياً، ان يكون التعبير خارج نطاق المعقول والمقبول ، ويؤدي إلى تدمير الذات ، والنيل من مقدرات الوطن ومؤسساته، وإعطاء الفرصة لأعداء الوطن، داخلياً وخارجياً، ليمرروا مخططاتهم الشريره، بالأردن وشعبه، فهلا كان « إحتجاجنا وحراكنا « بمستوى المسؤولية وبطريقة حضارية، بعيداً عن العنف وتدمير الذات..!!! وللحديث بقية..!!