السودان والأمن القومي العربي!!!
كان يوم الثلاثاء، 11/4/2012 يوماً إستثنائياً في شره المستطير على السودان و الأمة العربية وأمنها القومي. فقد بدأت حلقات التداعي الأمني العربي من جنوب السودان، حيث لم تلبث هذه الدولة الهجينة، والتي جاءت للوجود بدعم غربي- صهيوني وعلى حساب وحدة التراب العربي السوداني، بالتكشير عن أنيابها، وبدعم «إسرائيلي» واضح، محاولة البدء في إضعاف الأمن الوطني السوداني ومن ثم إقلاق الأمن القومي العربي، خاصة في مصر المحروسة وربيعها العربي، والذي لم يستثير نظامها السابق ما عانى منه السودان من إستهداف، المقصود منه، ليس السودان، بل مصر اولاً وأمتها العربية ثانياً. تمثل ذلك باحتلال دولة جنوب السودان لمنطقة هجليج النفطية السودانية. والملفت للإنتباه، ان دويلة حديثة ومنهارة اقتصادياً وإجتماعياً، وتعتمد في مفاصل اقتصاديها على الخرطوم، خاصة ما يتعلق بتصدير نفطها، لا يمكن لها أن تقدم على عمل عدائي كهذا بدون وجود دعم خارجي يستهدف الأمن الوطني السوداني ومن ورائه الأمن القومي العربي.
لكن بعد أن تكشفت النوايا، ودعت الولايات المتحدة كل من الخرطوم وجوبا، إلى وقف «جميع الأعمال العدائية»، وإصدار مجلس الأمن الدولي قراره القاضي بضرورة إنسحاب الجيش الشعبي فورا من منطقة هجليج، وسحب قوات جوبا من هجليج، تزامن ذلك مع دعوة كل من الاتحاد الأفريقي والإتحاد الأوروبي جوبا إلى الانسحاب الفوري من الأراضي السودانية ودون شروط. بعد كل هذه المواقف الواضحة، يتضح أن « إسرائيل» هي التي دفعت جنوب السودان للاقدام على فعلته، ومولت هذا العدوان وامدته بالسلاح والعتاد.
هذا الأمر يجسد سياسة عدوانية لا لبس فيها حول إمكانية استغلال «إسرائيل» لأي ثغرة في الحائط العربي من أجل تقويض الأمن القومي العربي، وجعل الأمة العربية في حالة دفاع مستمر عن وجودها وفي مناطق خارج إطار الصراع على فلسطين، حتى تتحول القضية الفلسطينية إلى قضية ثانوية، أمام الضربات «الإسرائيلية» المتعددة على الجسد العربي المنهار، سواء في جنوب السودان أم في الصومال، أم في العراق، أم في الخليج والجزيرة العربية، وحتى في بلاد الشام. وما هو ملفت للإنتباه أن نجد دولاً جارة ترفع شعار الأخوة الإسلامية، وفي نفس الوقت تشارك « إسرائيل « مخططاتها في إيذاء الأمن القومي العربي، والعمل من أجل تقويضه، والمقصود هنا الجارة « المسلمة» إيران.
وبالرغم من إنسحاب جنوب السودان من الأراضي السودانية، سواء بقوة سلاح الخرطوم ام نتيجة الضغوط الدولة التي مورست على جوبا، فإن مجرد وقوع الحدث وفي هذا الوقت بالذات يؤشر إلى أن قابل الأيام حبلى بالكثير من المفاجآت السلبية وربما الكارثية التي ستنطلق من جنوب السودان وتستهدف الأمن القومي العربي، خدمة، ليس لجوبا، بل لأجندات إقليمية، وعلى رأسها مخططات الدولة العبرية.
فبعد ساعات من تقسيم السودان، قدمت «إسرائيل» خدماتها لجوبا، وقطعاً الهدف ليس النهوض بدولة جنوب السودان لمحاربة الفقر والبطالة والمرض، بل من أجل إستخدامها كقاعدة خلفية لإختراق الأمن القومي العربي، سواء الأمن الاستراتيجي المائي عن طريق التأثير على مجرى مياه نهر النيل، أم العسكري عن طريق إشغال السودان، سلة الغذاء العربي، عن دوره القومي، أم عن طريق إرباك السياسة المصرية خاصة بعد ربيعها العربي.
وهنا ارى بأن على الأمة العربية من محيطها إلى خليجها،أن تنظر الى الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وإذا كنا قد أتينا من فلسطين، فإن السبعين السنة الماضية أثبتت بأننا قد نؤتى من أي ثغر من ثغور الأمة، وبالتالي علينا أن ندرك أهمية السودان لأمننا في، القاهرة وعمان والرياض والرباط، مشرقنا ومغربنا وأن لا ندع السودان مرة أخرى في مهب الرياح العاتية.
الرأي