المجتمعات الغائبة والحلقة المفقودة
ابراهيم غرايبة
جو 24 :
ثمة حلقة مفقودة في العمل العام والاقتصادي والثقافي؛ الحكومي وغير الحكومي (أفضل استخدام مصطلح "غير الحكومي" لأنه يكاد يكون ليس ثمة أداء أهلي أو مجتمعي)، وهذه الحلقة هي غياب المجتمعات.
إذ لا تبدو المجتمعات شريكة أو حاضرة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والمنتديات والمحاضرات والاجتماعات، وفي الكتابة والجدل والحوار والمسرح والموسيقى والغناء والقصة والرواية والتعليم. كما أنها ليست موجودة (تقريبا) في البرامج الحكومية؛ التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والثقافة والأوقاف والإعلام.. وليست شريكة، وكأنها غير معنية بعمليات التنظيم والاستثمار والإدارة للاحتياجات والخدمات الموجهة إليها؛ الطاقة والماء والاتصالات والسلع والخدمات. كما لا يبدو للمجتمعات حضور أو تأثير يذكر في إدارة وتصميم وتوجيه وإبداع حياتها واحتياجاتها الأساسية؛ السكن والبناء والطعام واللباس.
تكاد تكون المجتمعات غائبة أو مغيبة تماما، ويكاد يمكنك القول إنه لا يوجد في الحقيقة مجتمعات.. هناك أفراد لا تربطهم علاقة ببعض، ولا ينشئون كيانا مؤثرا وشريكا مع الحكومة والسوق؛ فهم ليسوا سوى زبائن لا حول لهم ولا طول، يوفر لهم القطاع العام والسوق كل ما يحتاجون إليه أو لا يحتاجون إليه، من غير رأي لهم أو مشاركة؛ التعليم والدواء والعلاج والسكن والطعام واللباس وقصات الشعر والأخبار والآراء والموسيقى والغناء والشوارع والحدائق والمكتبات.. ما يجب أن يفعلوه وما لا يجب، وما يجب أن يقتنعوا به ويصدقوه. حتى الدين والعبادة والعلاقة مع الله تُقدم للناس خدمات جاهزة ومعدة ومفروضة عليهم.
لا تعكس الأحزاب القائمة، ولا منظمات المجتمع المدني، اتجاهات واحتياجات قواعد وكيانات اجتماعية قائمة وتتحرك أو تفكر على الأقل في أولوياتها. ولا تعبر الإدارة الحكومية للموارد العامة وتوزيعها عن ولاية للمواطنين ودورهم في ذلك، برغم أنهم هم دافعو الضرائب. ولا تتشكل السوق أو تنظم بناء على وعي الناس ورغبتهم في حياتهم واحتياجاتهم؛ فلا تبنى البيوت، على سبيل المثال، وفق ما يتطلع إليه الساكنون ما يفترض أن يكون غاية للسكن، ولكن الاستثمار العقاري يعكس أولويات ورغبات ومشكلات المهندسين والمقاولين وتجار وموردي مواد البناء والأثاث. ولا تنظم المدن والأحياء والمرافق العامة وفق احتياجات الناس الأساسية واليومية، كأن الشوارع والأرصفة ليست ليسير عليها الناس بأمان وحرية.. وكذا الطعام واللباس وسائر الخدمات والسلع.
وأسوأ من ذلك كله أنه لا يبدو ثمة معنى أو دلالة لمكان أو حي أو مدينة أو بلدية، ولم أسمع، برغم آلاف الأحزاب والجمعيات والمؤسسات، بعمل أو مؤسسة تنتظم مجتمعا ما على أساس الأولويات والاحتياجات المفترض قيامها وتوفيرها للناس!
(الغد)
ثمة حلقة مفقودة في العمل العام والاقتصادي والثقافي؛ الحكومي وغير الحكومي (أفضل استخدام مصطلح "غير الحكومي" لأنه يكاد يكون ليس ثمة أداء أهلي أو مجتمعي)، وهذه الحلقة هي غياب المجتمعات.
إذ لا تبدو المجتمعات شريكة أو حاضرة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والمنتديات والمحاضرات والاجتماعات، وفي الكتابة والجدل والحوار والمسرح والموسيقى والغناء والقصة والرواية والتعليم. كما أنها ليست موجودة (تقريبا) في البرامج الحكومية؛ التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والثقافة والأوقاف والإعلام.. وليست شريكة، وكأنها غير معنية بعمليات التنظيم والاستثمار والإدارة للاحتياجات والخدمات الموجهة إليها؛ الطاقة والماء والاتصالات والسلع والخدمات. كما لا يبدو للمجتمعات حضور أو تأثير يذكر في إدارة وتصميم وتوجيه وإبداع حياتها واحتياجاتها الأساسية؛ السكن والبناء والطعام واللباس.
تكاد تكون المجتمعات غائبة أو مغيبة تماما، ويكاد يمكنك القول إنه لا يوجد في الحقيقة مجتمعات.. هناك أفراد لا تربطهم علاقة ببعض، ولا ينشئون كيانا مؤثرا وشريكا مع الحكومة والسوق؛ فهم ليسوا سوى زبائن لا حول لهم ولا طول، يوفر لهم القطاع العام والسوق كل ما يحتاجون إليه أو لا يحتاجون إليه، من غير رأي لهم أو مشاركة؛ التعليم والدواء والعلاج والسكن والطعام واللباس وقصات الشعر والأخبار والآراء والموسيقى والغناء والشوارع والحدائق والمكتبات.. ما يجب أن يفعلوه وما لا يجب، وما يجب أن يقتنعوا به ويصدقوه. حتى الدين والعبادة والعلاقة مع الله تُقدم للناس خدمات جاهزة ومعدة ومفروضة عليهم.
لا تعكس الأحزاب القائمة، ولا منظمات المجتمع المدني، اتجاهات واحتياجات قواعد وكيانات اجتماعية قائمة وتتحرك أو تفكر على الأقل في أولوياتها. ولا تعبر الإدارة الحكومية للموارد العامة وتوزيعها عن ولاية للمواطنين ودورهم في ذلك، برغم أنهم هم دافعو الضرائب. ولا تتشكل السوق أو تنظم بناء على وعي الناس ورغبتهم في حياتهم واحتياجاتهم؛ فلا تبنى البيوت، على سبيل المثال، وفق ما يتطلع إليه الساكنون ما يفترض أن يكون غاية للسكن، ولكن الاستثمار العقاري يعكس أولويات ورغبات ومشكلات المهندسين والمقاولين وتجار وموردي مواد البناء والأثاث. ولا تنظم المدن والأحياء والمرافق العامة وفق احتياجات الناس الأساسية واليومية، كأن الشوارع والأرصفة ليست ليسير عليها الناس بأمان وحرية.. وكذا الطعام واللباس وسائر الخدمات والسلع.
وأسوأ من ذلك كله أنه لا يبدو ثمة معنى أو دلالة لمكان أو حي أو مدينة أو بلدية، ولم أسمع، برغم آلاف الأحزاب والجمعيات والمؤسسات، بعمل أو مؤسسة تنتظم مجتمعا ما على أساس الأولويات والاحتياجات المفترض قيامها وتوفيرها للناس!
(الغد)