ميثاق وطني جديد للاردنيين
الاصل أن حكومة الدكتور النسور استحقاق دستوري فرض لإجراء انتخابات نيابية خلال اربعة اشهر تستقيل بعدها كاستحقاق دستوري ايضا. اما ادارتها لباقي ملفات الدولة خلال توليها المحدد زمنيا، فما كان ينبغي له ان يكون محل خلاف من اي طرف، ولا ان يكون محل شكوك دستورية، خصوصا ان الحكومة نفسها ليست في موقع الثقة من البرلمان؛ ما يعني نقصاً في كمال الشكل والمضمون.
غير أنها تضع نفسها طرفا في مواجهة المعارضة والشارع السياسي، فإن عليها أن تعي أن المعارضة من مختلف اطيافها ومواقعها لا تعارض الحكومة على وجه الخصوص، فهي اقل من ان تستحق هذا الشرف، طالما انها مختارة بلا ثقة او تشاور حولها، وانما النهج الرسمي والحكومي السياسي والاداري برمته وآلية ممارسة السلطة وتوليها بالشكل الذي اتت به الحكومة الحالية، وكل التي سبقتها، والا ما معنى الاصلاح واصلاح النظام تحديدا.
اما الانتخابات المنتظرة إن اجريت وفق الارادة الرسمية المتولية للسلطة، فإنها لا تكون اصلاحا ولا تقدما لمجرد خطوة واحدة نحوه؛ إذ إنها كالتي سبقتها شكلا ومضمونا وافرازات، وقصة نزاهة الاجراء واشراف الهيئة لن يضيف جديدا، ولن يكون هناك فرق بين نواب زور لهم او دون تزوير او بين نائب مستقل ونائب قائمة ومعهم نواب الكوتات ايضا. والامر يعني غلقا محكما؛ لإبقاء السلطة وممارستها على ما هي عليه بعيدة عن اي تشاركية وطنية حقيقية كاملة فيها، فما البال بمبدأ تداولها سلميا وديمقراطيا وحسب ارادة الشعب ليكون مصدر السلطات عمليا وليس رأس النظام.
بطبيعة الحال، فإن اصلاح النظام ليس هدفا للحركة الاسلامية وحدها، وانما لكل الاردنيين الذين نجوا من الاحتواء والتظليل الذي مورس على الشعب طوال الوقت، وبالعودة الى ما قبل عام 1989 نجد ان كل اطياف الحركة السياسة الحزبية السرية كانت تدعو الى اصلاح النظام، مثل الحزب الشيوعي، او قيام الثورة عليه واسقاطه، وان التوافق والاجماع عليه استقر بعد الاتفاق على الميثاق الوطني الذي شاركت في اعداده كل مكونات الشعب.
ولمضي اكثر من عقدين على ذلك الحدث التاريخي الذي اسس لاستقرار الدولة، وهي الفترة الكافية للانتقال الى مرحلة جديدة لتطوير مقوماتها وطبيعة العلاقات السياسية فيها، وتولي ادارته السلطات فيها، فإنه الاوان المناسب لكل ذلك، وطالما يطلب تحت يافطة ربيع اردني، فلما لا يكون بمظلة المؤتمر الوطني الثاني والميثاق الثاني ايضا.
(السبيل )