حكومة البحر الميت
ورشة عمل حكومية في البحر الميت عن الحكومات البرلمانية، تحدث فيها رئيس الوزراء واعداً بحكومة برلمانية تلي حكومته، وبدا الرجل مقتنعا وواثقا ايضا أن الاردن بذلك يكون قد استكمل العملية الاصلاحية طالما ان البرلمان سيقوم بالمهام التشريعية والتنفيذية. غير أن ما فات الرئيس في الامر هو مسألة اللون السياسي للبرلمان القادم، وفيما اذا سيكون فيه اغلبية واقلية، ام مجرد افراد لا تجمعهم سوى علاقات خاصة وزمالة النيابة، وله بهذا أن يتخيل اي حكومة برلمانية يبشر بها، وأي تداول للسلطة يمكن تطبيقه من قانون انتخابات يبقي القوى السياسية الرئيسية معارضة بالشارع وليس تحت القبة، وكيف انه لا البرلمان القادم ولا الحكومة المنتظرة بإمكانهم تحمل ضغط الشارع الذي بالدرجة الحالية، فما البال إن زاد في مرحلة تصعيدية لا بد من أن تأتي حكما.
وزارة التنمية السياسية التي تنظم الورشة لا تملك اساسا تصورات عن طبيعة المرحلة، وتكاد تكون غائبة تماما عن كل ما يجري، وهي فوق ذلك ليس لديها جواب عن سؤال ماذا بعد الانتخابات النيابية، وفيما اذا كانت هي مرحلة جديدة حقا او انها مجرد لعب ولف ودوران بالمربع الاول، وهي تتعامى او انها لا تدري عن كون الحكومة البرلمانية الديمقراطية تملك السلطة تماما، ولا تقال الا برلمانيا، وانها تنافس اساسا بالانتخابات لتكون حكومة من مرشحين للبرلمان مجتمعين على قلب حزب واحد او فكر جامع وبرنامج ملزم امام الشعب؛ للمحاسبة على تنفيذه، ولكونه المعني بإعادة انتخابهم مجددا او اسقاطهم إن اخفقوا وخذلوا الناخبين.
ويدرك وزير تنمية السياسة بسام حدادين أكثر ما يكون كل ذلك، وكل ما يلزم لانتاج برلمان حقيقي مؤهل لممارسة تداول السلطة بحكومات برلمانية، وله أن يدلنا على شرط واحد متوفر منها فقط، لنصدقه والرئيس النسور فيما ذهبوا إليه من وعد بحكومة برلمانية اردنية، ثم يكفي العلم أن وزارة تنمية السياسة مجرد وزير لا اكثر ولا اقل.
لو أن كلفة الورشة على مدار يومين تم توفيرها على خزينة الدولة او لها لكان الامر مجديا اكثر! إذ إن حكومة النسور التي تعاني العسر، وتبحث عن اليسر بالبحر الميت تكون اكثر من فاقدة للبوصلة، خصوصا أنها حكومة معينة وغير منتخبة وبلا ثقة، فكيف لها أن تدرب الديمقراطية والبرلمانية وهي لا هذه ولا تلك!
(السبيل)