نهاية التفرد بالحكم
وهكذا يا سادة يا كرام الاحرار، استطاع رئيس الوزراء الهمام المغوار ان ينفذ ما وعد واعاد للامور كل الثقة والاعتبار. فها هي الاستعدادات لاطلاق الانتخابات النيابية على اشدها بدون شوائب، والسعار فوق النار، وهو يعد همسا برفع اسعار الكهرباء والماء، والاكيد ان الخبز لن يسلم بالنهاية من الامر، وقد نجده في لحظة من الكماليات طالما الاعتبارات التي يعيدها الرئيس الى نصابها كما يشاهدها القوم، والتي منها امتحانات التوجيهي التي تطلق اجاباتها من على مكبرات الصوت فوق المئذنة.
وفي واقع الامر، فإنه لم يعد مفهوما على وجه الدقة كيف لحكومة انتقالية ان تبتعد عن مرحليتها نحو اتخاذ قرارات ذات ابعاد مستقبلية واستراتيجية على حياة الشعب، ومجمل مكونات الدولة، ولا يسعها ترك هذه الامور للحكومة المنتظرة بعد الانتخابات، لتكون من القبول والثقة بها إن اقرت او ان هناك غيرها. واذ يعلن رئيس الوزراء استقالة حكومته مبكرا ويحددها باليوم التالي لنتائج الانتخابات باعتباره امرا ادبيا، فإنه إنما يقر بعمر حكومته المؤقت ومرحليتها من الزاوية الدستورية، التي تفترض اكثر ما يكون ادبيا الامتناع عن القرارات ذات الشان الوطني العام، وتركها لمن يفترض بهم تمثيل الامة، وادبيا ايضا فإن لحظة الاعتذار من الشعب هي المهمة الآن، وبإمكان الرئيس ان يكون شفافا ويعلن حقائق اتخاذه تلك القرارت، وكيف كانت تهل عليه، وما خفا من ملاحق وشروط للبنك والصندوق الدوليين.
ام ما هو اخطر من كل ذلك، فهو الذهاب بأمر الانتخابات الى نهايتها دون ادنى اعتبار للنتائج، وفيما اذا كانت ستكون حلا ما لأي ازمة وطنية، وكيف له عدم ادراك ان الانتخابات تتويج للاصلاح وليس بدايته، وان المطلوب ان يكون الامر اصلاحا جديا في عهد الملك عبدالله الثاني، وليس المملكة الخامسة، كما اوضح كل ذلك قادة ورموز العمل الوطني من مواقع المعارضة وغير المعارضة ايضا. وقد كان يكفيه لادراك وتفهم المعادلة الوطنية استيعاب معنى امتناع النخب المستقلة عن الترشح للانتخابات طالما فصلت على ما يخشى من نتائجها بشكل بائن بينونة كبرى.
في المشهد العام ما يستوجب الاستعداد لمواجهة فشل السياسات الحكومية برمتها بعد الانتخابات مباشرة، وحتى قبل ان يعلن النسور استقالته الادبية، والامر لا يخص القوى غير المشاركة بالقرار والحكم فقط، وانما المؤسسات التي تحكم وتتولى السلطة فعلا، وليس هناك بدائل عن التشاركية بالحكم والتخلي التام عن التفرد به.
(السبيل )