ماذا تتوقعون عندما يرنّ الهاتف بعد العاشرة ليلا؟
مثل جميع المواطنين الذين يجب أن يكونوا في عملهم الساعة الثامنة صباحا، يتوجب أن أنام الساعة 11 ليلا أو قبل ذلك. لكن، كنت استيقظ كل ليلة الساعة الثانية صباحا على صوت رنة هاتف "الموبايل"، ثم تتبع الـ"ميسد كول" (المكالمات الفائتة) رسالة من قائمة "..." للانتخابات!
طيب، لو كانت رسالة فقط لوضعنا اللوم على شركات الاتصالات، وهي "لبّيسة". ولكن، هل فكر السادة المحترمون في القائمة الانتخابية الذين اتصلوا الساعة 2 صباحا بمواطن لا يعرفونه ولا يعرفهم، هل فكروا باللياقة والجدوى في هذا الأسلوب من الدعاية والتواصل مع الناس؟
صحيح أنه أصبح مألوفا ومكررا الاتصال في ساعة متأخرة من الليل، ولكني ما أزال أشعر بخوف وتوتر كلما رنّ الهاتف بعد العاشرة ليلا، ولا أزال أعتقد أنه لا يمكن مهاتفة الناس ليلا إلا لأمر أو خبر جلل.
وللأمانة، فإنني، وربما جميع أو معظم المواطنين الذين يحتاجون أن يناموا مبكرين ويستيقظوا مبكرين، نتعرض على نحو شبه يومي لاتصالات متأخرة كثيرة جدا من أشخاص لا تربطنا بهم رابطة تمنحهم الجرأة على الاتصال حتى في الأوقات العادية!
قبل فترة من الزمن، رنّ "الموبايل" الساعة 12 ليلا، فيسألني المتصل: من حضرتك؟ قلت له: يا سيدي أنت تتصل بي منتصف الليل لتسألني من أنا؟! فأكد ملحا: بالله عليك من أنت؟.. أنا عندي هذا الرقم مخزن ولا أعرف صاحبه. قلت له: إبراهيم غرايبة. قال لي: من إبراهيم غرايبة؟ قلت: ابن محمد الغرايبة. وظل يتساءل متحيرا. قلت: يا أخي احذفني من قائمة اتصالاتك وريح حالك وريحني!
كل يوم تقريبا عندما أستيقظ أجد في قائمة الـ"ميسد كولز" أرقاما لا أعرف أصحابها. الساعة 3 فجرا يرن عليك شخص لا تعرفه، أو على الأقل لا تخزن رقمه.. وقبل أن يخفّ رعبي من المكالمات الليلية، اتصلت برقم رنّ علي الساعة 3 فجرا (يا لطيف!). قال لي: من حضرتك؟ قلت له: إبراهيم غرايبة. قال: والله ما أنا عارفك ولا ذاكر اني اتصلت فيك، لكن "موبايلي" كان مع أخي امبارح وكان سهران هو وأصحابه يلعبون شدّة،.. هكذا والله قال لي ببساطة!
لم أعد اتصل بالمكالمات الفائتة؛ فعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، لم أجد أن أحدا اتصل بي ليعطيني نقودا، أو ليقدم لي خبرا مهما.
(الغد)