ما بين الدين والنهر
ابراهيم غرايبة
جو 24 : "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون" (الجاثية، الآية 18).
النهر والدين يسميان "شريعة". وخطر لي في هذه المساحة أن أقدم تناظرا بين الدين والنهر، باعتبارهما يتسميان بالاسم نفسه؛ ما يعني تشابها كثيرا في الحال والمعنى أيضا. ويمكن تتبع ذلك في المصادر اللغوية والاصطلاحية (الوضعية). ولكن ثمة ملاحظات وتأملات يمكن التقاطها غير ما نجده في المصادر العلمية.
فالنهر يختار مساره وروافده ومصبّه بلا تدخل من أحد. وهو في ذلك ينشئ "حرما" تتشكل حوله المدن والزراعة والصيد والسياحة والأعمال والغابات والكائنات. كما ينشئ الناس علاقتهم بالنهر بلا تدخل كبير أو خطير او جوهري فيه. وهو في ذلك مورد لجميع الفئات؛ الدولة والمجتمعات والشركات والأفراد، والكائنات الحية، والطبيعة والجغرافيا والحدود السياسية والإدارية. إنه مورد مشترك لا أحد ولا قوة ولا جهة ما يحتكره أو يتدخل فيه أو يغير فيه.. وكل محاولات التدخل والاحتكار في النهر تؤدي إلى كوارث؛ التلوث، والجفاف، وضياع وهدر الثروة النهرية من الماء والكائنات والمعادن والزينة، كما تختفي المدن والحضارات.
وأظن أن الدين مثل النهر، لا يملكه ولا يحتكره أحد؛ لا الدولة، ولا الجماعات والأحزاب، ولا الأفراد. إنه مورد متاح وميسر لكل الناس والجماعات والسلطات والمجتمعات والأفراد؛ لا أحد ولا جهة يملك عليه وصاية، أو يحق له أن يتدخل فيه، أو أن يتحكم في تنظيمه وخيره ومساره وطبيعته. وتتشكل حوله وتستمد منه القيم والتشريعات والأفكار والسلوك والعلاقات بلا إذن من أحد، ولا تدخل ولا وصاية. والدين يمنح موارده لجميع الناس والكائنات. وما يملكه البعض من علم بالدين لا يمنحهم سلطة أو وصاية على المتدينين إلا بمقدار ما يملك علماء الجغرافيا والري والهندسة من سلطة على النهر وعلاقة الناس به.
وكما تتلوث الأنهار وتجف، نتيجة لما تؤدي إليه المشاريع التي تقام حولها من مصانع وسدود، أو ما يلقى فيها من مواد ملوثة وضارة؛ فإن الدين أيضا يتحول/ يمكن أن يتحول بفعل السلطات والجماعات والعلماء والأدعياء والمستثمرين والمقاولين "الدينيين" إلى خطر وضرر كبيرين، يلحقان بحياة الناس وأفكارهم ومصالحهم وأعمالهم.
اليوم، نحتاج إلى تفكير ورأي نزيه يصحح علاقتنا بالدين، وعلاقة الدين بالدولة والسياسة والمجتمع والتشريع والسلوك، على النحو الذي يجنبنا مصير نهر الأردن؛ واسمه الشائع لدى الناس وفي كتب التراث "الشريعة"، ونهري الزرقاء واليرموك، والمآلات التي لحقت بالمدن والموارد والحياة بسبب ذلك. ولنتذكر التحذير الصريح في القرآن للمؤمنين ممن يقومون على الدين، ولكنهم يأكلون أموال الناس بالإثم، ويصدون عن سبيل الله!الغد
النهر والدين يسميان "شريعة". وخطر لي في هذه المساحة أن أقدم تناظرا بين الدين والنهر، باعتبارهما يتسميان بالاسم نفسه؛ ما يعني تشابها كثيرا في الحال والمعنى أيضا. ويمكن تتبع ذلك في المصادر اللغوية والاصطلاحية (الوضعية). ولكن ثمة ملاحظات وتأملات يمكن التقاطها غير ما نجده في المصادر العلمية.
فالنهر يختار مساره وروافده ومصبّه بلا تدخل من أحد. وهو في ذلك ينشئ "حرما" تتشكل حوله المدن والزراعة والصيد والسياحة والأعمال والغابات والكائنات. كما ينشئ الناس علاقتهم بالنهر بلا تدخل كبير أو خطير او جوهري فيه. وهو في ذلك مورد لجميع الفئات؛ الدولة والمجتمعات والشركات والأفراد، والكائنات الحية، والطبيعة والجغرافيا والحدود السياسية والإدارية. إنه مورد مشترك لا أحد ولا قوة ولا جهة ما يحتكره أو يتدخل فيه أو يغير فيه.. وكل محاولات التدخل والاحتكار في النهر تؤدي إلى كوارث؛ التلوث، والجفاف، وضياع وهدر الثروة النهرية من الماء والكائنات والمعادن والزينة، كما تختفي المدن والحضارات.
وأظن أن الدين مثل النهر، لا يملكه ولا يحتكره أحد؛ لا الدولة، ولا الجماعات والأحزاب، ولا الأفراد. إنه مورد متاح وميسر لكل الناس والجماعات والسلطات والمجتمعات والأفراد؛ لا أحد ولا جهة يملك عليه وصاية، أو يحق له أن يتدخل فيه، أو أن يتحكم في تنظيمه وخيره ومساره وطبيعته. وتتشكل حوله وتستمد منه القيم والتشريعات والأفكار والسلوك والعلاقات بلا إذن من أحد، ولا تدخل ولا وصاية. والدين يمنح موارده لجميع الناس والكائنات. وما يملكه البعض من علم بالدين لا يمنحهم سلطة أو وصاية على المتدينين إلا بمقدار ما يملك علماء الجغرافيا والري والهندسة من سلطة على النهر وعلاقة الناس به.
وكما تتلوث الأنهار وتجف، نتيجة لما تؤدي إليه المشاريع التي تقام حولها من مصانع وسدود، أو ما يلقى فيها من مواد ملوثة وضارة؛ فإن الدين أيضا يتحول/ يمكن أن يتحول بفعل السلطات والجماعات والعلماء والأدعياء والمستثمرين والمقاولين "الدينيين" إلى خطر وضرر كبيرين، يلحقان بحياة الناس وأفكارهم ومصالحهم وأعمالهم.
اليوم، نحتاج إلى تفكير ورأي نزيه يصحح علاقتنا بالدين، وعلاقة الدين بالدولة والسياسة والمجتمع والتشريع والسلوك، على النحو الذي يجنبنا مصير نهر الأردن؛ واسمه الشائع لدى الناس وفي كتب التراث "الشريعة"، ونهري الزرقاء واليرموك، والمآلات التي لحقت بالمدن والموارد والحياة بسبب ذلك. ولنتذكر التحذير الصريح في القرآن للمؤمنين ممن يقومون على الدين، ولكنهم يأكلون أموال الناس بالإثم، ويصدون عن سبيل الله!الغد