السياسة العامة للصحة
ابراهيم غرايبة
جو 24 : مقال الأستاذ أحمد الحسبان في "الرأي" (30/1/2013) حول التأمين الصحي والسياسة العامة للصحة، مهم وأكثر من رائع. وما نحتاج إليه اليوم؛ حكومة وبرلمانا ومجتمعات، هو أن ننفر جميعا لترشيد وإصلاح التعليم والصحة، باعتبارهما الأولوية القصوى للدولة والمجتمع. وكنت بالفعل أجمع الأفكار والملاحظات، منتظرا أن تنتهي قصة الانتخابات النيابية، للكتابة في هذه المجالات، والدعوة إلى الانشغال والتفكير فيها.
وأهم ما لمسه الأستاذ الحسبان أننا، وقبل التفكير في عمليات زراعة الأعضاء والسياحة العلاجية (التي يستفيد منها فقط الأغنياء العرب وشركات استثمارية)، بحاجة إلى تصحيح وترشيد التأمين الصحي، وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين: العلاج، والقدرة على مقابلة الأطباء، ووجود هؤلاء الأطباء ابتداء في المراكز الصحية والعيادات في أوقات وبأعداد كافية وشاملة، وتوفير الدواء؛ وبخاصة الأدوية الأساسية المنتظمة والضرورية لفئة من المواطنين، معظمهم من كبار السن! فهل يعقل أن يحتاج المواطن إلى عدة أشهر للحصول على موعد مع الطبيب؟ وعندما يأتي المريض في الموعد المحدد، لا يأتي الطبيب المشغول غالبا بـ"الطب الاستثماري"، فيقابل هذا المريض طبيب متدرب أو طالب في كلية الطب.. وأحيانا لا يجد سوى الانتظار الطويل والمهين!
الرعاية الصحية تترهل وتنقرض لصالح خدمات سياحية وفندقية طبية للأغنياء والسياح والأشقاء العرب، المحملين بالدولارات والغفلة، أو التواطؤ على فواتير خيالية ووهمية! ما قيمة وأهمية المستشفيات والأجهزة المتقدمة والإخصائيين العظام، إذا كان المواطن لا يجد الخدمة الطبية والصحية الأساسية، وإذا كانت العيادات والمراكز الصحية تزدحم بالمرضى والمراجعين بلا أمل ولا كرامة؟!
لسنا بحاجة إلى خبرة متقدمة، ولا إلى رطانة، لندرك بوضوح وبساطة مسألتين بديهيتين: أن الرعاية الصحية تعني، ببساطة، اهتماما كافيا، وفاعلية وحضورا في المراكز الصحية والعيادات التي تتعامل مباشرة مع المواطنين؛ وأنها في المقابل خدمة وبرامج لا تعود بالعوائد الإضافية والحوافز والرحلات والمؤتمرات.. وليست مغرية ولا مشجعة للأطباء والمستشفيات. ويكاد الطب يغادر العلاج إلى الجراحة والخدمات المكلفة، بغض النظر عن أولويتها للمريض وحاجته إليها! بل إن كثيرا من الأطباء لا يخفون تأففهم وضيقهم بالمواطنين والحالات التي تحتاج إلى معالجة ومتابعة ورعاية طبية؛ فليس لدينا سوى عمليات وفندقة وشراكات مع شركات الأدوية ووكلائها، وأدوية مكدسة لا يحتاجها المواطنون، وأدوية يحتاجونها مفقودة!
ببساطة، فإن المواطن يتعرض في كثير من الحالات للإهانة والابتزاز والنصب والاحتيال، برغم أنه يدفع من جيبه، ولا يتصدق عليه أحد! وهذا محير ومريب!
الغد
وأهم ما لمسه الأستاذ الحسبان أننا، وقبل التفكير في عمليات زراعة الأعضاء والسياحة العلاجية (التي يستفيد منها فقط الأغنياء العرب وشركات استثمارية)، بحاجة إلى تصحيح وترشيد التأمين الصحي، وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين: العلاج، والقدرة على مقابلة الأطباء، ووجود هؤلاء الأطباء ابتداء في المراكز الصحية والعيادات في أوقات وبأعداد كافية وشاملة، وتوفير الدواء؛ وبخاصة الأدوية الأساسية المنتظمة والضرورية لفئة من المواطنين، معظمهم من كبار السن! فهل يعقل أن يحتاج المواطن إلى عدة أشهر للحصول على موعد مع الطبيب؟ وعندما يأتي المريض في الموعد المحدد، لا يأتي الطبيب المشغول غالبا بـ"الطب الاستثماري"، فيقابل هذا المريض طبيب متدرب أو طالب في كلية الطب.. وأحيانا لا يجد سوى الانتظار الطويل والمهين!
الرعاية الصحية تترهل وتنقرض لصالح خدمات سياحية وفندقية طبية للأغنياء والسياح والأشقاء العرب، المحملين بالدولارات والغفلة، أو التواطؤ على فواتير خيالية ووهمية! ما قيمة وأهمية المستشفيات والأجهزة المتقدمة والإخصائيين العظام، إذا كان المواطن لا يجد الخدمة الطبية والصحية الأساسية، وإذا كانت العيادات والمراكز الصحية تزدحم بالمرضى والمراجعين بلا أمل ولا كرامة؟!
لسنا بحاجة إلى خبرة متقدمة، ولا إلى رطانة، لندرك بوضوح وبساطة مسألتين بديهيتين: أن الرعاية الصحية تعني، ببساطة، اهتماما كافيا، وفاعلية وحضورا في المراكز الصحية والعيادات التي تتعامل مباشرة مع المواطنين؛ وأنها في المقابل خدمة وبرامج لا تعود بالعوائد الإضافية والحوافز والرحلات والمؤتمرات.. وليست مغرية ولا مشجعة للأطباء والمستشفيات. ويكاد الطب يغادر العلاج إلى الجراحة والخدمات المكلفة، بغض النظر عن أولويتها للمريض وحاجته إليها! بل إن كثيرا من الأطباء لا يخفون تأففهم وضيقهم بالمواطنين والحالات التي تحتاج إلى معالجة ومتابعة ورعاية طبية؛ فليس لدينا سوى عمليات وفندقة وشراكات مع شركات الأدوية ووكلائها، وأدوية مكدسة لا يحتاجها المواطنون، وأدوية يحتاجونها مفقودة!
ببساطة، فإن المواطن يتعرض في كثير من الحالات للإهانة والابتزاز والنصب والاحتيال، برغم أنه يدفع من جيبه، ولا يتصدق عليه أحد! وهذا محير ومريب!
الغد