jo24_banner
jo24_banner

القدس بين الفتوى والبلوى

فايز الفايز
جو 24 : شخصيا أرفض تأشيرة سفارة تل أبيب على جواز سفري ، و كم تقت شوقا الى زيارة القدس الشريف وفلسطين العربية ، وكم حلمت منذ الصغر بأن أجلس على أسوار عكا ، وأمشي في حقول البرتقال التي كان والدي يحدثنا عنها حين كان لنا ولكم وللعرب ذاكرة عربية ، فعكا لها تاريخ في كتب التاريخ المدرسي التي درسناها ، ولا أدري هل لا تزال تلك الديار المسلوبة موجودة على صفحات كتب التاريخ على الأقل ، أم أنها غادرتها كما غادرت عقول وقلوب أهل الساسة ، أوالمتعايشين مع الرفاهية والمال والحياة الرغيدة من أبنائها وأبناء أمتنا العربية؟
الأسئلة فيما يتعلق بفلسطين والقدس لا تنتهي، ولكنني سأمر على فتاوى تحريم زيارة «القدس الشريف» مركز الصراع بين العرب و»اليهود» الذين اجتمعوا من شتات العالم ليغتصبوا أو يشاركوا في اغتصاب الأرض والمقدسات ، ثم يترك العرب والمسلمون أهلهم وأخوانهم في القدس يواجهون مصيرهم المحتوم مع « الكيان الإسرائيلي « الذي يحاصرهم من كل جانب ، وينكل فيهم في كل مناسبة ، ويمنع أهل القدس وما حولها من الدخول الى المسجد الأقصى ، وقبل أيام منعت السلطات العنصرية إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ « عكرمة صبري « من دخول الأقصى لثلاثة أشهر ولم تتحرك أي حركة ولا يصدح أي تصريح يناصر الشيخ صبري وأهل القدس الذين باتوا قاب سنوات أو أقل من ترحيلهم خارج القدس .
لا نملك قرارا رسميا ولا إمامة دينية كي نناقش الفتاوى التي تبعت الزيارات التي قام بها الأميران هاشم بن الحسين وغازي بن محمد ورافقهما الشيخ الحبيب الجفري وعلي جمعة مفتى مصر، ومن ضمنها زيارة قام بها وزير الداخلية محمد الرعود، فالجانب الفلسطيني يؤكد أنهم جاءوا للقدس دون المرور بالإجراءات القنصلية الاسرائيلية بل بترتيبات خاصة ، فيما المعارضون يرون أن الحراسة كانت لجنود إسرائيليين وهذا ما يعدونه تطبيعا واعترافا باسرائيلية القرار ، ولكن لا نرى في المقابل أي إجراءات عملية لنصرة القدس الشريف وأهله ومساعدتهم على الصمود في منازلهم ، ودعمهم معنويا وماديا وإعلاميا وسياسيا ليبقى إحساسهم بأن هناك بقية « لأمة خالدة واحدة « تدعم صمودهم ، في وقت أراحت أنظمة التحرير والكفاح ضد الإمبريالية والصهيونية أكتافها ، فكل ما هنالك خلافات سياسية وحرب كلامية بأغلفة دينية .
هنا سأسأل ألا يعرف الناس أن الأردن هو الوحيد الذي يقف الى جانب أشقائه الفلسطينيين و الإدارة العربية للشؤون والمقدسات الفلسطينية الاسلامية والمسيحية يقودها الملك عبدالله مباشرة ، ألا يعلمون أن الأردن حافظ لعقود مضت بالحد المعقول على المقدسات في مدينة القدس حيث لا يزال يشرف على ويصرف الرواتب للكوادر الإدارية هناك ، ألم يسأل أهل الفتاوى كيف يتنقل الفلسطينيون عبر الجسور الأردنية بالآلاف يوميا طيلة سنين مضت ، ومن هو المخول بإدخالهم أو منعهم للأراضي الفلسطينية، ألم يسألوا عن آلاف المرضى الذين يتعالجون في إسرائيل ويحصلون على تأشيرات من سفارتها ؟!
الزيارة الأولى للأمير هاشم والجفري والثانية للوزير الرعود مرتا دون ضجيج ، و عندما دخل مفتي الديار المصرية علي جمعة على الخط ، ثارت ثائرة المصريين ، فهم غير مرغمين أصلا على التعامل مع الكيان الاسرائيلي ، وغزة ليست سوى اهتمام سياسي لهم ، ولكن بعد تصريحات المصريين ضد جمعة ، انطلقت صيحاتنا وانهلت الفتاوى السياسية تحرم زيارة القدس وهي محتلة ، فلماذا نزور واشنطن وهي داعم رئيس لتل أبيب ، ولماذا نزور لندن وهي من أسست لنشوء هذا الكيان ولا زالت تدعمه ، ولماذا لم نفتِ في شرعنة الجهاد لتحرير المحتل من بلادنا ، وهل نسينا إسقاط مصطلح « الجهاد « في مؤتمر منظمة العالم الإسلامي في داكار ؟ أسئلة غائبة والإجابات مفهومة .
خلال مطالعاتي للصحافة العبرية ، وجدت مؤخرا هذه الإحصائية الجديدة : عدد سكان مدينة القدس يبلغ 933 الف نسمة ، الغالبية العظمى من اليهود، حيث يشكل العرب المسلمون والمسيحيون فقط 3117 مقابل 46527 طفلاً وهو عدد الولادات اليهودية عام 2011 فيما يبلغ عدد المسنين من اليهود 19268 يهودياً، وهذا هو الخطر الكبير الذي يهدد المدينة المقدسة حين يتناقص عدد العرب فيها ، ولا يجدون من يساعدهم في بناء منازل جديدة أو شراء منازل قديمة ، ومساعدة الموجودين فيها للبقاء بالحد المعقول من الحالة المعيشية ، وهذا يستدعي « فتاوى « لجمع المال وإرساله لأهل القدس ، كما تفعل الجمعيات اليهودية العالمية لدعم يهود القدس لشراء منازل لهم هناك ، اليس ذلك أنفع في زمن لا أحد فيه يريد أن يحارب ولا يجاهد ولا يعود لفلسطين حيث لا مناصب ولا رواتب ولا رفاهية زائفة !
الرأي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير