2024-11-18 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأحلام والرموز في حياة الإنسان

ابراهيم غرايبة
جو 24 : يعرض إريك فروم في كتابه "اللغة المنسية: مدخل إلى فهم الأحلام والحكايات والأساطير"، ثلاث نظريات في فهم الأحلام وتفسيرها: نظرية فرويد التي تقول إن الإحلام تعبير عن طبيعة الإنسان اللاعقلانية واللاأخلاقية؛ ونظرية يونع، وتقول إن الأحلام إلهام يأتينا من حكمة لاواعية مفارقة للفرد ومتعالية عليه؛ ونظرية ثالثة تذهب إلى أن الأحلام تعبر عن أشكال النشاط الذهني الممكنة؛ فهي تعبر عن القوى العقلانية التي تسكننا، أي إنها تعبر عن أفضل ما فينا وأسوأ ما فينا أيضا. وفي جميع الأحوال، فإن الأحلام تقدم رسالة مليئة بالدلالات. وفي التلمود، فإن الأحلام التي لا نفسرها هي مثل رسالة لا نقرأها.
يرى فروم أن الأحلام هي لغة رمزية، تعبر بواسطتها الخبرات الحميمة والمشاعر والأفكار كما لو كانت خبرات معاشة في العالم الخارجي، أو أحداثا من هذا العالم؛ إنها اللغة الجامعة الوحيدة التي استطاع البشر أن يبلوروها ويجعلوها واحدة بالنسبة لكل الحضارات وعلى مر التاريخ. ولهذه اللغة، إذا جاز القول، قواعدها ونحوها الخاصة بها.
ثمة رموز في الأحلام يمكن أن تترجم التجارب الشخصية. فنحن لا نتخلى في أحلامنا عن قسم من عقولنا وحياتنا فحسب، بل إننا نبرهن فوق ذلك عن مزيد من الذكاء ومزيد من الحكمة، ولربما كنا قادرين أثناء النوم على إطلاق أحكام أفضل من تلك التي نطلقها أثناء اليقظة. والنوم له وظيفة متعددة الأبعاد، يستخرج به أفضل ما في دواخلنا وأسوأها في آن معا؛ فقد نكون في أثناء الحلم أقل ذكاء وحكمة وحياء مما نحن عليه في حالة اليقظة، وقد نكون أفضل حالا وأكثر حكمة.
ولكن كيف يتسنى لنا أن نعلم ما إذا كان علينا أن ندرك الحلم بوصفه تعبيرا عن أسوأ ما فينا أم عن أفضل ما فينا؟ وهل ثمة مبدأ من شأنه أن يرشدنا إلى سواء السبيل في محاولتنا لفهم الحلم؟ فالحلم لا يقتصر على إلقاء الضوء على العلاقات القائمة بين الأنا والآخرين، ولا على إطلاق الأحكام الثاقبة والتكهنات، بل إنه يقوم أيضا على عمليات ذهنية أرقى من أفعال الذهن المستيقظ.
يؤول الأمر في النهاية إلى اتخاذ الحلم الظاهر طابع الحكاية المتماسكة والمنطقية، والتي هي كناية عن واجهة تتم خلفها دراما الحلم العاطفية. وإن الإنسان ليعجب من قدرته على صياغة وإخراج الحلم على هذا النحو الشائق والمعقد. وربما تكون تراجعت أهمية الحلم في حياة الناس، إذ كانت تصوغ قراراتهم ومواقفهم الخطيرة واليومية، ولكن ذلك لا يقلل من شأنها في وعي الإنسان لنفسه ومساعدتها.الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير