الأحلام والرموز في حياة الإنسان
ابراهيم غرايبة
يرى فروم أن الأحلام هي لغة رمزية، تعبر بواسطتها الخبرات الحميمة والمشاعر والأفكار كما لو كانت خبرات معاشة في العالم الخارجي، أو أحداثا من هذا العالم؛ إنها اللغة الجامعة الوحيدة التي استطاع البشر أن يبلوروها ويجعلوها واحدة بالنسبة لكل الحضارات وعلى مر التاريخ. ولهذه اللغة، إذا جاز القول، قواعدها ونحوها الخاصة بها.
ثمة رموز في الأحلام يمكن أن تترجم التجارب الشخصية. فنحن لا نتخلى في أحلامنا عن قسم من عقولنا وحياتنا فحسب، بل إننا نبرهن فوق ذلك عن مزيد من الذكاء ومزيد من الحكمة، ولربما كنا قادرين أثناء النوم على إطلاق أحكام أفضل من تلك التي نطلقها أثناء اليقظة. والنوم له وظيفة متعددة الأبعاد، يستخرج به أفضل ما في دواخلنا وأسوأها في آن معا؛ فقد نكون في أثناء الحلم أقل ذكاء وحكمة وحياء مما نحن عليه في حالة اليقظة، وقد نكون أفضل حالا وأكثر حكمة.
ولكن كيف يتسنى لنا أن نعلم ما إذا كان علينا أن ندرك الحلم بوصفه تعبيرا عن أسوأ ما فينا أم عن أفضل ما فينا؟ وهل ثمة مبدأ من شأنه أن يرشدنا إلى سواء السبيل في محاولتنا لفهم الحلم؟ فالحلم لا يقتصر على إلقاء الضوء على العلاقات القائمة بين الأنا والآخرين، ولا على إطلاق الأحكام الثاقبة والتكهنات، بل إنه يقوم أيضا على عمليات ذهنية أرقى من أفعال الذهن المستيقظ.
يؤول الأمر في النهاية إلى اتخاذ الحلم الظاهر طابع الحكاية المتماسكة والمنطقية، والتي هي كناية عن واجهة تتم خلفها دراما الحلم العاطفية. وإن الإنسان ليعجب من قدرته على صياغة وإخراج الحلم على هذا النحو الشائق والمعقد. وربما تكون تراجعت أهمية الحلم في حياة الناس، إذ كانت تصوغ قراراتهم ومواقفهم الخطيرة واليومية، ولكن ذلك لا يقلل من شأنها في وعي الإنسان لنفسه ومساعدتها.الغد