jo24_banner
jo24_banner

الجامعات والمستقبل المتخلّف

فايز الفايز
جو 24 :

الأصل أن يكون مستقبل الجامعات الأردنية مختلفا عن التاريخ الأكاديمي التلقيني، وليس متخلفا عن الثورة العلمية التي تكتسح العالم وتتجهز للدخول الى عصر جديد من سياسات التعليم والتخطيط للعصر الرقمي الذي باتت الثورة التكنولوجية تقود الأجيال فيه حتى أصبح الأطفال اليوم يتعاملون مع الأجهزة الإلكترونية الشخصية كما يتعاملون مع الحلوى والألعاب، فيما جامعاتنا لا تزال تعتمد عقلية القائد والأفراد في معسكرات التدريب، ولم تطور نفسها بل وأكثر من ذلك باتت القيادات الجامعية في السنوات الأخيرة تتبلسها حالة من الإنكار والإستعلاء على الواقع، حتى سبقتنا جامعات عربية وخليجية لا يبلغ عمرها عقداً من الزمن.

جلالة الملك في حديثه قبل أٍسبوعين أمامنا شدد على التعليم وعلى حق الشباب في تغيير نمطهم التعليمي نحو التعليم المهني والتقني الإبتكاري وما يتناسب مع أسواق العمل، وتطرق الى الورقة النقاشية السابعة التي لم تتعامل معها الجامعات ولم تبنِ على الأفكار المطروحة، وهذا واحد من مظاهر الإنكار الذاتي الذي يتضح جليا عند بعض الرئاسات، وبعد اللقاء بيوم واحد غادر جلالته الى الهند في زيارة لفتوحات إقتصادية واستثمارية وتعليمية، ورافقه عدد من شباب المدارس والجامعات المتميزين ليطلعوا على تجارب دولة تقود الإقتصاد النامي العالمي اليوم.

واليوم لا تزال الحكومة تنتظر لجنة اختيار رؤساء الجامعات، وتترك ثلاث جامعات رئيسة بلا رئيس، فيما البحث لا يزال جارياً عن صديق أو رفيق أو شخص ما ينتظر دوره في إعادة التدوير لذات السياسات المتخبطة، ومما ظهر في تسريبات وسائل الإعلام فإن المرشحين من المؤهلين جيدا، تم إستثناؤهم من سباق المنافسة، فيما تم مقابلة أشخاص يعرف الجميع أنهم لا يستطيعون الخروج من صندوق التفكير التقليدي ولن يقدموا أي جديد للجامعات الثلاث اليرموك والعلوم والتكنولوجيا والحسين. في المقابل هناك من قدموا للمقابلات من خريجي أعرق الجامعات الغربية وذوي تخصصات علمية ولهم خبرة واسعة في إدارة الجامعات ولديهم الكفاءة العالية للتعامل مع الأنماط الحديثة للتعليم، واستدراج المساعدات المالية لدعم موازنة الجامعات ، وتقديم مشاريع عمل اقتصادية ترفد الجامعات ماليا وتحد من أزماتها المالية نتيجة الإهمال والجهل في السابق، ومع هذا لم يقابلهم أحد، وهذا مرده الى عدم الجدية في إصلاح التعليم وإصلاح الجامعات وحمل لواء المسؤولية الوطنية لإعادة الإعتبار لجامعاتنا وضمان مستقبل أولادنا التعليمي.

لا يعقل أن تُشكل حكومة خلال أسبوع ثم نجلس أشهرا حتى نجد رئيسا لجامعة مرضيّاً عنه، وكأننا نبحث عن عريس لإبنتنا ، فيما اللجنة التي وقع عليها الإختيار هم من الذوات المحترمين ولكنهم سينحازون فطريا الى جيل الرعيل الأول من الكفاءات التي إستنفدت ما عندها، فكيف سنبقى ننتظر رئيس جامعة تجاوز سن التقاعد بسنوات طويلة ليدير مؤسسة جامعية طلابها من جيل الأحفاد، هناك فجوة كبيرة بين فكر الجد وفكر الحفيد يا جماعة.

من يريد أن يخدم الوطن والإرث التعليمي وأن يعالج الخلل المؤسسي للجامعات و يترجم رؤى جلالة الملك عليه أن يتعامل مع القضايا بكل شفافية ووضوح وأمانة وتنافسية شريفة، وعلى جميع من تقدموا أن تعرض سيرهم الذاتية للعامة وتكون المفاضلة على التقييم العلمي لا الإسمي،وهذا هو العدل بعينه،وعدم استقطاب كفاءات علمية عالية الجودة يعتبر جريمة بحق التعليم وبحق طلابنا، فبعد عشر سنوات لن نجد هذه الأنماط التدريسية ولا المناهج الموجودة اليوم،سيكون العالم قد تغير، فيما لا يزال الديناصورات يتحكمون بغابة التعليم المتشابكة والإرهاق المالي للمواطنين دون فائدة.

نعرف وندرك كم هي حالة النكران والمحسوبية والمزاجية التي تتحكم في عقلية كثير من مسؤولي المؤسسات العامة، وكيف يحتار بعض المسؤولين بالبحث لأشخاص بعينهم عن مناصب ومراكز وتنفيعات رغم معرفتهم بأن أولئك الأشخاص لم يقدموا شيئا ولن يقدموا أكثر من عجزهم،ومع هذا يتعمد المسؤولون استفزاز الشارع والمواطن وأصحاب الكفاءات بتخصيص وظائف بعينها لأشخاص بعينهم ، فيما رد الفعل المناوىء يستهدف قلب الدولة ورأسها بسبب فشل المسؤولين الذين يعيقون الإصلاح ولا يملكون الجرأة في تحمل مسؤولية كنه أقوالهم وأفعالهم، ليرموا فشلهم على «فوق» للأسف.

Royal430@hotmail.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير