شمس «الكرامة» إلى القدس..الزمن تغيّر
فايز الفايز
جو 24 : جاهد الملك عبدالله الثاني كثيرا خلال السنوات السابقة في شرح أهمية القدس بالنسبة للفلسطينيين وللعرب وللعالم الإسلامي، ورفع الملك وتيرة الحديث عن المدينة المقدسة خلال الأشهر الماضية مع خروج الوعد الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا لم يكن ترفا سياسيا بل إنه استحقاق أردني يلزمه كواجب الدولة العربية الأولى التي حكمت القدس وأكنافها عقب خروج الإمبراطورية العثمانية، وهذا ما كان يؤمن به الملك الحسين أيضا، فهو يعلم أن القدس هي جوهرة التاج، ولكن الملك عبدالله لا يريد أن يحكم القدس بل يريد المساعدة لإعادة حق الفلسطينيين وتثبيت حدود الحق العربي التاريخي فيها دون مزاودة أو منافسة.
في مثل هذا اليوم قبل خمسين عاما 1968 كان الحزن والخيبة والإنكسار يعتري الكيان الإسرائيلي برمته، لقد انتصر الأردن على الجيش الذي لا يقهر، جيش إسرائيل، إنها معركة الكرامة حيث تحولت النزهة العسكرية الى كارثة على رؤوس ليفي أشكول وموشيه دايان وحاييم بارليف، ويوما أسود على وجوه جيل الإحتلال الإسرائيلي الأول، المتفاخر بانتصارته السابقة على جيوش عربية عظمى كمصر وسوريا وكتائب الدول الأخرى، و من أهم نتائج معركة الكرامة الخالدة أنها أسست لأمل جديد لإعادة الهيبة لجيوش الدول العربية، وهذا من دوافع حرب تشرين 1973.
القادة الفلسطينيون للأسف لم يفهموا معادلة الحرب والسلام آنذاك ويبدو أنهم لا زالوا على ذات الفكرة القديمة، وللحقيقة فإن المقاومة الفلسطينية كان لها الفضل الكبير حين جلبت الذئب الإسرائيلي الى مقتله في سهل الغور الأردني، فعملية تفجير حافلة نقل إسرائيلية بواسطة لغم أرضي زرعه فدائيون متسللون من شرقي النهر، حرضّت القيادة الإسرائيلية لوضع «خطة احتلال» للضفة الشرقية من نهر الأردن وحتى مرتفعات السلط وعجلون ومحاصرة عشرين الفا من سكان بلدة الكرامة وإخضاعهم وترحيل المنظمات الى الشرق وتدمير البنية التحتية، وحشدت إسرائيل لهذه الغاية أكثر من أربعة ألوية مدرعة ولواء مظليين وثلاث كتائب مدفعية وسرايا هندسة وغطاء جوياً، وكانت النتيجة تلاحم السلاح الوطني، الجيش والمقاومة، وتدمير الأسطورة الإسرائيلية.
قبل خمسين عاما كان الأردن موحدا على قيادة واحدة، فيما المنظمات الفدائية المعسكرّة كانت غير موحدة، فكان ياسر عرفات يقود منظمة فتح العاصفة وجورج حبش يقود الجبهة الشعبية، ثم فرّخت المقاومة منظمات فرعية وقادة آخرين وكلّ يعمل حسب مزاجه، فيما تحاول كل دولة عربية الإستفراد بمنظمة منهم لتكون والياً عليها، لهذا بقي العمل عشوائيا ومتخالفا لأسس الثورات التحررية العالمية، على الرغم من معرفة الجميع أن الدول العربية الكبيرة لا تريد أن تدخل الحرب ضد إسرائيل مباشرة خشية الخسارة من جهة ومن جهة أخرى عدم إهتمامهم بالقدس والشعب على تلك الأرض لإنتفاء الحاجة وبعد الجغرافيا.
اليوم بعد خمسين عاما ماتت كل المنظمات الثورية بموت زعمائها، ولم تحقق شيئا على أرض الواقع، ومن لا يزال فهو على قيد المعارك الكلامية، فيما قوة إسرائيل العسكرية والسياسية تعاظمت بأضعاف ما عند العرب جميعا، وباتت هي الحديقة المزهرّة مقابل صحراء النار والدمار والثورات الفاشلة والحروب بالوكالة على أرض العرب، فأركس العراق و دُمرت الدولة الليبية وتحطمت أركان الدولة السورية التي أصبحت الجيوش تحتلها كما لو أنها في زمن الفينيقيين، وتحولت تل أبيب الى محج لتحسين صورة من يريد الفوز بمسابقة ملك جمال السياسة الحديثة، والقدس باتت آخر ما يفكر به عسكر الثورات الجمهورية.
في زمن معركة الكرامة كان الناس يحفظون أسماء القرى الفلسطينية ويملؤهم الشوق الى العودة لتحريرها، واليوم نسي العرب أسماء المدن الكبيرة هناك، وبات الخبز و تدبير شؤون المعيشة هو الهم الشاغل، ليس خارج فلسطين فحسب، بل وداخل فلسطين المحتلة، ورغم المظاهرات والمواجهات للشباب الفلسطيني مع قوات الإحتلال، فإن الإستسلام للواقع بات هو الخيار الأفضل للأغلبية ، ولتسهيل تبرير التخلّي يخرج علينا من يقول: باعوها من زمان، فمن الذي باع، المالك؟ أم الحارس؟
في هذا الزمن الجديد لم يعد بالإمكان للأردن وقيادته أن يبقى يجاهد لإحياء الأموات، فالأشهر الماضية أظهرت وشرحت كل شيء، وإذا أردنا أن نبقى حماة الديار وسندا للجار فعلينا أن نعيد بناء قوة الدولة الأردنية إقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فلا أحد يعلم ماذا يخبىء لنا المستقبل.
في مثل هذا اليوم قبل خمسين عاما 1968 كان الحزن والخيبة والإنكسار يعتري الكيان الإسرائيلي برمته، لقد انتصر الأردن على الجيش الذي لا يقهر، جيش إسرائيل، إنها معركة الكرامة حيث تحولت النزهة العسكرية الى كارثة على رؤوس ليفي أشكول وموشيه دايان وحاييم بارليف، ويوما أسود على وجوه جيل الإحتلال الإسرائيلي الأول، المتفاخر بانتصارته السابقة على جيوش عربية عظمى كمصر وسوريا وكتائب الدول الأخرى، و من أهم نتائج معركة الكرامة الخالدة أنها أسست لأمل جديد لإعادة الهيبة لجيوش الدول العربية، وهذا من دوافع حرب تشرين 1973.
القادة الفلسطينيون للأسف لم يفهموا معادلة الحرب والسلام آنذاك ويبدو أنهم لا زالوا على ذات الفكرة القديمة، وللحقيقة فإن المقاومة الفلسطينية كان لها الفضل الكبير حين جلبت الذئب الإسرائيلي الى مقتله في سهل الغور الأردني، فعملية تفجير حافلة نقل إسرائيلية بواسطة لغم أرضي زرعه فدائيون متسللون من شرقي النهر، حرضّت القيادة الإسرائيلية لوضع «خطة احتلال» للضفة الشرقية من نهر الأردن وحتى مرتفعات السلط وعجلون ومحاصرة عشرين الفا من سكان بلدة الكرامة وإخضاعهم وترحيل المنظمات الى الشرق وتدمير البنية التحتية، وحشدت إسرائيل لهذه الغاية أكثر من أربعة ألوية مدرعة ولواء مظليين وثلاث كتائب مدفعية وسرايا هندسة وغطاء جوياً، وكانت النتيجة تلاحم السلاح الوطني، الجيش والمقاومة، وتدمير الأسطورة الإسرائيلية.
قبل خمسين عاما كان الأردن موحدا على قيادة واحدة، فيما المنظمات الفدائية المعسكرّة كانت غير موحدة، فكان ياسر عرفات يقود منظمة فتح العاصفة وجورج حبش يقود الجبهة الشعبية، ثم فرّخت المقاومة منظمات فرعية وقادة آخرين وكلّ يعمل حسب مزاجه، فيما تحاول كل دولة عربية الإستفراد بمنظمة منهم لتكون والياً عليها، لهذا بقي العمل عشوائيا ومتخالفا لأسس الثورات التحررية العالمية، على الرغم من معرفة الجميع أن الدول العربية الكبيرة لا تريد أن تدخل الحرب ضد إسرائيل مباشرة خشية الخسارة من جهة ومن جهة أخرى عدم إهتمامهم بالقدس والشعب على تلك الأرض لإنتفاء الحاجة وبعد الجغرافيا.
اليوم بعد خمسين عاما ماتت كل المنظمات الثورية بموت زعمائها، ولم تحقق شيئا على أرض الواقع، ومن لا يزال فهو على قيد المعارك الكلامية، فيما قوة إسرائيل العسكرية والسياسية تعاظمت بأضعاف ما عند العرب جميعا، وباتت هي الحديقة المزهرّة مقابل صحراء النار والدمار والثورات الفاشلة والحروب بالوكالة على أرض العرب، فأركس العراق و دُمرت الدولة الليبية وتحطمت أركان الدولة السورية التي أصبحت الجيوش تحتلها كما لو أنها في زمن الفينيقيين، وتحولت تل أبيب الى محج لتحسين صورة من يريد الفوز بمسابقة ملك جمال السياسة الحديثة، والقدس باتت آخر ما يفكر به عسكر الثورات الجمهورية.
في زمن معركة الكرامة كان الناس يحفظون أسماء القرى الفلسطينية ويملؤهم الشوق الى العودة لتحريرها، واليوم نسي العرب أسماء المدن الكبيرة هناك، وبات الخبز و تدبير شؤون المعيشة هو الهم الشاغل، ليس خارج فلسطين فحسب، بل وداخل فلسطين المحتلة، ورغم المظاهرات والمواجهات للشباب الفلسطيني مع قوات الإحتلال، فإن الإستسلام للواقع بات هو الخيار الأفضل للأغلبية ، ولتسهيل تبرير التخلّي يخرج علينا من يقول: باعوها من زمان، فمن الذي باع، المالك؟ أم الحارس؟
في هذا الزمن الجديد لم يعد بالإمكان للأردن وقيادته أن يبقى يجاهد لإحياء الأموات، فالأشهر الماضية أظهرت وشرحت كل شيء، وإذا أردنا أن نبقى حماة الديار وسندا للجار فعلينا أن نعيد بناء قوة الدولة الأردنية إقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فلا أحد يعلم ماذا يخبىء لنا المستقبل.
الراي