jo24_banner
jo24_banner

توزير النواب: بين الخطط الشخصية والحزبية

المحامي صدام ابو عزام
جو 24 :

إن المطلع على واقع وتفاصيل المشاورات التي يجريها رئيس الديوان الملكي لاختيار وتسمية رئيس الوزراء مع الكتل النيابية وأن العمل الإجرائي والموضوعي واليات اختيار الكتل النيابية للأسماء المرشحة يجد بحق أن المرحلة صعبة والعمل باتجاه الحكومات البرلمانية لا يزال في البداية الطريق، ومن الجدير بالذكر أن استقرار أبجديات ومعايير لمثل هذه السوابق سيشكل مرشداً وهادياً لإجراءات وشكل المشاورات المستقبلية. من هنا تكمن ضرورة ترسيخ ومراكمة ممارسات لإنضاج تجربة وطنية حقيقية يكون من مخرجاتها حكومات برلمانية قادرة على تولي وإدارة المرافق العامة . 
ووفق فقهاء القانون الدستوري فإن من أبجديات عمل الحكومات البرلمانية هي توافر ثلاث أركان وعناصر هي: اولاً : وجود برلمان بموجب انتخابات حره ونزيهة. ثانياً : فوز الحزب الذي يشكل الأغلبية في البرلمان بتشكيل الحكومة، وفي حال تعذر حصوله على الأغلبية المطلقة تشكيل إئتلاف حزبي للفوز بالأغلبية. والثالث: الحزب الخاسر يشكل حكومة ظل لمراقبة ومتابعة كافة أعمال الحكومة وتقديم مقترحاته وانتقاداته على إدارة المرفق العام من قبل حزب الاغلبية، بهدف كسب تأييد الجماهير حول صدق ما يطرحه وتقديم رؤيته وبرنامجه للجمهور، وبالتالي يؤدي ذلك الى تداول السلطة بينهما على أساس برامجي والقدرة على خدمة قضايا المجتمع.
وبتطبيق هذه العناصر على الواقع الأردني بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية للمجلس السابع عشر بالنسبة لفوز الاحزاب والمقاعد التي حصلت عليها يجد اننا لا نزال في بداية الطريق لتشكيل أغلبية حزبية حيث حصل أكثر حزب على ثلاث مقاعد والباقي مقعدين ومقعد وبالتالي من الصعوبة بمكان تشكيل أغلبية وبذات السياق من الصعوبة بمكان أيضاً تشكيل ائتلاف حزبي بين أغلب الأحزاب لذات الاسباب.
وعليه صار مباشرة الى تشكيل كتل هلامية وغائية - كبديل - مبنية على عدة أسس إما صداقة أو علاقات شخصية أو مناطقية أو جغرافي، ومنذ بدء المشاورات مع الكتل التي تم تشكيلها نجد أن هناك خلافات وانقسامات وانشقاقات يومية ، بشكل يستطيع الجميع ملاحظة أن هذه الكتل لا تجمعها أو لم تقم نشأتها على الحد الادنى من الجوامع الفكرية المشتركة ، وإنما كانت استجابة انفعالية لواقع خالي من العمل الحزبي، مما ينعكس على مسارها في اليات التشاور لتسمية رئيس الوزراء. هذا من جهة، ومن جهة أخرى إن الدارس والباحث لأليات اتفاق هذه الكتل على تسمية شخص رئيس الوزراء والمواصفات والشروط الموضوعية التي يجب أن تتوافر فيه يجد بأن الغالبية العظماء من هذه الكتل تعمل بمعزل عن هذه المواصفات والأسس الموضوعية والمسبقة ، وانما هي نتائج ومعطيات اللقاءات اليومية أو الاسبوعية التي تتم مع رئيس الديوان الملكي أو بين هذه الكتل وغدت العملية عبارة عن تداول لأسماء الاشخاص المرشحين وإعادة ترتيب هذه الاسماء – بورصة أسماء - وخلال هذه العملية تنشب الخلافات والانقسامات داخل الكتلة الواحدة أو إئتلاف الكتل.
مخاطر هذه العملية أن شرط اللزوم الأول لتشكيل حكومات برلمانية من حيث فوز الاحزاب السياسية في الانتخابات غير متوافر، بالإضافة الى عدم إمكانية تشكيل ائتلاف أغلبية ، فضلاً عن عدم القدرة حتى من قبل الاحزاب التي لم تشكل أغلبية أن تعمل كحكومة ظل. وعليه فأن الشروط الشكلية الأولية لتشكيل حكومات برلمانية لم تتوافر، ومن الخطورة بمكان القول بتوزير أو بتكليف النواب بحقائب وزارية إذ محاذير ومخاطر هذا الاجراء أكثر بكثير من إيجابياته من حيث: قدرة الوزير على تنفيذ برامج وسياسات الحزب اذا فرضناً أن هناك برامج ، قدرة الحزب الخاسر من تشكيل حكومة ظل لمتابعة أعمال الوزير وفي حالتنا الأردنية هذه الشروط منعدمه ، وعليه سيكون ما يدور هو عبارة عن شخصنة للعمل العام ونقد ومناكفات لن تعود بالنفع على الصالح العام، ولا تعدو أن تكون اليات عمل الوزير واولوياته هي تعبير شخصي عن رؤيته لإدارة الوزارة فضلاً عن الاستفزاز أو تجيير العمل العام في الوزارة التي يشغلها لتحقيق رغائب أعضاء كتلته ليشكلوا حائط صد له في المجلس من قبل باقي النواب أو الكتل المتحركة والمتغيرة ، الأمر الذي لن يعود بالنفع على المصلحة العامة بشكل عام ، والأجدر في هذه المرحلة التأسيس لرؤيا مستقبلية حقيقية للحكومات البرلمانية والاستفادة من واقع الحالي لتلافي أوجه القصور وبناء أولويات للمجلس السابع عشر تكون أحد مخرجاتها حكومات برلمانية حقيقية من خلال تطوير قانون انتخاب عصري .

تابعو الأردن 24 على google news