ما هَكذا يُدار الشأن العام
المحامي صدام ابو عزام
جو 24 : إن المتابع لإدارة للشأن العام يدرك تماماً ويستقر في ضميره ووجدانه أن من يدير الشأن العام في البلد لا يسلك منهج رصين قويم في إدارة المرفق العام ، وما تزال القناعة راسخة لدى البعض بأن المؤسسة التي يرأسها أو هو على رأس السلم الاداري فيها جزء من تركته الشخصية أو ماله الخاص، وبالتالي يبرر لنفسه حرية الإرادة في تصحيح وتصويب والغاء وإضافة وتعديل وتبديل ما يشاء من التعليمات والسياسات واتخاذ القرارات التي يعتقد من وجهة نظرة بأنها تصب في الصالح العام .
للأسف هذه السلوكيات وغيرها الكثير ما تزال تزخر مؤسساتنا الرسمية وشبه الرسمية فيها ، ولا يتورع من يَلَوَن هذه المؤسسات من المجاهرة بمثل هذه السلوكيات، وهنا تكمن الخطورة ، إن أبسط عمل إداري أو قرار يتخذ في أي مؤسسة يجب أن يبنى على العديد من المعطيات والاجراءات الاولية لصيرورته قابلاً للإصدار والنفاذ، لزوم ذلك الافصاح والكشف عن هدف ومبتغى هذا القرار الاداري، وما هي الفائدة المرجوة من اتخاذه ومدى انعكاسه على أداء المرفق العام لتحسين الخدمة و جودتها على متلقيها أو لرفع كفاءة المؤسسة برمتها ، فضلاً عن أنه الاداة المتاحة أمام المحكمة " القضاء الاداري " لبسط الرقابة على علة ومشروعية القرار .
هناك العديد من الميزات الشخصية السلوكية والاخلاقية غير العلمية الواجب توافرها في من يتولى إدارة مرفق عام من حيث النزاهة والموضوعية والحيدة والقدرة الادارية والتحلي بالأخلاق والتواضع والرؤيا، جميع هذه السمات شخصية لا يمكن الكشف عنها بالشهادات العلمية، وهنا تكمن أهمية وألية الكشف وتقدير توافر هذه السمات في الشخص باعتبار أن الكفاية والمؤهلات هي القيود التي وضعها المشرع لهذه الغاية .
وينعكس ذلك على أليات وأدوات صنع القرار العام والقاعدة الاولى في ذلك هي عدم إبقاء مشاعر الناس قيد الامتحان المستمر والمراهنة على مشاعر الناس لدرجة التلاعب فيها من خلال القدرة على امتلاك المعلومة وتحويرها لأهواء ورغائب خاصة ، بل إن المتطلب السابق لاتخاذ القرار إتاحة معلومة صحيحة يعقبها قدرة وجراءة في اتخاذ القرار أساسه المعلومة الصادقة، تعكس شرعية القرار ومدى قدرة على تلبية الاحتياج المجتمعي وتقدير ذلك الاحتياج ، بل إن هناك جملة من الشروط فيمن لديه القدرة على تحديد الاحتياج المجتمعي ولا يتأتى ذلك الا من خلال شخص عاش في المجتمع وعاصر وكابد واختلط في المجتمع بكافة حالاته حتى نستطيع القول بأن هذا الشخص يملك قدرة ومكنة تقدير الاحتياج ، وبمفهوم المخالفة لا يمكن لشخص بلغ من العمر الثلاثين عاماً عاش منها خمسة عشر عاماً خارج البلد أن يقدر مصير واحتياج وطن بأكمله بل إن هذا الشخص غير قادر على تحديد أولويات واحتياجات أسرته وحياته الخاصة، فكيف بالمجتمع " ويحضرنا هنا مقولة شهيرة للمفكر اليوناني أرسطو عندما قال للنخب السياسية في الدولة اليونانية " تحدثوا كما يتحدث الناس العاديين " ، وما الإرث الاسلامي ببعيد عن كل ذلك ولعل الخليفة عمر بن الخطاب صاحب أكبر النظريات الادارية المطبقة حالياً عندما حضر إليه أعرابي ليلاً وقرع الباب فقال له سيدنا عمر: ماذا تريد قال أريد التحدث معك يا خليفة المسلمين، فقال له: وبأي شأن تريد التحدث، فقال الاعرابي: أنت أمير المؤمنين وماذا يعنيك بماذا أريد التحدث، فرد عليه الخليفة العادل : يا أخي حتى إذا كنت تريد التحدث بشأن عام أضيء قنديل زيته من بيت مال المسلمين ، وإذا كنت تريد التحدث بشأن خاص أضيء قنديل زيته من مالي الخاص . لعل مثل هذه القاعدة الاصولية في إدارة الشأن العام تحمل الكثير من المعاني والعبر من حيث أن العمل العام تكليف وليس تشريف، وأن من نذر نفسه لخدمة الأمه والمصلحة العامة يجب أن تبقى هذه المبادئ الأخلاقية مصاحبة له طلية فتره إدارته، مع إدراك حقيقة تسبق ذلك أن "طالب الامارة لا يؤمر" باعتبار أن توافر الشروط السابقة وغيرها الكثير يستدل عليها من خلال سيرة الشخص في المجتمع وليس هو من يزكي نفسه ، وما قصة الخليفة عمر بن الخطاب ايضاً مع قاضي الاسلام أبو موسى الاشعري ايضاً إلا شاهداً على ذلك ، بالإضافة الى أن من يقبل بذلك – أي إدارة الشأن العام – يتخلى عن الكثير من الأمور والسلوكيات مثل مزاولة التجارة والاعمال الأخرى مثل خوارق المرؤة حتى لا يسن أو يضع بدعة جديدة في المجتمع أو يخرق النظام العام ، سيما وأن منظومة النظام العام متماسكة ومستقرة أنداك وتشكل مصدر الزام لجميع أفراد المجتمع.
وفي إدارة الأموال العامة الحديث يطول ولعلنا نكتفي عند قاعدة مهمة أسس لها ايضاً الخليفة عمر بن الخطاب عندما قال " من تولى إدارة شأن عام ولم يفتقر فهو لص " وعليه فان أساس وجود الدولة بكيانها المؤسسي هي لتسيير شؤون العامة وتحقيق الرفاة العام وسد الاحتياجات العامة والحد من تضارب المصالح بقضاء عادل مستقل ، وترسيخ مؤسسية البطانة الصالحة القادرة على إسداء النص والمشورة والممثلة للشعب ، إن ما يحدث في هذه الايام هو تفصيل وتأسيس لمؤسسات على مقاس الاشخاص بل وتحجيم لعمل هذه المؤسسات على أهواء الاشخاص وأكثر من ذلك الانحراف بشرعنة القواعد القانونية لحماية أشخاص بذواتهم مع افتقاد وافتقار لفقه الاولويات في العمل العام ، إن من يريد ويقبل إدارة المرفق العام يجب إن يقبل النقد العام بل وأن مساحة النقد الموجهة له أوسع بكثير من الشخص العادي، وأن ينذر نفسه لخدمة مصالح المجتمع وعلى من لا يجد بنفسه الحد الأدنى من هذه المتطلبات فليسعه بيته ويبكي على خطيئته .
للأسف هذه السلوكيات وغيرها الكثير ما تزال تزخر مؤسساتنا الرسمية وشبه الرسمية فيها ، ولا يتورع من يَلَوَن هذه المؤسسات من المجاهرة بمثل هذه السلوكيات، وهنا تكمن الخطورة ، إن أبسط عمل إداري أو قرار يتخذ في أي مؤسسة يجب أن يبنى على العديد من المعطيات والاجراءات الاولية لصيرورته قابلاً للإصدار والنفاذ، لزوم ذلك الافصاح والكشف عن هدف ومبتغى هذا القرار الاداري، وما هي الفائدة المرجوة من اتخاذه ومدى انعكاسه على أداء المرفق العام لتحسين الخدمة و جودتها على متلقيها أو لرفع كفاءة المؤسسة برمتها ، فضلاً عن أنه الاداة المتاحة أمام المحكمة " القضاء الاداري " لبسط الرقابة على علة ومشروعية القرار .
هناك العديد من الميزات الشخصية السلوكية والاخلاقية غير العلمية الواجب توافرها في من يتولى إدارة مرفق عام من حيث النزاهة والموضوعية والحيدة والقدرة الادارية والتحلي بالأخلاق والتواضع والرؤيا، جميع هذه السمات شخصية لا يمكن الكشف عنها بالشهادات العلمية، وهنا تكمن أهمية وألية الكشف وتقدير توافر هذه السمات في الشخص باعتبار أن الكفاية والمؤهلات هي القيود التي وضعها المشرع لهذه الغاية .
وينعكس ذلك على أليات وأدوات صنع القرار العام والقاعدة الاولى في ذلك هي عدم إبقاء مشاعر الناس قيد الامتحان المستمر والمراهنة على مشاعر الناس لدرجة التلاعب فيها من خلال القدرة على امتلاك المعلومة وتحويرها لأهواء ورغائب خاصة ، بل إن المتطلب السابق لاتخاذ القرار إتاحة معلومة صحيحة يعقبها قدرة وجراءة في اتخاذ القرار أساسه المعلومة الصادقة، تعكس شرعية القرار ومدى قدرة على تلبية الاحتياج المجتمعي وتقدير ذلك الاحتياج ، بل إن هناك جملة من الشروط فيمن لديه القدرة على تحديد الاحتياج المجتمعي ولا يتأتى ذلك الا من خلال شخص عاش في المجتمع وعاصر وكابد واختلط في المجتمع بكافة حالاته حتى نستطيع القول بأن هذا الشخص يملك قدرة ومكنة تقدير الاحتياج ، وبمفهوم المخالفة لا يمكن لشخص بلغ من العمر الثلاثين عاماً عاش منها خمسة عشر عاماً خارج البلد أن يقدر مصير واحتياج وطن بأكمله بل إن هذا الشخص غير قادر على تحديد أولويات واحتياجات أسرته وحياته الخاصة، فكيف بالمجتمع " ويحضرنا هنا مقولة شهيرة للمفكر اليوناني أرسطو عندما قال للنخب السياسية في الدولة اليونانية " تحدثوا كما يتحدث الناس العاديين " ، وما الإرث الاسلامي ببعيد عن كل ذلك ولعل الخليفة عمر بن الخطاب صاحب أكبر النظريات الادارية المطبقة حالياً عندما حضر إليه أعرابي ليلاً وقرع الباب فقال له سيدنا عمر: ماذا تريد قال أريد التحدث معك يا خليفة المسلمين، فقال له: وبأي شأن تريد التحدث، فقال الاعرابي: أنت أمير المؤمنين وماذا يعنيك بماذا أريد التحدث، فرد عليه الخليفة العادل : يا أخي حتى إذا كنت تريد التحدث بشأن عام أضيء قنديل زيته من بيت مال المسلمين ، وإذا كنت تريد التحدث بشأن خاص أضيء قنديل زيته من مالي الخاص . لعل مثل هذه القاعدة الاصولية في إدارة الشأن العام تحمل الكثير من المعاني والعبر من حيث أن العمل العام تكليف وليس تشريف، وأن من نذر نفسه لخدمة الأمه والمصلحة العامة يجب أن تبقى هذه المبادئ الأخلاقية مصاحبة له طلية فتره إدارته، مع إدراك حقيقة تسبق ذلك أن "طالب الامارة لا يؤمر" باعتبار أن توافر الشروط السابقة وغيرها الكثير يستدل عليها من خلال سيرة الشخص في المجتمع وليس هو من يزكي نفسه ، وما قصة الخليفة عمر بن الخطاب ايضاً مع قاضي الاسلام أبو موسى الاشعري ايضاً إلا شاهداً على ذلك ، بالإضافة الى أن من يقبل بذلك – أي إدارة الشأن العام – يتخلى عن الكثير من الأمور والسلوكيات مثل مزاولة التجارة والاعمال الأخرى مثل خوارق المرؤة حتى لا يسن أو يضع بدعة جديدة في المجتمع أو يخرق النظام العام ، سيما وأن منظومة النظام العام متماسكة ومستقرة أنداك وتشكل مصدر الزام لجميع أفراد المجتمع.
وفي إدارة الأموال العامة الحديث يطول ولعلنا نكتفي عند قاعدة مهمة أسس لها ايضاً الخليفة عمر بن الخطاب عندما قال " من تولى إدارة شأن عام ولم يفتقر فهو لص " وعليه فان أساس وجود الدولة بكيانها المؤسسي هي لتسيير شؤون العامة وتحقيق الرفاة العام وسد الاحتياجات العامة والحد من تضارب المصالح بقضاء عادل مستقل ، وترسيخ مؤسسية البطانة الصالحة القادرة على إسداء النص والمشورة والممثلة للشعب ، إن ما يحدث في هذه الايام هو تفصيل وتأسيس لمؤسسات على مقاس الاشخاص بل وتحجيم لعمل هذه المؤسسات على أهواء الاشخاص وأكثر من ذلك الانحراف بشرعنة القواعد القانونية لحماية أشخاص بذواتهم مع افتقاد وافتقار لفقه الاولويات في العمل العام ، إن من يريد ويقبل إدارة المرفق العام يجب إن يقبل النقد العام بل وأن مساحة النقد الموجهة له أوسع بكثير من الشخص العادي، وأن ينذر نفسه لخدمة مصالح المجتمع وعلى من لا يجد بنفسه الحد الأدنى من هذه المتطلبات فليسعه بيته ويبكي على خطيئته .