حاجتنا ماسة لصناعة «سياحة» فاعلة
في معظم دول العالم يكون هناك مواسم محددة تنشط فيها السياحة، وتشهد هذه الدول نشاطا ملحوظا طوال فترة العام لجذب انتباه الراغبين في السياحة لهذه الوجهات فترة اشهر معدودة.
الاردن مختلف، فهو من الدول التي من الممكن ان تجذب السياح طوال اشهر السنة، المناخ المتعدد والوجهات المختلفة التي تلبي رغبات معظم الراغبين في السياحة اضافة الى توافر الوجهات السياحية المتعددة، كل هذه الامور تجعله المكان الامثل للسياحة في المنطقة، وبجهد معقول ممكن ان تكون وجهة سفر عالمية.
الواقع مختلف تماما، المرور في جولة لعدد من المناطق السياحية ينبئ بعكس ما يجب ان يكون، اعداد محدودة من الزوار سواء اردنيين او قادمين من الخارج في مختلف المناطق ذات الطابع السياحي، مسافات تقطع للوصول الى مرافق سياحية مؤهلة لاستقبال الضيوف، عدا عن تكاليف الانتقال والاستفادة من هذه المرافق والتي تعد مرتفعة نوعا ما.
لدينا ميزات مختلفة على امتداد المملكة على رأسها عامل الأمان الذي يعد الابرز لاستقطاب سياح، ولدينا كذلك تنوع تاريخي ترك اثره وملامحه على طول الطرقات عند الانتقال من مدينة الى اخرى، عدا عن الاجواء المسائية الساحرة اضافة الى الأجواء النهارية الجميلة، كل هذا اساسيات ومتطلبات للسائح المحلي اولا والخارجي ثانيا.
الا ان الوضع مختلف فالمملكة تصدر سياحة سنويا بمبلغ يقترب من مليار دينار، ولم تفكر اي جهة مسؤولة سوى بالاعلان عن الرقم والرغبة في تحويلها الى سياحة واردة دون العمل على تحقيق هذا الهدف، فاذا سألت احدهم لماذا يستمتع بجمال البحر الاحمر في دولة مجاورة يجيب وبدون تردد ان تكلفة رحلة ممتدة لخمسة ايام خارج المملكة تعادل ليلتين في مدينة العقبة، هذا عدا عن مجالات الاستمتاع المتوافرة خارجا وفرص قضاء اجازة سنوية بشكل اكثر اثراءً.
منذ سنوات ونحن نسمع المعنيين يشيرون ببنانهم الى واقع الحال ويرغبون بتغييره ليس اكثر، لكن هذه الرغبة غير متحققة، فالمستثمرون في القطاع السياحي يعانون من ارتفاع التكاليف التشغيلية ونسب الضرائب على القطاع، وينتظرون تحركا مسؤولا من هذه الجهات لتنشيط السياحة الداخلية، وجعل المواطن يستمتع بما وهب الله لوطنه من ابداعات خلقه، ولم نسمع عن اي محفزات جدية لتحقيق سياحة داخلية حقا.
أما السياحة الخارجية، فيعد الاردن من البلدان المكلفة للسائح من الخارج سواء على مستوى اسعار تذاكر السفر او الاقامة حتى في الفنادق تصنيف اربع وثلاث نجوم، عدا عن ارتفاع اسعار التنقلات داخل المملكة او الرحلات المنظمة، والبعض الاخر يرى في عمان واحدة من اغلى المدن العربية، وكل ذلك ناجم عن تواضع مفهومنا عن «صناعة السياحة»، وهو الامر الاهم الذي قادنا الى هذا المستوى.
لدينا فرصة حقيقة فالمنطقة ومنذ اكثر من سبع سنوات تعاني دولها من عدم استقرار وحروب اهلية ونحن بحمد الله ننعم بالاستقرار، ومازالت هناك سنوات مقبلة من الممكن ان تضعنا على قائمة الدول السياحية على مدار العام اذا نظرنا الى هذا القطاع بجدية اكبر.