الخطوات الاستباقية لـ«سند»
اعلنت الحكومة الاسبوع الماضي عن الحزمة التحفيزية الخامسة التي هي عبارة عن منصة اُطلق عليها اسم «سند» لتوحد تحت مظلتها مجموعة من الخدمات الالكترونية على اعتبار انها احد محفزات الاستثمار، ومن جانب اخر اداة توفر الجهد والمال والوقت على المواطنين لانجاز معاملاتهم الحكومية من مكان واحد، واكدت الحكومة على ان هذه المنصة اداة لمحاربة الواسطة والمحسوبية والفساد الصغير، الى حد هنا فان الاهداف سامية والمشروع وان أتى متأخرا فهو جيد، والحماسة في تطبيقه جلية على اولي الامر في تنفيذه.
لكن قبل هذا كله هل تم الاعداد مسبقا لتكون كافة معاملات المواطن ضمن المئة خدمة مبدئيا تحت مظلة هذه المنصة وهل ستكون متصلة فيما بين الدوائر الحكومية، وهل سبق الاطلاق اعداد ملفات الكترونية للمواطنين ومعلوماتهم ضمن تلك الدوائر ذات الاتصال المباشر مع الجمهور؟! يمعنى هل كانت هناك هندسة للتغير بالمعنى الحقيق للكلمة، خاصة وان مشروع رقمنة الحكومة يسير بنفس خطى واولويات ما عرف خلال العقدين السابقين بمشروع الحكومة الالكترونية الذي وقفت امامه عثرة واضحة تجلت في تهيئة البنية التحتية البشرية لانجاح ذلك المشروع.
انا وغيري من المواطنين الى الآن عند اجراء معاملة في دائرة حكومية ما وكان هناك ضرورة لاستيضاح من دائرة اخرى نضطر للانتقال بينهما خاصة عندما يخبرك الموظف ان لا معلومات على النظام بخصوصك او خصوص معاملتك، ما يعني ان الاتمام اليدوي سيد الموقف والخشية بان ما كان عائقا لانجاح «الحكومة الالكترونية» قد يكون عائقا امام انجاح «سند»، هذا مثال واحد فما بالك بارشفة الملفات وسوء حالة هذه الارشفة في العديد من الدوائر الحكومية الرسمية ذات التواصل المباشر مع المواطن، ونجزم ان بعضها لازال حتى اللحظة يستخدم الملفات الورقية بسبب سوء ارشفتها على اجهزة الكمبيوتر في هذه الدوائر.
ان التعلم من الدرس هو اساس النجاح خاصة انه يُعطي القائمين على تنفيذ المشروع استشارات مجانية عن كيفية تفادي الاخطاء التي وقع بها الغير عند الاعلان عن خدمات مربوطة بجهة واحدة، وليس ببعيد فهناك احد الوزراء في حكومة سابقة قال ان 400 خدمة ستُأتمت خلال اقل من سنة ولم نرى من هذه الخدمات شيئا.
ان الانجاز الحقيقي ليس بعدد الخدمات، بقدر ما هو التحضير والاستعداد الصحيح المتفادي لنسبة عالية من الاخطاء المحتملة، فاذا ما تم الامر لعشر خدمات فما يليها سهل وستتبع غيرها باقصر وقت واقل جهد وتكلفة، وعندها يصبح في المملكة حكومة رقمية بالمعنى الحقيقي للكلمة.