حماية الأرواح واحتواء الأزمة الاقتصادية
«كوفيد -19» او ما يُعرف بفيروس كورونا.. في وقت قياسي غير التوجهات، وحرف انتشاره بوصلة الاقتصاد العالمي برمته الى وجهة غير محددة بل ووضع جميع حكومات الدول التي انتشر فيها وغيرها امام اختبار صعب في كيفية المواءمة بين المحافظة على الصحة العامة والسيطرة على «كورونا» للحد من انتشاره وتهدئة حالة الهلع التي اصابت المجتمعات بشكل قد يكون مبالغ فيه خاصة في تلك الدول التي لم تحدث فيها حالات وفاة او زيادة كبيرة في اعداد المصابين، وفي الجانب الاخر الحد من التراجع الاقتصادي الكبير الذي حدث في وقت قياسي للعديد من الدول، حيث تدهورت قطاعات رئيسية بشكل كبير على رأسها قطاع النقل والسياحة والقطاعات الفرعية الاخرى التي اُصيبت بإنتكاسة حقيقية.
الاجراءات الذي اتخذتها معظم الدول هو التخفيف بشكل كبير من التجمعات من خلال تعطيل المدارس والجامعات واعتماد الدراسة عن بعد، والغاء المؤتمرات والفعاليات الفنية والرياضية والقائمة تطول، بالمقابل المبالغة غير المبررة من قبل المواطنين ففي كافة الدول دون مبالغة في التحوط بالمواد الغذائية خلال فترات العُطل الاجبارية بسبب المرض، وكلها جميعا مقدمة هامة لشلل اقتصادي حقيقي في اي دولة، ولا يمكن ان ترى احدا يؤكد ان هذه الاجراءات ستحد من انتشار الفيروس، انما هي اجراءات وقائية.
بعض الدول كبريطانيا قبل اتخاذها اي قرار بهذا الشأن وقيامها بتعطيل الطلبة، اجرت حملة توعية لمواطنيها والمقيمين فيها بشكل علمي وصحي، فمن المؤكد ان من سيعانون من تبعات هذا الفيروس علميا كبار السن والمرضى فقامت بعزلهم، فيما اكدت الدراسات على غيرهم من الممكن ان يمارسوا حياتهم الطبيعية مع اخذ الاحتياطات الصحية العادية التي تتلاءم مع الحد من انتشار «كورونا»، مؤكدة ان الانسان الطبيعي قد يصاب بالفيروس دون ان يشعر وان نسبة شفائه منه كبيرة جدا، كما ان صغار السن يتمتعون بدرجة عالية من المناعة، بالتالي فليس من الضرورة الاغلاق التام وعزل المواطنين عن محيطهم الطبيعي، وكل هذا يصب في مصلحة الامن الصحي والاقتصادي والاجتماعي لها، فيما قامت دولة كألمانيا باجراءات اخرى تحمي اقتصادها في خطوة استباقية لمثل هذا الطارئ غير المتوقع عالميا، فقدمت خطة لمواجه الاثر الاقتصادي لـ»كورونا» قيمتها نصف تريليون يورو، عدا عن الصين التي تعمد الى تخفيض سعر الفائدة لمساعدة القطاع الخاص، وغيرها من الاجراءات.
هذه الدول كبيرة واقتصادها قوي، واستيقنت الامر مبكرا، ومن المرجح ان تلقى الجهود الحكومية اذنا صاغية من المواطنين في ظل عمل الحكومة على المحافظة على الاقتصاد ومنع الوقوع في فخ البطالة والركود الاقتصادي، فيما نحن في الاردن يُصر مواطنون على التعامل مع ظروف الدول الاخرى، على الرغم من ان حالات الاصابة بهذا الوباء في ادنى مستوياتها والحمد الله، الا اننا قررنا الانخراط في هذه الاجواء، فقمنا بتفريغ شبه كامل للمولات التجارية بهدف التمويل لمدة اسبوعين، وسعدنا بالحجر الصحي في المنزل وكأننا لن نغادره.
بالمقابل لم تصدر الحكومة ترافقا مع قرار التعطيل اي اجراءات اخرى تُفادي الاقتصاد الوطني تداعيات هذه الازمة، وتدعم عدم انتشار هذا الفيروس من خلال اجراء فحص طبي للراغبين، فمن يريد ان يتأكد من خلوه من هذا الفيروس عليه ان يدفع 70 دينارا ثمنا لاجراء الفحص! ، لقد كان من الاجدى توفير هذا الفحص مجانا في المستشفيات الحكومية استكمالا لاجراءات الحد من انتشار الفيروس.